في الوقت الذي ضربت فيه تداعيات وباء كورونا اقتصاديات العالم وأدخلت الكثير منها في دائرة الركود والتعثر، خرجت علينا الكثير من التقارير الدولية من منظمات ودول وهيئات اقتصادية تشيد بقوة ونجاح الاقتصاد المصرى، والإنجازات المهمة التى حققها خلال الأعوام الأخيرة، لتؤكد كل تلك الشهادات أن مصر تسير على الطريق الصحيح، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وجاءت إشادة المؤسسات الاقتصادية الدولية بالاقتصاد المصري، بعد نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي والتحسن الملحوظ الذى شهده والنتائج الإيجابية التى تحققت به.
ومؤخرا صدر تقرير لوكالة فيتش متوقعا أن تكون مصر الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث نمو الناتج المحلي الإجمالي على مدار الأربع سنوات المقبلة، ما يؤكد أن الاقتصاد يسير على الطريق الصحيح وأن التصنيف الأخير للاقتصاد المصري جاء متسقا مع التوقعات الإيجابية للمؤسسات المالية الدولية والتزام الحكومة بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وأسهم الإصلاح الاقتصادي في جعل الإقتصاد أكثر قدرة على مواجهة الصدمات الخارجية والداخلية، وتحويل مساره إلى اقتصاد إنتاجي متنوع يتمتع بمزايا تنافسية، وتحقيق نمو متوازن ومستدام، وجعل مصر واحدة من الدول القليلة على مستوى العالم التي استطاعت تحقيق مؤشرات نمو إيجابية رغم تداعيات جائحة كورونا.
فيما أكد صندوق النقد الدولي إن وضع الاقتصاد الكلي في مصر تحسن منذ 2016، مدعوما بتحمل السلطات المسؤولية عن برنامجها الإصلاحي وتوقع الصندوق أن يحقق الاقتصاد المصري "تعافيا قويا" خلال العام المالي الجاري، ليصل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 5.2%، وأشاد بالسياسات التي تبنتها مصر خلال كورونا ، قائلا إن مصر كانت من بلدان الاقتصادات الصاعدة القليلة التي حققت معدل نمو موجب، وبفضل استجابة الحكومة السريعة والحذرة على مستوى السياسات، مقترنة بالدعم من صندوق النقد الدولي، أبدى الاقتصاد المصري صلابة في مواجهة الوباء وعلى مدى الأشهر الماضية، التزمت السلطات باتباع سياسات حذرة وقوة أداء في ظل برنامجها مع الصندوق ما ساعدا على تخفيف وطأة الأثر الصحي والاجتماعي للجائحة مع ضمان الاستقرار الاقتصادي، واستمرارية القدرة على تحمل الدين، والحفاظ على ثقة المستثمرين، مشيدا بإطلاق البنك المركزي عدة مبادرات لتخفيف الضغوط على المقترضين وضمان توافر السيولة للقطاعات الأشد تأثرا، منها زيادة إمكانات الحصول على ائتمان بأسعار فائدة تفضيلية وتأجيل سداد الاستحقاقات الائتمانية القائمة لمدة 6 أشهر.
وكانت مصر قد اتفقت مع صندوق النقد الدولي على تمويلات إجمالية بنحو 8 مليارات دولار بالتزامن مع انتشار كورونا، موزعة بواقع 2.772 مليار دولار من خلال "أداة التمويل السريع" و5.2 مليار دولار عبر "اتفاق الاستعداد الائتماني".
وجذبت نجاحات الاقتصاد المصري، في جذب أنظار العالم لها مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية والآسيوي للتنمية، بعدما نجحت في تطبيق الإصلاح الاقتصادي والتحول من اقتصاد خدمي قائم على الدعم إلى اقتصاد تنافسي ينافس النمور الاقتصادية في العالم، ورغم تداعيات كورونا، أشاد التقرير الأخير لصندوق النقد الدولى، بأداء الاقتصاد المصرى.
وتأتي أهمية هذه الإشادات، بأنه تدعم مناخ الاستثمار بمصر وتسهم في جذب المزيد من الاستثمارات في مجالات مختلفة كالاتصالات والسياحة والبترول والطاقة بشكل عام فضلا عن البنية التحتية، والصحة، والتعليم، ما يعمل على توفير الملايين من فرص العمل وزيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي، ورفع معدلات النمو للناتج المحلى وخفض نسب الفقر والتضخم والدين وعجز الموازنة، وتعظيم القدرات الإنتاجية ودعم الصناعة والتصدير.
وفي ظل هذا المنحنى الصاعد هناك فرصا قوية لتخطى الاحتياطي النقدي الأجنبي بالبنك المركزي المصري، مستوى الـ 45 مليار دولار بنهاية العام الجاري وبداية 2022، وأن يصل إلى 52 مليار دولار عام 2024/ 2025 .
والمتأمل لأرقام الاحتياطي النقدي الأجنبي بالبنك المركزي المصري يجد أنها قفزت للشهر الـ 14 على التوالي لتواصل صعودها المتكرر منذ يونيو 2020 فيما سجل 40.609 مليار دولار بنهاية يوليو الماضي، مقابل 40.584 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي، بارتفاع قدره 25 مليون دولار، وجاء ذلك بدعم من ارتفاع عمليات شراء الأجانب لسندات الخزانة المصرية إلى 29 مليار دولار في نهاية مايو الماضي، مقارنة بـ 10 مليارات دولار في نهاية يونيو 2020، وارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة 10%، لتصل إلى 30 مليار دولار بنهاية 2020.
وتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمصر مستهدفا مستوى الـ 6% في العام المالي المقبل، من 3%، وسيكون عام 2022 هو عام الحصاد لبرنامج الإصلاح الاقتصادي وتحول مصر لمركز إقليمي للطاقة بصورها المختلفة "نفط وغاز وكهربا" في الشرق الأوسط وجني فاتورة تصدير الغاز وانتعاش السياحة والاستثمار بعد تراجع مستويات الإصابة بفيروس كورونا وتقديم اللقاحات.
ويقف وراء هذه النظرة المتفائلة للمنظمات الاقتصادية الدولية، تلك الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التاريخية، واستقرار وتنسيق السياسات المالية والنقدية المدعومة بقوة من الرئيس عبدالفتاح السيسى.
وتمكنت مصر من التعامل بنجاح مع التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا، في ظل التنوع الذي يتمتع بها اقتصادها، ومضي الدولة قدما في رؤيتها التنموية والإصلاحية، وهو الأمر الذي جنب الاقتصاد السيناريوهات السيئة التي شهدتها عدد من اقتصادات العالم بل وفاق التوقعات المستقبلية للمؤسسات الدولية، بتصدره الأسواق الناشئة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وسيسهم تعافي الاقتصاد في الانخفاض التدريجي لمعدلات الدين العام ليسجل أقل من 75% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2025 / 2026 وأن ينمو الاقتصاد المصري بنسبة 6% في العام المالي المقبل، وإجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 3% خلال العام المالي الجاري، وأن تعاود معدلات النمو للاقتصاد المصرى الي الارتفاع بحلول 2022.
والمتأمل لكل التوقعات والقراءات والمؤشرات الدولية المعنية بالاقتصاد سيرى أن مصر تسير على الطريق الصحيح نحو النهضة والانطلاق إلى آفاق الدول المتقدمة خلال العشرين سنة المقبلة.
وفي هذا المقام نشيد بجهود محمد معيط، وزير المالية، في نقل الاقتصاد المصري للأمام وتحقيق معدلات متميزة على مختلف الأصعدة والمؤشرات فكان بمثابة "المايسترو" الذي قاد الاقتصاد إلى بر الأمان مع باقي وزراء المجموعة الإقتصادية خاصة في ظل أزمة كورونا وتداعياتها.
ورغم ارتفاع عدد سكانها فإن مصر تأتي في مرتبة متقدمة من حيث قيمة نصيب الفرد من الناتج عربيا وفقا لتقديرات فوربس.
كما أن المشروعات القومية العملاقة التي نفذت والتي جاري تنفيذها في مصر، كقناة السويس الجديدة والعاصمة الادارية الجديدة وغيرها شكلت نقلة نوعية في اقتصاد البلاد ستجني ثمارها الأجيال المقبلة فقد تم خلال السنوات الماضية تطوير 4500 قرية و28 ألف تابع بـ 20 محافظة بحوالي 700 مليار جنيه ضمن مبادرة حياة كريمة والعمل على تنفيذ 31 ألف مشروع بتكلفة 5.8 تريليون جنيه ما شكل نقلة حضارية لم تحدث في مصر منذ عشرات السنين وبالطبع وفرت هذه المشروعات ملايين من فرص العمل وتأسيس مجتمعات عمرانية جديدة منتجة ومستقرة فى صحراء مصر الشاسعة والحد من الفقر وتدخل مصر عهد الثورة الصناعية.
وجاء نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي وسياسة تحرير سعر الصرف الذي بدأته الحكومة عام 2016 م وما نتج عنه من إصلاحات ليرفع من التدفقات النقدية والتي تمثلت في عوائد قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين بالخارج والاستثمار الأجنبي والسياحة، فضلا عن زيادة الصادرات وتقليل الواردات وتغطية احتياجات السوق المحلية من الداخل وبالتالي توفير العملة الصعبة التي كانت تذهب في شراء الواردات من الخارج.
وأسهمت المشروعات القومية العملاقة وخاصة قناة السويس الجديدة في زيارة الاحتياطي النقدي وامتصاص تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد وطبعا انعكس هذا بالإيجاب على الاحتياطي النقدي الأجنبي وعلى الاقتصاد بشكل عام وسيساعد في نجاح خطط إعادة هيكلة الاقتصاد المصري أو الجزء الثاني من برنامج الإصلاح الاقتصادي وهو الإصلاح الهيكلي وبالطبع سيؤدي ارتفاع الاحتياطي النقدي إلى الاستقرار بل والنمو الاقتصادي وتمكين الحكومة من سداد الالتزامات الدولية وتدبير احتياجات البلاد من المواد الخام والغذائية والمستلزمات الطبية والدوائية والسلع الإستراتيجية وغير ذلك.
والمعروف أن الاحتياطي النقدي الأجنبي يعبر عن قيمة الأصول الأجنبیة لدى البنك المركزي والمستثمرة في الخارج "لدى غیر المقیمین"، وتتكون من الذھب "على أساس تقییمه شھریا"، ووحدات حقوق السحب الخاصة، والاستثمارات في الأوراق المالیة الأجنبیة، والودائع لدى المراسلین بالخارج، واتفاقات الدفع المبرمة مع بعض الدول، والاحتیاطیات لدي صندوق النقد الدولي.. وتعد الوظيفة الأساسية للاحتياطى من النقد الأجنبى، هى توفير السلع الأساسية وسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية، ومواجهة الأزمات الاقتصادية، فى الظروف الاستثنائية ويكشف البنك المركزي عن الاحتياطي الأجنبي بشكل مبدئى فى الأسبوع الأول من كل شهر، وهو أحد المؤشرات المهمة التى تعبر عن وضع التعاملات الخارجية للاقتصاد، ومدى قدرة الدولة على تغطية التزاماتها فيما يتعلق بخدمة الدين الخارجى، وتلبية المدفوعات المختلفة عن الواردات.
وقد حقق الجنيه المصرى أفضل أداء أمام الدولار خلال الفترة من 2017 وحتى يونيو 2021 ليرتفع 13.1% ، نتيجة للبرنامج الإصلاحي ما أدى الى صموده أمام الدولار والعملات الأخرى خلال جائحة كورونا ويقف وراء ذلك عوامل عدة أهمها زيادة التدفقات النقدية بالعملة الأجنبية لمصر بسبب إقبال المستثمرين الأجانب على الاستثمار في أدوات الدين المحلي التي تجاوزت 24 مليار دولار، وزيادة صافى الإحتياطى النقدى من العملات الأجنبية واستقرار متوسط سعر الدولار في أغلب البنوك وزيادة عوائد قناة السويس، حيث سجلت أعلى إيراد لها في تاريخ خلال العام المالي (2020 / 2021) عند 5.84 مليار دولار فضلا عن زيادة تحويلات المصريين في الخارج، خلال العشرة أشهر من يوليو 2020 وحتى أبريل 2021 لتصل إلى 25.8 مليار دولار وتقليل فاتورة الواردات المصرية من 85 مليار دولار إلى 60 مليار دولار، وتخفيض الفائدة وتحسن أداء الجنيه المصرى.
ومؤخرا استقبلت مصر عودة الأفواج السياحية الروسية إلى شرم الشيخ والغردقة والتي ستنعكس حتما بشكل إيجابى على الاقتصاد المصرى، حيث ترتبط السياحة مع أنشطة اقتصادية كثيرة بما يساعد علي توفير فرص عمل جديدة.
ووفقا لتقديرات "فوربس" عن عام 2021، حلت مصر في المركز الثالث في قائمة أكبر الاقتصادات العربية بعد السعودية والإمارات مع توقعات وصول ناتجها المحلي الإجمالي إلى 394.3 مليار دولار مقابل 361.8 مليار دولار في 2020، وذلك رغم تداعيات كورونا التي أثرت على اقتصادات دول العالم والمنطقة، بفضل تخصيص الحكومة المصرية 100 مليار جنيه بما يعادل 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي للتخفيف من الآثار الاقتصادية الناجمة عن كورونا وتمت زيادة المعاشات بنسبة 14%، والتوسع في برامج الحماية الاجتماعية ودعم العمالة غير المنتظمة والتي استفاد منها 1.6 مليون مواطن.
من جانبه توقع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، أن يعود اقتصاد مصر لمستوى نمو ما قبل كورونا خلال العام المقبل قائلا إن مصر من بين الاقتصادات القليلة التي حققت نموا إيجابيا خلال 2020، ويرجح البنك أن يصل النمو الاقتصادي إلى 4.5% في العام المالي الجاري.
وحقق الاستثمار الأجنبي المباشر أرقاما متميزة ليحقق المستهدف الحكومي حيث بلغت التدفقات الأجنبية 3.4 مليار دولار حتى منتصف هذا العام، على أن ينمو إلى 7 مليارات دولار في العام المالي 2022/2021 فيما حقق أداء ميزان المدفوعات الصادرة عن البنك المركزي المصري فائضا بلغ 6.8 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي.
وترجع هذه الاشادات بالأداء القوي للحكومة المصرية إلى التزامها بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، ما ساعد على الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، ومنح الاقتصاد مرونة في التعامل مع صدمات كورونا فحسب "موديز" فإن نحو 34 دولة من دول الأسواق الناشئة لديها اتجاه سلبي، ونحو 54% من إجمالي الدول الناشئة تصنيفها "B" سالب أو أقل لكن الإصلاحات الاقتصادية والمالية ساعدت على استقرار الاقتصاد المصري وتحسن الأداء المالي وعززت القدرة التنافسية للصادرات، وساهمت في تحقيق فوائض أولية، والسيطرة على معدل التضخم، ورصيد احتياطي نقدى يكفى تغطية الاحتياجات التمويلية المختلفة، إضافة إلى جذب المستثمرين الأجانب في أدوات الدين المحلي نظرا لتحقيق مصر أعلى عائد حقيقي على مستوى العالم في يونيو 2021".
كما أن إبقاء وتثبيت التصنيف الائتماني لمصر، أفضل شاهد على أن مصر نجحت في اختبار الإصلاح الاقتصادي وحققت المعادلة الصعبة في ظل الزيادة السكانية وارتفاع أسعار السلع والخدمات حول العالم وتعاملت بمنتهي الخبرة والحرفية والكفاءة وقد أشادت صحيفة "اسبى" الإيطالية بالرئيس عبد الفتاح السيسى، وقالت إنه استطاع تحقيق العديد من الإنجازات على المستويين الداخلى والخارج، قائلة إنه ركز على التنمية الاقتصادية فى مصر واستطاع العبور بمصر من أزماتها الاقتصادية ووضع الاقتصاد المصرى على طريق التعافى بعد الأزمات التى بدأت منذ 2011.
وركزت الصحيفة على أن البطالة انخفضت وسط توقعات استمرار انخفاضها بحلول عام 2030، ذلك فضلا عن جهود الدولة المصرية لرفع كفاءة البنية التحتية لتطوير المناطق الريفية.