ضاق الإيرانيون ومنهم الأحواز، ذرعًا بنظامهم القمعي الفاشي الذي لا يستطيع توفير حياة عادلة لرعيته، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تظاهرات مستمرة ضد نظام بقيادة المرشد الأعلى، علي خامنئي ورئيسه الجديد، إبراهيم رئيسي.
تظاهرات الأحواز الأخيرة.. قنبلة موقوتة
التظاهرات تلك المرة أتت من الأحواز، وتحديدًا من جنوب غرب إيران، بسبب مشكلة تقص المياه في تلك المنطقة الغنية بالنفط.
انتفاضة نتج عنها قتلى وجرحى واعتقالات من النظام الإيراني لمجرد أن الشعب يطلب فقط أساسيات المعيشة، حيث تفاقمت مشكلة المياه في الآونة الأخيرة، مع تحويل النظام لمياه النهر بشكل أكبر نحو مناطق أصفهان وزايندهرود، شمال شرق الإقليم العربي.
وقد عبر عدد من الأحواز الذين يعيشون خارج إيران خوفًا من القمع عن ارائهم في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز" بخصوص تلك التظاهرات.
وقال رئيس اللجنة التنفيذية لإقليم الأحواز، عارف الكعبي، إن الثورة الأخيرة التي اندلعت في الأحواز كانت امتدادًا طبيعيًا لجميع الثورات الأحوازية منذ عام 1925، وهي السنة التي تم احتلال منطقة الاحواز العربية من النظام الإيراني وحتى الأن.
إيران ليست بحاجة لمياه
وأضاف الكعبي أن هذه الثورة جاءت ردًا على قطع المياه عن الأحواز، وللتوضيح فإيران ليست بحاجة لمياه، فلو نظرنا إلى جبال زاغروس الفاصلة بين الأحواز وإيران، فهي جبال كبيرة وفي فصل الشتاء، المياه تهطل على الشطر الفارسي وايضًا الشطر الأحوازي، والنظام الإيراني يقوم الأن بالتحكم في الشطرين بشكل كامل.
وأوضح أن المياه التي انحجزت بالشطر الأحوازي حرفوها على العمق الفارسي، وبالتالي أصبحت كل المياه للشطر الفارسي وتم قطعها عن الأحواز بشكل كامل، وهذه سياسية فارسية من النظام هدفها تهجير الأحواز من تلك المنطقة بشكل كامل.
الأحواز وإيران
وأكد أن النظام الإيراني سبق وقام بتهجير إلى العمق الفارسي مليون ونص المليون من الأحوازيين، والهدف واضح وهو سياسة التفريس، كما أن 90% من موظفي شركة البترول الإيرانية الموجودة على الأراضي الأحوازية أغلبيتهم من الفرس، لسببين وهما تغيير التركيب السكاني، وعدم الثقة بالمواطن الأحوازي، والصراع الدائر الآن صراع هوية.
فينا قال الأحوازي نوري حمزة، المحلل السياسي المقيم في السويد، إن ما حدث في الأحواز جاء نتيجة المطالبات السياسية والاقتصادية والتنموية إلى آخره، فكانت تلك الانتفاضة بمثابة انفجار للشعب الذي يطالب بحقوقه في المياه.
وأضاف حمزة في تصريحات لـ"البوابة" أن النظام الإيراني يستخدم المياه كآلة أمنية ضد شعب الأحواز، ففي السنوات الماضية تسبب النظام في فيضانات مفتعلة وها هو الآن يعمل على تجفيف تلك المنطقة من المياه بشكل مقصود، بمعنى أن يتم تحريف المياه نحو المدن الفارسية ومنع الأحواز من الشرب.
وأوضح أنه بجانب مطالبات المياه، هناك أيضًا عوامل منها عدم تحقيق العدالة الاجتماعية والبطالة وغيرها من العوامل، ومشاكل عديدة نتيجة السياسة القمعية.
وأكد أن النظام الإيراني يريد تغيير الطابع الديموجرافي داخل البلاد، وهذه سياسة مدونة تجاه شعب الأحواز، موضحًا أن التظاهرات الأخيرة انتشرت في عدد من المدن، وأيضًا في أذربيجان.
كما قال مهدي الهاشمي، الأحوازي المقيم في السويد، إن الانتفاضة الاحوازية تعتبر انتفاضة تاريخية نظرا لوسعتها واستمراريتها.
وأضاف الهاشمي في تصريحات لـ"البوابة" ان تلك التظاهرات اثبتت ان النظام الايراني لايمكنه تجاهل الحراك القومي اللامركزي وخروج التورك في المظاهرة لمساندة العرب وتأكيدهم على مؤازرة العرب يدل على مرحلة جديدة في ايران وهي مرحلة صعود القوى اللامركزية ومطالباتها بحقوقها المغتصبة من قبل الدولة المركزية.
وقال إنه رغم قمع هذه الانتفاضة وقتل اكثر من خمسة عشر متظاهر مدني سلمي احوازي وسجن اكثر من الف وخمسمائة احوازي لكن تعد هذه الانتفاضة من اهم ما حصل في العقود الاخير في مجال الحراك اللامركزي في ايران وفتحت أفقا جديدا لتغيير نظام الحكم المركزي ككل وهذا ما حس بخطورته النظام والمعارضة المركزية سويا.
فيما استطاعت "البوابة" التواصل مع أحد المتظاهرين من داخل إيران لمعرفة ما يحدث وكيفية تعامل النظام الإيراني القمعي مع تلك التظاهرات التي تطالب بالحقوق المعيشية.
وفي هذا، قال متظاهر يدعى مينا ميم إن الشعب الإيراني كان عليه الاختيار بين العيش مع الذل أو الموت، أو الاحتجاج حتى الموت، إلا إذا كانوا يريدون أن يعيشوا في هذه الحالة المهينة ويموتون بشكل بطيء تحت تأثير الضغط والعمل شاق.
وأضاف ميم في تصريحات لـ "البوابة نيوز" أنه وبالنسبة للتعامل مع المتظاهرين أثناء التظاهرات، تم زج قوات الجيش والقوات الخاصة بشمل سريع وملأت الشوارع، وفي البداية حاولوا السيطرة على الوضع، لكن عندما لم يتمكنوا من ذلك.
وأوضح أنه بعد وقت قصير، بدءوا بمهاجمة الناس وحاولوا تفريقهم، وأغلق العديد من أصحاب المتاجر متاجرهم، لأن ذلك حدث مرارًا وتكرارًا وأصبحت مقاطع الفيديو الخاصة بها متوفرة على الانترنت ويمكن مشاهدنها.
وأكد أن أن الشرطة اقتحموا المتاجر ودمروا ممتلكات الناس ثم يقولون إن المتظاهرين فعلوا ذلك. ويغلق الناس متاجرهم على الفور لأنهم يعرفون ذلك، وبعد أن تستمر التظاهرة لعدة ساعات ثم تتفرق مع وصول القوات الأمنية، وقال: "لدينا معلومات موثوقة عن اعتقال عدد كبير من الأشخاص في نفس اليوم وبعد يوم أو يومين من انتهاء التظاهرة، بمعنى آخر، تداهم القوات الأمنية في طهران أماكن عملهم أو تتوجه إلى منازلهم واعتقالهم"
وعن استمرار التظاهرات ضد النظام أم لا، قال ميم إن التظاهرات بالتأكيد ستستمر، لأنه لم يتم حل أي من المشاكل التي لدينا في البلاد حتى تتوقف التظاهرات والاحتجاجات. وتكررت عمليات القمع هذه، وحدثت اعتقالات، وأيضًا عمليات قتل، وحاولوا إسكات الناس بشتى الطرق. لكن مع أصغر شيء يحدث، يحتج الناس مرة أخرى بسرعة، حيث حدث هذا في شارع الجمهورية في طهران، فتم قطع الكهرباء في منطقة بارس بطهران، واحتج الناس وهم يهتفون "الموت للجمهورية الإسلامية"، "الموت للديكتاتور" والموت لخامنئي "، وفي كل مكان آخر، ستحدث هذه الأشياء وتستمر بالتأكيد، وهذا يعني أن هذه الاحتجاجات والمظاهرات لن تتوقف طالما أن هذا الوضع مستمر وطالما أن الملالي في السلطة.
وأكد قائلًا: "طالما أن الملالي في السلطة، سيستمر المحتجون رغم كل الأعباء التي عليهم تحملها. الناس غاضبون وغاضبون جدًا وليس لديهم ما يخسرونه، لقد فقد الناس حياتهم وفقدوا أبناءهم وليس لديهم أملا حتى في مستقبلهم ولا يمكنهم تخيل أي مستقبل لأنفسهم بين الحياة الذليلة والموت."