الإثنين 04 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

"رحيق الاستشهاد".. أقباط مصر قدموا صورة مضيئة لمعانى المواطنة

صورة أرشفية
صورة أرشفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حول تلك الأحداث التي وقعت، يوم الأربعاء الدامى 14 أغسطس 2013، أصدر الأنبا مكاريوس، الأسقف العام لإيبارشية المنيا وأبو قرقاص للأقباط الأرثوذكس، كتابا يحمل عنوان: "رحيق الاستشهاد"، قدمه قداسة البابا تواضروس الثانى، قائلا: "هذه صفحات للتاريخ نسجلها وما زالت الأحداث الدامية ماثلة أمامنا: كوطن وككنيسة وكمجتمع.. نسجلها بصدق شهادة لكل العالم، وكيف قدم أقباط مصر صورة مضيئة عن معانى الوطنية والأخوة والمواطنة، وكيف طبقوا الوصية المسيحية بصورة أذهلت العالم والمصريين.. إننا نحبكم أيها المعتدون.. ونسامحكم.. ونغفر لكم، ونصلى من أجلكم وسلامة حياتكم.. ومبارك شعبى مصر".
يضم الكتاب الوثائقى ثلاثة فصول؛ الأول: أبواب الجحيم لن تقوى عليها، ويضم الأماكن والأحداث من قبل الإرهابيين في سوهاج والمنشاة، وأسيوط، وأبنوب والفتح، والقوصية ومير، ودير مواس، والمنيا وأبو قرقاص، وسمالوط، وبنى مزار، ومغاغة، والفيوم، والجيزة، وأطفيح، وشمال الجيزة، 6 أكتوبر وأوسيم، وشمال سيناء، والقاهرة، والإسكندرية، وبيانات الكنيسة المركزية والبيانات المحلية.
أما الفصل الثانى فيشمل: المقالات التى صدرت إبان هذه الأحداث، والفصل الثالث: الملاحق، ويضم قائمة بالكنائس والمنشآت المسيحية التى تعرضت للاعتداءت والتدمير، وقائمة تضم ممتلكات المسيحيين التى تعرضت للاعتداء.
ورصد الكتاب عدد الكنائس التى تم حرقها وتدميرها بالكامل والتي وصلت إلى 36 كنيسة ومنشأة مسيحية، في حين تم حرق وتدمير 16 كنيسة ومنشأة بشكل متوسط، و8 بشكل جزئى، كما تم نهب وسلب 4 كنائس ومنشآت مسيحية، وبلغ عدد الخسائر في ممتلكات الأقباط الخاصة 421، كما جرح وأصيب وقتل العشرات، ومنهم من تم التمثيل بجثته مثل إسكندر طوس بدلجا بالمنيا.
وقدم الأنبا مكاريوس لتلك الشهادة، قائلا: "تعرضت الكنيسة لهجمة شرسة من المتشددين الإسلاميين، واستهدفت جميع الكنائس، ومؤسساتها إضافة إلى المساكن والمتاجر، في ذلك اليوم تعرضت حياة جميع أقباط مصر للخطر، وتوقع كل قبطى أن الموت قاب قوسين أو أدنى منه، وكذلك توقعوا فقدان كل ممتلكاتهم العامة والخاصة، وبينما كانوا يسمعون ويقرأون عن عصور الاضطهاد والاستشهاد، فقد عاشوا هذه الخبرة.
وكان من نتائج ذلك سلوك المسيحيين بشكل يمجد الله ويعكس محبتهم للوطن ونبذهم للعنف، لم يرفعوا عصا أو يرفعوا حجرا في وجه المعتدين، وهكذا تأكد للجميع أنه لا أسلحة في كنائسهم كما ادعى البعض عليهم، بل تجاوزوا الأزمة وشجعوا أولادهم وعادوا إلى كنائسهم المحترقة يصلون فيها لأجل الذين أحرقوها، طالبين من الرب أن يغفر لهم..» وأضاف «نال الأقباط الكثير من التقدير والتكريم.. وذاق الأقباط طعم الاستشهاد والشهادة للمسيح، واختبروا معانى أعمق للكنيسة".
ويختتم الأسقف: "عاشت مصر وعاشت الكنيسة منارة للحب والتسامح وشاهدة لله والمجتمع"، تلك هى شهادة الأسقف الثائر.. الوطنى الذى يذكرنا بالآباء المؤسسين الشهداء، وأساقفة لاهوت التحرير في أمريكا اللاتينية، ورغم الإرهاب الدموي، لكن الأقباط يعتبرون أن كل ذلك "ثمن بسيط للحرية"، كما قال قداسة البابا تواضروس الثانى.. وما أضافه البابا من أن "وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن".. وتعيش بيننا تلك المقولة، مثل مقولة البابا شنودة الثالث:"مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطن يعيش فينا".


كتاب "رحيق الاستشهاد"، قدم له قداسة البابا تواضروس الثانى قائلا: "هذه صفحات للتاريخ نسجلها وما زالت الأحداث الدامية ماثلة أمامنا كوطن وككنيسة وكمجتمع، نسجلها بصدق شهادة لكل العالم وكيف قدم أقباط مصر صورة مضيئة عن معانى الوطنية والأخوة والمواطنة وكيف طبقوا الوصية المسيحية بصورة أذهلت العالم والمصريين إننا نحبكم أيها المعتدون.. ونسامحكم.. ونغفر لكم.. ونصلى من أجلكم وسلامة حياتكم.. مبارك شعبى مصر.

حرق وتدمير منشآت الدولة
وتبين من تقرير صدر عن ديوان عام محافظة المنيا عام 2013، حدوث تلفيات نتيجة أعمال تخريبية وحرائق بـ10 مراكز وأقسام شرطة و5 مجمعات للمحاكم والنيابات و3 مباني إدارية لمجالس المدن و3 جمعيات ومؤسسات أهلية قبطية و7 مدارس ومبنيين للإدارات التعليمية ومقرين لإدارة المرور.
كما تم حرق ونهب متحف ملوي الأثري والمصنف عالميا كأحد المتاحف العريقة بمصر، وحرائق باخرتين سياحيتين ومبنى هيئة الاستعلامات السياحية بكورنيش النيل وحجرة الاستعلامات بمدخل ديوان عام المحافظة وحرائق بعدد من سيارات الأهالي وواجهة بعض المحلات التجارية.

صمود الأقباط وبكولة الأنبا مكاريوس
احتفل الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا هذا العام 2021، بعيد ميلاده الـ63 والعيد الـ43 لرهبنته والـ17 لأسقفيته، هذا الأسقف المعروف بمواقفه القوية ضد جماعة الإخوان الإرهابية قبل وبعد فترة حكمهم المشئومة لمصر.
وبسبب ذلك، حاولت جماعات من طرف الإخوان اغتياله، وفى 30 سبتمبر 2013، أصدرت مطرانية المنيا وأبوقرقاص بيانا، حول محاولة اغتيال الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا أثناء وجوده بقرية "السريو"، حيث قالت: "في السابعة من صباح اليوم وأثناء توجه الأنبا مكاريوس، الأسقف العام للمنيا وأبوقرقاص، لتقديم واجب العزاء في المرحوم "كريم سمير لمعي"، والذى قتله الإرهابيون في عزبة "السريو"، التابعة لقرية جريس، مركز أبوقرقاص، تعرّض هو ومن معه لإطلاق نار كثيف من قبل بعض الإرهابيين الذين كانوا يترقبون لحظة وصوله، ولم يتوقفوا عن إطلاق النار حتى غادر الأسقف ومن معه القرية بعد ساعة ونصف".
ولم يتوقف الأنبا مكاريوس عن التصدى لجماعات الإرهاب طوال فترة الإخوان وبعدها، كما أن المنيا شهدت دائما تماهيا بين الأحداث الكبرى والإيبارشية، مثلما حدث بعد إنهاء اعتصامات النهضة ورابعة انتقم الإخوان من الأقباط لتأييدهم الرئيس عبدالفتاح السيسي وحرقوا ونهبوا كنائس الإيبارشية وممتلكات الأقباط.
لكن يظل الأنبا مكاريوس هو الوحيد الذى استمر في إيبارشية المنيا وأبوقرقاص في ظل أعقد مراحل مر بها الوطن والإيبارشية، وعاصر ثورتى 25 يناير و30 يونيو، كما عاصر خمسة رؤساء: مبارك والمجلس العسكرى ومرسى وعدلى منصور والسيسي، وتسعة محافظين للمنيا: فؤاد سعد الدين، وأحمد ضياء الدين، وسمير سلام، وسراج الدين الروبي، وصلاح زيادة، وطارق نصر، وعصام بديوي، وقاسم حسين، وأسامة القاضي.
وكانت المنيا في بعض الفترات إمارة للإرهاب، وشهدت في تلك الفترة "61" توترا طائفيا وإرهابيا، أكثرها أثناء حكم الإخوان، لم تسكت الخلايا النائمة للإرهابيين الإخوان، وتعرض المواطنون المصريون الأقباط في المنيا من 2014 وحتى الآن، إلى 27 حادثا متنوعا، منها تصدى المتطرفين لبناء كنائس، وحرق كنائس وهجوم على ممتلكات، وعقاب جماعى، بواقع حادث تقريبا كل شهرين.
وللأسف عقدت في هذه الفترة 6 جلسات عرفية، ولم تنته قضية بشكل قانونى حتى الآن، إضافة إلى أن هناك ميراثا من زمن نظام مبارك، وهو إغلاق "أمن الدولة السابق" لبعض أماكن الصلاة (شبه الكنائس) لأسباب أمنية!!.
ومن المعروف أن هناك 13 قرية من غرب مغاغة، وحتى غرب دير مواس تكررت فيها هذه الظواهر، مثل: (ميانة، الجلاء، العور، أسمنت وعرب أسمنت والكرم، وأبو قرقاص، وصولا لدلجا والبدرمان، غرب ملوى ودير مواس) هذه القرى يتبعها نحو 12 نجعا وتابعا، ليس بها كنائس، وتتواتر بها المشكلات.
ومع احترامى وتقديرى لأهلى من سكان هذه القرى، فكانت الأكثر تصويتا للإسلام السياسى في انتخابات برلمان 2012، والرئاسية في 2013، ومن يدرس الضحايا في اعتصامى رابعة والنهضة سيجد وجودا واضحا من قرى المنيا إلى حد أنه كانت هناك رحلات أسبوعية إلى هناك، بحيث يقدر نسبة المعتصمين في النهضة ورابعة حينذاك من المنيا فقط ب 30%، وهم أيضا من القري الأكثر فقرا، ويزداد بها بيزنس الآثار والسلاح.

حكمة البابا شنودة
تعلم مكاريوس من حكمة البابا شنودة حينما عمل سكرتيرا له قبل انتقاله إلى المنيا، لتتم سيامته فيما بعد أسقفا على كنائس المنيا، في 31 مايو عام 2004، سبعة عشر عاما من النضال الروحى والثقافى والتنموي، كراع ومعلم وأب أسقف، يجلس مع فقراء شعبه على الأرض، ويفوت على الأرض تصلى وتصبح كنائس، تحمل ما لا يتحمله أسقف، خاصة بعد الحرب التى شنها الإخوان على كنائس مصر والمنيا بعد فض الاعتصامات الإرهابية في رابعة والنهضة.

معلم عظيم
والأنبا مكاريوس معلم عظيم وأب أسقف، ويمتلك روح راهب وعقل عالم وقلب فلاح، يعلم الفرق بين طوبة وبرمهات، ويتحسب الشمس في بشنس ورياح أمشير، راهب من عمق برية شهيت، قادم إلينا من القرن الرابع للقرن الحادى والعشرين يحمل كل روح الأصالة، وكل عمق المعاصرة، فك شفرة المنيا روحيا وتنمويا وأمنيا بشكل غير مسبوق.
راهب لكنك تشعر بأنه رجل دولة أكثر من كثير جلسوا على كراسى الوزارة، من "المستوزرين" الأقباط، تجاوزت ثقافته العلوم الكنسية والدينية فلقب بـ"أديب الكنيسة"، لما له من القصص والكتب، لذلك بعد جلوس قداسة البابا تواضروس الثاني، في نوفمبر 2011، صار الأنبا مكاريوس مشرفًا على إصدار مجلة الكرازة.

رحيق الاستشهاد
الكتاب يعرض أحداث الأربعاء الدامى، الذى تعرضت فيه كنائس المسيحيين ومؤسساتهم وممتلكاتهم لهجمة شرسة، وكانت قد سبقت تلك الاعتداءات تهديدات لجميع الأقباط في طول البلاد وعرضها، سواء من أعلى المنصات- كما تؤكد مقاطع الفيديو- أو من خلال المنشورات التى وزعت وفيها تهديد صريح باستهداف كل من الأقباط والمؤسسة العسكرية وقوات الجيش، أو من خلال بعض الخطب التحريضية في بعض المساجد، وقد قامت الكنيسة في أكثر من مكان بنقل هذه التخوفات إلى المسئولين.
أطلقت إيبارشية المنيا مبادرة تحويل اليوم الذى تمت فيه الاعتداءات إلى عيد قبطى يحمل معنى الفرح والفخر.. ويقول الأنبا مكاريوس تلقينا العشرات من الاقتراحات بخصوص اسم لهذا العيد، مثل: رحيق الاستشهاد، التقدمة، الكنيسة مجمرة بخور، من أجل الوطن، نيروز جديد، نيروز صغير، عيد النصرة، الابن الضال، ذبيحة حب، حصاد البركات، ذبيحة المسيح.
عيد القرابين المقدسة، عيد الوطنية القبطية، ضريبة وطنية الأقباط، عيد الكنيسة القبطية المصرية.. ويظل الانبا مكاريوس قيمة روحية، ورمز وطني، ومفكر تنويري.