حالة من الغموض تسيطر على سوق السيارات العالمي والمحلي، مع استمرار أزمة النقص الحاد في أشباه الموصلات الذي تطلق عليه أيضا "تشيباجيدون"، التي تسببت في تباطؤ الإنتاج وتوقف المصانع العالمية.
وقال خبراء السيارات: إن قطاع صناعة السيارات تلقى ضربة كبيرة بسبب نقص الإمداد بأشباه الموصلات مع تباطؤ الإنتاج وتوقف عمل المصانع.
وحذر الخبراء من تداعيات أزمة نقص الرقائق، والتى ألقت بظلالها في السوق المحلية بعد إعلان بعض الشركات تحديد إنتاجها مؤقتا لحين حل الأزمة، مؤكدين أنها ستؤدى إلى تفاقم أزمة قوائم الانتظار الطويلة والأوفر برايس، علاوة على قيام الشركات العالمية برفع أسعار طرازاتها.
وقال المهندس حسين مصطفى، خبير صناعة السيارات: إن أزمة نقص الرقائق الإلكترونية التي ضربت المصانع والشركات العالمية أثرت على السوق المحلي وتسببت في زيادة الأوفر برايس وتفشي قوائم الانتظار الطويلة.
وأضاف مصطفي لـ"البوابة نيوز"، أن إعلان الكثير من المصانع العالمية تحديد إنتاجها أثر بالسلب على الكميات المتفق عليها لصالح الوكلاء والمستوردين في مصر، مما جعل بعضهم يعلن بالفعل عن وقف باب الحجز على بعض الموديلات لنهاية العام الجاري.
وذكر خبير السيارات، أن مشكلة الرقائق الإلكترونية هي مشكلة كبيرة تهدد مستقبل سوق السيارات عالميا ومحليا، حيث أنها تتواجد في حوالي 40% من مكونات السيارة تتحكم فيها منها التحكم الإلكتروني ووسائل الأمان والحساسات و كل الأجزاء الإلكترونية التي تدير أداء السيارة بالكامل.
وأوضح مصطفي، أن السيارات الحديثة حاليا أصبحت تدار بجهاز كمبيوتر يتلقى الإشارات والإنذارات من حساسات منتشرة في أنحاء السيارة ويقوم بضبط الأداء وتفعيل وسائل الأمان والحصول على أفضل أداء للسيارة.
وأشار إلى أن السيارات الحديثة تعتمد على الإدارة بالكمبيوتر وهذا يعتمد بالتالي على الرقائق الإلكترونية التي تتلقي الأوامر وتعطي الحلول المناسبة للحصول على أقصي درجات الأمان وأفضل أداء للسيارة.
وذكر خبير السيارات، أن الرقائق الإلكترونية تشكل نسبة كبيرة من عمل السيارة، لافتا إلى أن العالم يشهد أزمة كبيرة من نقص تلك الرقائق نظرا لنقص التصنيع بسبب الإغلاقات المتكررة للمصانع ونظرا لاعتماد صناعات أخرى غير صناعة السيارات على تلك الشرائح الإلكترونية مثل المحمول والألعاب الإلكترونية.
وأشار مصطفى إلى أن سبب أزمة نقص الرقائق هي الشركات التي تحتكر صناعتها حيث توجه أغلب انتاجها إلى الصناعات الأخرى التي تطلب كميات هائلة منها مثل صناعة الموبايل والكمبيوترات وصناعات الألعاب الإلكترونية.
وتابع: أن ما يطلبه مصنعي السيارات لا يتجاوز 20% من حجم إنتاج تلك الرقائق وتتجه 80% إلى الصناعات الأخرى، لافتا إلى أنه كان خطأ مصنعي السيارات أنهم لم يلجأوا إلى تخزين تلك الرقائق التي تدخل في مكوناتها العديدة لأنه لم يكن أحد يتوقع مثل ذلك ولأنها كانت تعتقد أن التخزين غير اقتصادي حيث انه يعتبر رأس مال متوقف.
وتوقع خبير السيارات، انتهاء الأزمة مع نهاية العام الجاري أو خلال الربع الأول من 2022، حيث بدأت بعض الدول بالتعاون مع الشركات العالمية في إنشاء مصانع لحسابها الخاص لتلبية احتياجاتها من الرقائق، مؤكدا أنه مع حل الأزمة ستنتهي ظاهرة الأوفر برايس وتختفي قوائم الانتظار الطويلة.
وفي السياق ذاته، كشف الدكتور صلاح الكموني، عضو الشعبة العامة للسيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، عن مدي تأثر السوق المصري بأزمة نقص الرقائق الإلكترونية التي تسببت في تأخير وصول بعض الموديلات الجديدة إلى السوق المحلي.
وأضاف الكموني لـ"البوابة نيوز"، أن الوكلاء المحليون يتنافسون على تقديم الموديلات الجديدة رغم أزمة نقص أشباه المواصلات التي تعاني منها معظم الشركات العالمية.
وأوضح أن الأيام الماضية شهدت طرح عدد كبير من السيارات موديلات 2022، رغم الأزمة، لافتا إلى أنه رغم ذلك أثرت الأزمة العالمية على تقديم السيارات في موعدها، حيث تسبب في تأخر بعض الموديلات الجديدة.
وأشار إلى أن تنوع الموديلات والطرازات أمام المستهلك المصري سيساعده على اختيار السيارة الأفضل سعرا وجودة بالنسبة له، لافتا إلى أن تنوع السيارات يؤدي إلى زيادة المنافسة بين وكلاء السيارات.
وأوضح عضو الشعبة العامة للسيارات، أن الفترة الماضية شهدت الإعلان عن وكالات جديدة في السوق المصري وهذا يعني طرح سيارات جديدة لأول مرة بالسوق المحلي، مما يزيد المنافسة خاصة في شريحة السيارات الـ SUV.
وحول تأثير أزمة نقص الرقائق عالميا، يقول فرديناند دودنهوفر مدير مركز "أوتوموتف ريسيرتش" للبحوث المتعلقة بالسيارات: "وصلنا إلى ذروة الأزمة، سيتحسن الوضع بمجرد أن تصبح القدرات الإنتاجية الجديدة متوافرة، لكن لن تحل المشكلة بحلول نهاية 2021 وقد تستمر حتى 2023، ستكون هناك مخاطر مستمرة في سلسلة التوريد".
وتوقع الخبير أن يتسبب النقص بتراجع الإنتاج 5.2 مليون سيارة هذا العام وانخفاض حاد في عمليات التسجيل في النصف الثاني من العام، مع فترات انتظار أطول وأسعار أعلى للمشترين، فالوكلاء باعوا مخزونهم وسيتعين عليهم إعادة تكوينه شيئا فشيئا.