الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

رفعت السعيد.. الأب والمناضل والقائد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مضت على رحيل المفكر والمناضل والإنسان والمعلم الدكتور رفعت السعيد أربعة أعوام 
رئيس حزب التجمع السابق ورئيس المجلس الاستشاري للحزب وأحد أقطاب اليسار المصرى والقومى والعالمى... افتقدناه أبًا روحيًا، ونفتقد إلى إبداعاته وتحليلاته الفكرية التى أسهمت في تطوير الفكر والرؤية اليسارية في مصر والمنطقة العربية.
كان مناضلًا من طراز فريد وهب حياته من أجل الإنسانية، رافعا رايات العدل والمساواة والمحبة والإخاء لروحك السلام والسكينة.
كان الأب حيث نشأت على صداقته مع أبي المرحوم محمد مراد، وكان رفيقًا وأبًا لأسرة، أذكر مواقفه معنا أيام اعتقالات الأب ثم الأخ، وأيضا كيف كان يتدخل من أجل علاقتي بزوجي أحمد نصار بدءا من حضوره الفرح، ودفع د أحمد نصار زوجي إلى الانتهاء من كلية الطب، وظل معنا حتى مرضه، ثم حضر حفل تأبينه. ولا أنسي تربيتنا كجيل على كتاباته الاشتراكية والعلمانية ومواقفه الكبيرة ضد الجماعات المتأسلمة، والتي كانت من الكتابات المهمة في تاريخ الفكر المصري.. مما عرضه للتهديد بالقتل وعرض حياته للخطر الدائم.
أذكر أنني طلبت منه التدخل لحل مشكلة الغارمات، قبل أن يتحدثوا عن تلك المشكلة، وكان تحدث مع الرئيس السيسي والرئيس السيسي تولى الأمر بناءً على طلبه وفكرته.
رحل المؤرخ الكبير والسياسي البارز الدكتور رفعت السعيد، وفي الذكرى الرابعة لرحيله نتذكر، بعد أن ترك إرثًا تاريخيًا كبيرًا يُشكل مرجعًا دسمًا للباحثين والأجيال الجديدة الباحثة عن الحقيقة من مصادرها. أبرز أعماله التي صاغها؛ "حسن البنا: متى، وكيف، ولماذا"، و"ضد التأسلم"، تاريخ الحركة الاشتراكية في مصر ١٩٠٠-١٩٢٥، صدر بعام ١٩٨٠، ثورة ١٩١٩ القوى الاجتماعية ودورها، محاولة لرؤية جديدة، صدر بعام ٢٠٠٩، عمائم ليبرالية.. في ساحة العقل والحرية، صدر بعام ٢٠٠٢، مجرد ذكريات، صدر بعام ٢٠٠٠، وغيرها، هذا المناضل الكبير الذي دخل في صراعات مع الحكم منذ الستينيات حتى السبعينيات أيام السادات ومبارك، إذ إن كل كتاباته كانت من أجل العدالة الاجتماعية، فلم يتنازل قيد أنملة عن هذه المبادئ، فكان نموذجًا للمثقف العضوي المتفاعل الذي لا يتناقض فكره مع تصرفاته..
انبثقت كتاباته من واقع مبدئه الاشتراكي، فكتب ضد جماعة الإخوان الإرهابية باعتبار أنهم أرادوا أن يشدوا المجتمع إلى الخلف والهاوية، محذرًا القارئ من انحرافات ومغبة الارتباط بهذه الجماعة.
هذا هو الأب والمناضل والمؤرخ، قامة علمية وسياسية رفيعة، زاوج بين العلم النظري وممارسة السياسة، وهو موسوعي المعرفة، وقامة ثقافية رفعية، قام بالكتابة في مجالات عديدة، وإن كان ولعه الأساسي والرئيس كان في اهتمامه بالكتابة التاريخية حيث ألف مجموعة من الدراسات المهمة في المراحل تاريخ مصر الحديث والمعاصر، وكان موقفه من الإسلام السياسي، فهو الذي صك مصطلح الجماعات "المتأسلمة"، ودخل في معارك كثيرة، مع أقطاب هذا التيار، وعندما كتب كتابًا عن حسن البنا، وعندما كتب أكثر من كتاب عن تاريخ التأسلم في مصر، كان ناقدًا عنيفًا لأفكار هذه الجماعات على المستوى الذي يلعب دورًا مهمًا في معارضة نظام أنور السادات، وكانت له مواقفه ضد سياسات الرئيس السادات ومبارك، وصولا إلى ثورة ٢٥ يناير، إذ يؤكد: "يُعد السعيد من رموز النخبة التي خرجت في ٢٥ يناير، منتفضة ضد استبداد استمرار مبارك وضد فكرة توريث جمال مبارك، وصولا إلى مواقفه مع ثورة ٣٠ يونيو والتمهيد لها كل ذلك أدي إلى أنه كان يدفع الثمن بسبب نضاله وأفكاره، من العصر الملكي وحتي عصر السادات، فلم يتخل عن أفكاره، وأدى ذلك إلى دخوله السجن أكثر من مرة، والحقيقة أنه نموذج المثقف الذي قرر أن يظل معارضا ويدفع الثمن.
تحية إلى رفعت السعيد الأب والمناضل والقائد.