مصر على أعتاب إنجاز تاريخي بعد أولى خطواتها الفعلية لتفعيل استراتيجية صناعة السيارات في مصر، بعدما وقعت وزارة الإنتاج الحربي" وشركة "إم جلوري" القابضة الإماراتية لتصنيع السيارات الـ"بيك أب"، عقد للتعاون المشترك، قبل يومين، من أجل إنتاج أول سيارة مصرية بيك أب باسم "EM" وتعمل بنظام الوقود المزدوج "الغاز الطبيعي والبنزين".
وكشف المهندس محمد أحمد مرسي، وزير الدولة للإنتاج الحربي، عن تفاصيل التعاون المصري الإماراتي لإنتاج أول سيارة مصرية بيك أب بموديلات وأنواع مختلفة (وكابينة مزدوجة 2x4، وكابينة مزدوجة 4x4، وكـابينة مفردة 2x4)، مشددا في الوقت ذاته على أن هذا التعاون يسهم في إنتاج مركبات أكثر محافظةً على البيئة ومحاربة للتلوث وتقليلاً للانبعاثات الضارة، وتحقيق رؤية مصر التي تهدف لتوطين صناعة السيارات وتوطين تكنولوجيات صناعية حديثة، وخلق كوادر فنية محترفة.
وأشار الوزير إلى أن استراتيجية توطين صناعة السيارات في مصر تهدف أيضا إلى تحقيق الاستفادة القصوى من الموارد والثروات المعدنية المتاحة بالدولة في ضوء توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بتنفيذ خطة طموحة وغير مسبوقة للتوسع في استخدام الغاز الطبيعي وقودًا للسيارات والاستفادة من توافر واكتشافات الغاز الجديدة في مصر مؤخرًا، مشيرًا إلى أن السيارة EM هي نموذج تصنيعي عربي نطمح لتسويقه عالميًّا.
الطاقة النظيفة
من جهتها أكدت وزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع، أن السيارة البيك أب "EM" في مصر المقرر إنتاجها في الفترة المقبلة تسهم في تحول مصر لتعميمي الطاقة النظيفة حيث تعمل السيارة بالوقود المزدوج، وهو ما يمثل خطوة مهمة للتحول نحو الطاقة النظيفة وتعميق هذه الصناعة الحيوية محليًّا وجذب استثمارات جديدة، إلى جانب الاستفادة المثلى من ثروات مصر من الغاز الطبيعي وتعظيم قيمتها المضافة؛ وهو ما يسهم بفعالية في الحفاظ على البيئة وتقليل تلوث الهواء من خلال استخدام الغاز الطبيعي كوقود نظيف يعمل على تقليل الانبعاثات الضارة التي لها تأثير سلبي على المواطنين والاقتصاد.
أرقام ومعلومات
ولعل أهم ما يميز السيارة البيك أب تزويدها بمحرك هو الأعلى قدرة في السوق، وحاصلة على شهادة E-mark الأوروبية، كما يتوفر بها مقاعد مريحة وتكييف هواء قوي ووسائل أمان عالية، وتعمل في درجات الحرارة المناسبة للشرق الأوسط والخليج وإفريقيا، إضافة إلى القدرة على العمل على مختلف أنواع الطرق (مزدحمة- مفتوحة- ترابية- وعرة)، ومن المخطط أن تبلغ الطاقة الإنتاجية الناجمة عن التعاون المصري الإماراتي (12) ألف سيارة سنويًا؛ لتلبية احتياجات السوق المحلية والأفريقية، على أن يبدأ الإنتاج الكمي في النصف الأول من 2022، وذلك بعدما تمت تجربة السيارة البيك أب "الكابينة المزدوجة" لمسافة (25000) كم على الطرق المصرية المختلفة خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وفي هذا السياق، أكد خبراء صناعة السيارات أهمية هذه الخطوة ضمن استراتيجية مصر لتوطين صناعة السيارات في مصر، ودعوا إلى اتخاذ مزيدا من الخطوات في إطار توطين التكنولوجيا الحديثة المرتبطة بصناعة السيارات.
وفي هذا الشأن، دعا اللواء حسين مصطفى، خبير صناعة السيارات، إلى مواصلة الخطوات الهادفة إلى توطين صناعة السيارات في مصر من خلال العمل على تعزيز التعاون مع شركات السيارات الكبرى وجذب المزيد من الاستثمارات الضخمة إلى السوق المصري.
وأضاف مصطفى لـ"البوابة نيوز" أن النجاح الحقيقي هو النجاح في توطين التكنولوجيا الحديثة المرتبطة بصناعة السيارات والتوجه نحو التصنيع المحلي الحقيقي من خلال رفع نسبة المكون المحلي في صناعة السيارات، وتأهيل وتدريب كوادر شابة على التكنولوجيا المعقدة والدقيقة المرتبطة بصناعة السيارات من أجل ضمان استدامة هذه الصناعة على أرض مصر.
وتابع: " مصر تمتلك بنية تحتية جيدة للغاية كبداية لتوطين صناعة السيارات على أعلى مستوى، من خلال وجود نحو 20 مصنعا كبيرا للسيارات في مصر إذا عملت بكامل طاقتها تستطيع أن توفر احتياجات السوق، والاتجاه نحو التصدير في مراحل متقدمة ولكن ذلك يتطلب جذب مصانع كبيرة للسيارات والصناعات المغذية للعمل في السوق المصري، والتحول إلى سوق منتج ومصدر للسيارات كما هو الحال في العديد من دول المنطقة وعلى رأسها المغرب التي أصبحت حاليا واحدة من أبرز نقاط إنتاج السيارات لكبرى العلامات التجارية في العالم.
ويرى "مصطفى" أن نجاح إستراتيجية صناعة السيارات في مصر مرهون بخطط إنتاجية وتسويقية تراعي عوامل التنافسية، وتنهض بصناعة السيارات المحلية، والتحول بمصر لمركز صناعي ضخم لإنتاج وتصدير السيارات لكل بقاع العالم.
من جانبه، قال الدكتور أحمد أبو النصر، خبير صناعة السيارات، إن مصر توسعت في الفترة الأخيرة نحو إنتاج سيارات محلية الصنع بعضها يعمل بالكهرباء أو بالغاز الطبيعي، وهو طريق جيد من أجل استغلال موارد مصر من الغاز الطبيعي بالإضافة إلى الحفاظ على البيئة من الانبعاثات الكربونية للمحروقات من الوقود التقليدي وتقليل مخاطر التلوث الناتج عن عوادم السيارات.
وأضاف أبو النصر لـ"البوابة نيوز" أن الخطوة الأهم في استراتيجية صناعة السيارات المصرية هي تعزيز التعاون مع الشركات الكبرى المهيمنة على سوق السيارات في العالم والعمل على توطين تكنولوجيا التصنيع، وتخريج جيل كامل من الكوادر الفنية الشابة القادرة على تأهيل وتدريب كوادر وطنية وخلق أجيال مصرية قادرة على قيادة صناعة سيارات مصرية وطنية قادرة على المنافسة".
وتابع: "الاستثمار في التدريب والتأهيل هو استثمار في المستقبل، إلى جانب الاستثمار في البحث العلمي وتوطين التكنولوجيا المرتبطة بتصنيع السيارات والصناعات المكملة لهذه الصناعة من أجل رفع مساهمة المنتج المحلي في التصنيع".