فحسب آيات القرآن، فالقرآن لم يفهم الآن كاملا "طبعًا"، ولن يفهم كاملًا إلا قبل قيام الساعة بوقت قليل جدًا، وقبل أن نبدأ علينا أن ندرك عن ماذا نتحدث؟ هل نتحدث عن كل كتاب الله أم عن أحد مكوناته؟
ونقول: علينا أن نفرق بين الكتاب كله والقرآن فقط الذى سمى باسمه الكتاب كله.
* وأن ندرك أن القرآن هو أكبر محتويات الكتاب ومكوناته، وأن ندرك الفرق بين آيات الكتاب كله، وآيات القرآن 5000 آية من إجمالي آيات الكتاب 6236 آية، حيث يتكون الكتاب من مكونات (أربعة) الرسالة أو أم الكتاب كما يسميها ربي، وهى بتفصيلها لا تتجاوز 1000 آية، والقرآن 5000 آية، وقصة النبي وقومه 229 آية ،ويتبقى السبع آيات المثاني؛ وهي إحدى معجزات الكتاب.
* وقبل أن نبدأ علينا أن ندرك أن القرآن هو مجموعة آيات نبوة النبي الغيبية التى خصه الله بها كمعجزة كبرى حصرية للنبي الخاتم،
وهى معجزة تفرد بها النبي عن سائر الأنبياء، حيث اقتصرت المعجزات قبله على المعجزات الحسية التى يراها الناس زمن الرسالة فقط ودمتم.
* وعلينا أن ندرك أن مجموعة آيات القرآن هي مجموعة الآيات (المخزنة) التى أخرجها الله من مخازنه الربانية (اللوح المحفوظ والإمام المبين)، وأعطاها للنبي ليبرهن بها على ألوهية الرسالة التى بين يدي الرسول، وهي آيات ليس لها أسباب أو مناسبات نزول.
قال تعالى: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ) (22) البروج
* قال تعالى: (وَمَا كَانَ هَٰذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ) (37) يونس
* وعلينا هنا أن ندرك أن الآيات فى كتاب ربى (نوعان) آيات الرسالة الخاتمة، وهي تعرف (بالآيات المُحكمات) حسب ما جاء بالكتاب وآيات إثبات ألوهية الرسالة، أو أمارة أن الرسالة إلهية وتسمى (الآيات البينات)، وعلينا أن نفرق بين الآيات المحكمات والآيات البينات؛ آيات محكمات؛ أي آيات أحكام وشريعة، وآيات إثبات أن الرسالة من الله وهي آيات بينات سيراها الناس بأعينهم وستدركها عقولهم كلما تقدم العلم طبعا، وزادت معرفة الإنسان قال ربي: (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (ص) 88
وقال ربي: (لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ ۚ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67) الأنعام.
والنبأ غيبي طبعا والآية تعني أن كل غيب خص به الرسول الخاتم سيأتي وقت ويكشفه العلم ويصل له عقل الإنسان.
* وآيات القرآن الـ5000 التي خص الله بها النبي الخاتم تضم 3 مكونات أساسية هي أسرار خلق الكون وأسرار خلق الإنسان ومحطات التطور البشري من آدم إلى محمد.
* ونقول: إنه كان سهلا ويسيرًا طبعًا أن يفهم عرب القرن السابع الميلادي الأول الهجرى، آيات الرسالة المحمدية؛ فالرسالة بسيطة وسهلة، مجموعة من الأحكام (مجموعة من الممنوعات) محرمات (14) ومجتنبات (7) ومجموعة من الفروض (22) و(مجموعة من الشعائر) (4) ستقام وتؤدى (صلاة وزكاة وصيام وحج) ونظامين لتوزيع تركة المتوفى الوصية للحي وقوانين الإرث للميت ومجموعة من العقوبات الدنيوية (10) عقوبات فقط.
* بينما كان مستحيلا طبعا أن يفهم عرب القرن السابع الميلادى ما جاء بآيات القرآن (الآيات البينات البصائر)، أنباء الغيب (الماضى والمستقبلي)، وخصوصًا ما تضمنه القرآن من آيات اللوح المحفوظ التى تحكي الغيبيات السحيقة كخلق الكون مثلا وأسرار ذلك الخلق وغلق الأرض وخلق الغازات ثم خلق الضوء ثم خلق الشمس و... وخلق البشر بعدها أيضًا، فالكون أقدم من البشر، ثم تحويل البشر إلى الأنسنة بالعدل والتسوية والنفخة والتعليم والتلقى، وهى مرحلة آدم وكل هذه الغيبيات الماضوية والمستقبليات البعيدة، أيضًا التى لم تحدث بعد كأحداث يوم القيامة وتمظهراته، وخلق الجنة والنار وكذلك ما ورد من قصص تمثل محطات التطور البشري من آدم إلى محمد وهي مجموعة الآيات التى وردت من المخزن الرباني الإمام المبين، (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ (12)) يس.
* هل كان يمكن أن يفهم العرب زمن نزول القرآن بثقفهم المعرفى المحدود جدا والضعيف علميا فى مختلف العلوم قصه خلق البشر مثلا ومراحل ذلك الخلق وهو موضوع يحاول الطب فك طلاسمه حتى يومنا هذا، وقصة خلق الكون بداية من الانفجار الكبير والعصر الهيدروجينى وعصر الماء التي روت ضمن آيات القرآن، وهى آيات تتطلب فتوحات فى علوم الفيزياء والكيمياء والأحياء والأركيولوجى والفلك ومن قبل كل ذلك الرياضيات بفروعها.
* أن فهم نبؤة النبى (الغيبيات) (آيات القرآن) يتزامن ويتناسب مع تقدم العلوم جميعا بشكل طردى، فكلما تقدمت العلوم كلما استطاع الإنسان فهم تلك الآيات فهما أفضل والوقوف على معناها الحقيقى وفك طلاسم آيات القرآن، التى نؤمن بها؛ لأننا وافقنا وارتضينا أن نؤمن بالغيب كنتيجة لإيماننا المطلق بالله ربوبيته وألوهيته.
* وعليه فلابد أن نعرف أن الادعاء بأن الجيل الأول أو الصحابة أو التابعين فهموا الدين فهما أفضل، وعرفوا ما جاء به واستوعبوه بشكل أفضل من غيرهم، كلام به كثيرا من الوهم، وغياب الحقيقة الموضوعية، فالتاريخ لا يسير إلى الوراء والفهم البشري لا يزداد كلما رجعنا للخلف وإنما العكس هو الصحيح.
* وسوف يفهم القرآن بشكل أفضل بعد أجيال وأجيال قادمة.
أي كلما زاد السقف المعرفي للبشرية، وللعقل البشري كلما سيفهم القرآن أفضل وأفضل، وستفك طلاسمه وتنكشف أسراره، وقبل الساعة سيصل الإنسان إلى الفهم الكامل لآيات نبؤة النبى محمد (ص) والتى وردت لتصديق ما بين يديه من رسالة إلهية عالمية إنسانية خاتمة.
* وآيات القرآن حصرا وفقط من آيات الكتاب كله هى الآيات التى تحدى بها الله الناس أن يأتوا بسورة من مثله، فالله لم يتحدَّ الناس بآيات الرسالة ولكنه تحداهم بآيات القرآن حصرا لأنه لا أحد يعلم الغيب إلا هو.
* (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (23) البقرة.
* (وَمَا كَانَ هَٰذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ) (37) يونس.