تتوالى الأنباء حول تقدم حركة طالبان واقتراب سيطرتها على أفغانستان بشكل عام، بعد اقترابها من كابول عاصمة البلاد، ما أحدث صدمة في الاقتصاد الدولي، بعد أن انتقلت أخبار طالبان من سفوح جبال أفغانستان إلى البورصات الدولية.
وأربك التقدم السريع لمقاتلي الحركة أسواق المال وحركة التجارة والاستثمار والتنقل في البلدان المجاورة مثل إيران وطاجيكستان وتركمنستان وأوزبكستان وباكستان وقد تراجعت بالفعل أسعار السندات الباكستانية بنسبة 8% العام الجاري.
ويترقب العالم موجة أو أكثر من اللاجئين أو ربما تسريب جماعات عنيفة يمكنها زعزعة استقرار الدول المحيطة ما يهدد التعافي العالمي الذي بالكاد تحقق بعد انحسار وباء كورونا.
وربما يمتد تأثير الأزمة والحرب في أفغانستان لمناطق بعيدة من العالم وما يهدد حركة الاستثمار والتجارة العالمية وانتقال الأموال وأسواق المال وربما يطلب الكثير من الأفغان اللجوء إلى أوروبا أو إلى تركيا أو دول أخرى ما يزيد الضغط على "اليورو" والليرة التركية وغيرها.
ومن أهم المخاوف التي تفرضها اللحظة الراهنة هو انهيار الاقتصاد الأفغاني في حال أوقف المجتمع الدولي معوناته ومساعداته لأفغانستان وعودة طالبان للحكم وربما اندلاع حرب أهلية من جديد على غرار تسعينيات القرن الماضي.
وبعد الإطاحة بنظام طالبان من الحكم عقب أحداث 11 سبتمبر انتعش الاقتصاد الأفغاني بفضل ضخ مليارات الدولارات من المساعدات الدولية والتي وصفت وقتها بالمساعدات السخية من خلال إقامة عدد كبير من المؤتمرات الدولية في عواصم أوروبية وآسيوية ووعدت كلها بتقديم مليارات الدولارات للنهوض بالمؤسسات الأفغانية الحيوية ومساعدتها في إنعاش اقتصادها المريض وتحسين ظروف حياة ملايين الأفغانيين الذين يعيش أكثر من نصفهم تحت خط الفقر وفقا للأمم المتحدة، كما اقتصادها مهدد بالانهيار بعد الأحداث الأخيرة وهناك مخاوف من هروب الاستثمارات.
والمتتبع لخريطة أفغانستان يجد أنها تقع في منطقة جبلية وليس لها منافذ على المياه الدولية، كما أنها محاطة بالجبال الصعبة ولها حدود شاسعة مع إيران تبلغ مساحتها 900 كيلومتر ومع باكستان 400 كيلومتر ولها حدود كبيرة مع جمهوريات آسيا الوسطى مثل طاجيكستان وتركمنستان وأوزبكستان ويصعب مراقبتها أو السيطرة عليها.
وأدت حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي في أفغانستان إلى ارتفاع الفقر والبطالة والتضخم والأمية وتدهورت الأوضاع المعيشية والتعليمية والصحية فقد عانت البلاد من الاحتلال السوفيتي منذ 1979 والمقاومة له حتى رحل عام 1989، ثم دخولها مرحلة الحرب الأهلية ما بين الفصائل المتناحرة وظهور طالبان أواخر عام 1994 ثم دخولها العاصمة كابل عام 1996، ثم الحرب الأمريكية على أفغانستان منذ أكتوبر 2001 مع قوات من أكثر من 40 دولة، ثم أخيرا سيطرة طالبان من جديد.
ولا تزال أفغانستان حتى الآن أكبر منتج للأفيون في العالم، ويقدر المسئولون البريطانيون أن نحو 95 % من الهيروين الذي يصل إلى بريطانيا مصدره من أفغانستان ووفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة، فقد زادت زراعة الخشخاش في أفغانستان بشكل كبير في السنوات العشرين الماضية، ولا تزال 22 مقاطعة من مقاطعات البلاد تقوم بزراعة الخشخاش، رغم الحوافز المقدمة للمزارعين للتحول إلى زراعة المحاصيل الأخرى مثل الرمان أو الزعفران، وغالبا ما يجبر مزارعو الخشخاش على دفع ضرائب على أرباحهم لمقاتلي طالبان.
وحسب وكالات الاستخبارات فإنه أنه من المستحيل إجراء قياس دقيق لمقدار الأموال التي تمكنت طالبان من جمعها بدقة، لكن التقديرات تترواح بين 300 مليون دولار و1.6 مليار دولار سنويا.