الإثنين 16 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

صيام عاشوراء سُنة عن النبي ﷺ

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

استطلعت منذ أيام دار الإفتاء هلال شهر المحرّم أول شهور العام الهجري الجديد، وأحد الأشهر الحُرُم، ويُعرف تاسوعاء بأنّه اليوم التاسع من شهر المحرّم، كما يُعرف عاشوراء بأنّه اليوم العاشر من ذات الشهر، ويوم عاشوراء يوم مبارك له فضل عظيم وحرمة كبيرة ومعظم منذ القدم، وصيامه كان معروفًا بين الأنبياء عليهم السلام؛ فقد صامه موسى عليه السلام شكرًا للَّه عزَّ وجلَّ، ثم صامه أتباعه من اليهود وكانوا يعظمونه ويتخذونه عيدًا لهم، ويلبسون فيه نسائهم حليهم واللباس الحسن الجميل، وسر ذلك عندهم أنه اليوم الذي نجّى اللَّه فيه موسى عليه السلام وقومه من فرعون وجنوده، وكان صيام يوم عاشوراء معروفًا في أيام الجاهلية قبل البعثة النبوية؛ فقد ثبت عن عائشة رضي اللَّه عنها أنها قالت: "إن أهل الجاهلية كانوا يصومونه"، وقال القرطبي: لعل قريشًا كانوا يستندون في صومه إلى شرع من مضى كإبراهيم عليه السلام، وقد ثبت أيضًا أنَّ النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كان يصومه بمكة قبل أن يهاجر إلى المدينة، وقد ورد في فضل صيامه عدّة أحاديث، منها ما رواه البخاري عن عبد الله بن عباس رضي اللَّه عنهما أنّه قال: "ما رأيتُ النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يتحرَّى صيام يومٍ فضَّله على غيره إلَّا هذا اليوم «يوم عاشوراء»، وهذا الشَّهر «شهر رمضان»"، وفي هذا الحديث يحكي عبد اللَّه بن عباسٍ رضي الله عنهما أنَّه ما رأى النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يتحرَّى أي: يقصد ويبالغ في طلب صيام يومٍ فضَّله على غيرِه إلَّا هذا اليوم يوم عاشوراء، فكان شديد الإهتمام بصيامه والحرص عليه لينال فضله وثوابه.

صيام يوم عاشوراء سُنة قولية وفعلية عن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم؛ فقد صامه وأمر بصيامه، فعن عبد اللَّه ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: "قَدم النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: «ما هذا؟»، قالوا: هذا يومٌ صالح هذا يومٌ نجَّى اللَّه بني إِسرائيل من عدوِّهم، فصامه موسى، قال: «فأَنا أَحقُّ بموسى منكم»، فصامه، وأمر بِصيامه" [رواه البخاري]، ويترتب على فعل هذه السُنة تكفير ذنوب سنةٍ قبله؛ فعن أبي قتادة رضي الله عنه، أن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: «صيام يوم عرفة، أحتسب على اللَّه أن يكفّر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على اللَّه أن يكفّر السنة التي قبله» [رواه مسلم]، وهذا من فضل اللَّه علينا أن أعطانا بصيام يومٍ واحد تكفير ذنوب سنةٍ كاملة، ويستحب صيام يومٍ مع يوم عاشوراء لمخالفة أهل الكتاب فقد عزم النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم في آخر عمره على أن لا يصوم يوم عاشوراء مُفردًا بل يضم إليه يومًا آخر بصيام يومٍ قبله أو يومٍ بعده مخالفة لأهل الكتاب في صيامه؛ ففي صحيح مسلم عن عبد اللَّه ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "حين صام رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول اللَّه: إنه يوم تعظِّمه اليهود والنصارى، فقال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم «فإذا كان العام المقبل إن شاء اللَّه صمنا اليوم التاسع» قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم" [رواه مسلم]، أي: أنَّه كان قد عزم على أن يصُوم يوم تاسوعاء مع يوم عاشوراء؛ ففي الحديث دليل على أنه يستحب لمن أراد أن يصوم عاشوراء أن يصوم قبله يومًا، فيكون صوم التاسع سُنة وإن لم يصمه النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، لأنه عزم على صومه، وضمه إلى العاشر ليكون مُخالفًا لأهل الكتاب، فإنهم كانوا يصومون العاشر فقط، وعن مراتب صومه فقد ذكرها ابن القيم في كتابه زاد المعاد فقال: "فمراتب صومه ‏ثلاثة: أكملها: أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه ‏أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم"..كل عامٍ وأنتم بخيرٍ.. الدكتور صفوت محمد عمارة، من علماء الأزهر الشريف.