قالت صحيفة عمان الصادرة اليوم فى سلطنة عمان إن مشهد سقوط افغانستان أقرب إلى التراجيديا المضحكة المبكية التي تعطي دروسا للأمم والشعوب.. مشيرة الى أن ما حدث لا يؤيد مقولة إن أفغانستان مقبرة الإمبراطوريات ولكن يؤكد أن الشعوب وحدها التي تستطيع صناعة دولها من بناء على ثقافتها ومعطياتها المتوارثة.
ورأت الصحيفة فى افتتاحيتها اليوم الثلاثاء تحت عنوان" أسئلة المستقبل من أفغانستان" أن الولايات المتحدة الأمريكية فكرت أنها يمكن أن تبني مشروعًا لدولة علمانية في أفغانستان تقوم على أنقاض الدولة الثيوقراطية التي أقامها رجال الدين بعد أن سيطروا على «الحكم» في كابول عام 1996.. مشيرة الى أن الفكرة بدأت إثر الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وحلف الناتو على تنظيم القاعدة المتهم الوحيد بأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وإذا صدقنا الفكرة «تجاوزا» فإن الذي فات الولايات المتحدة الأمريكية أن الدولة لا يمكن أن تبنى من الخارج دون إرادة شعبها الذين عليهم وحدهم تقوم فكرة بناء دولتهم.
وأشارت الى أن الولايات المتحدة خاضت أطول حرب في تاريخها تحت شعار الحرية، ثم حراسة الحرية وفي سبيل ذلك أنفقت أكثر من 83 مليار دولار و2448 أمريكيًا قتلوا خلال عقدين من الزمن وأكثر من 60 ألف أفغاني راحوا ضحية تلك الحرب ولاحقًا مشروع بناء الدولة. ولم يتوقع أكثر المتشائمين مما بنته الولايات المتحدة تلك الهشاشة التي ظهرت بها «الدولة» العلمانية الأفغانية، فقد تساقطت سريعًا أمام طالبان التي سيطرت على كل مفاصل الدولة ومدنها دون أي مقاومة سواء من المؤسسات التي يفترض أن تكون قد تشكلت خلال عقدين من الزمن أو حتى من مؤسسة الجيش الذي تبخر في أجواء أفغانستان الحارة.
وقالت لقد حشدت الولايات المتحدة في أفغانستان 140 ألف جندي وبنت سفارة ضخمة جدًا، وحاولت صناعة جيش أفغاني لا يقهر قوامه مقاتلون تشهد لهم التجارب المريرة التي مرت بها أفغانستان بالقوة والبأس إلا أن كل ذلك انتهى في غمضة عين، ودون أي مقاومة للدولة المفترضة، وأسرع حتى مما توقعت طالبان نفسها التي أحكمت سيطرتها على كل شيء. لقد غادر الأمريكيون كابول بطريقة مشابهة لطريقة مغادرتهم سايغون في إبريل من عام 1975 عندما سيطرت عليها قوات فيتنام الشمالية، بل إن الولايات المتحدة أكدت مباشرة أنها ستعمل مع طالبان وفق ما قاله وزير خارجيتها أنتوني بلينكين لشبكة «سي. إن. إن» الإخبارية «أمريكا مستعدة للعمل مع طالبان إذا احترمت الحقوق الأساسية لشعبها وبشكل خاص حقوق النساء والفتيات وألا تأوي الإرهابيين».
وأكدت ان بعض تلك المليارات لو أنفقت على صناعة اقتصاد حقيقي في أفغانستان وبنية أساسية وتوفير متطلبات الحياة العصرية كفيلة بتلاشي الدولة الثيوقراطية التي عادت مرة أخرى، وعلى العالم الآن أن يجيب عن الكثير من أسئلة المستقبل.. ماذا بعد عودة طالبان؟ وهل ستعود أفغانستان أرضا للقاعدة مرة أخرى؟