بات التساؤل المهم الأن هو "ماذا يحدث في بحر العرب؟"، خاصة بعد أن الحوادث المتكررة التي شهدتها تلك المنطقة الحيوية من العالم والتي تمر من خلالها 80% من الإمدادات النفطية العالمية من منطقة الخليج العربي إلى دول أوروبا وآسيا، حيث شهد بحر العرب الكثير من الحوادث المتلاحقة التي باتت تهدد مسار الناقلات النفطية من تلك المنطقة.
فبعد حادث استهداف السفينة المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي إيال عوفر، والذي أسفر عن مقتل شخصين أحدهما بريطاني والآخر روماني، في ظل اتهامات موجهة إلى الحرس الثوري الإيراني بتنفيذ تلك العمليات، باتت إيران في موضع حرج، في ظل تكاتف القوى الدولية لمواجهة التمدد الإيراني في تلك المنطقة، فيما أعلنت كل من أمريكا وإسرائيل وبريطانيا ورومانيا أنه من المفترض توجيه رد جماعي إلى إيران لتأديبها.
وبعد حادث استهداف السفينة الإسرائيلية بأيام بسيطة، تم الإعلان عن اختطاف ناقلة نفط بريطانية تحمل علم بنما، حيث صعد عدد من المسلحين التابعين للحرس الثوري على متن تلك السفينة، واصطحبوها بجانب 4 ناقلات أخرى إلى أحد الموانئ الإيرانية، إلا أن الحرس الثوري أفرج عن تلك السفينة فور رؤية قطع بحرية أمريكية وبريطانية تقترب منها.
ومؤخرًا أعلنت هيئة التجارة البحرية البريطانية إن من صعدوا على متن الناقلة غادروها وإن السفينة في أمان، فيما تحدثت بيانات موقع ريفينيتيف لرصد حركة السفن بأن الناقلة كانت "في طريقها وتستخدم محركها" في وقت مبكر من صباح اليوم، لكن هيئة التجارة البحرية البريطانية أكدت إن واقعة خطف محتملة قد انتهت لكنها لم تذكر تفاصيل أخرى في إشعار تحذيري استند إلى مصدر من طرف ثالث، ولم تورد اسم الناقلة.
وحدث ذلك في منطقة ببحر العرب تؤدي إلى مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو خُمس صادرات النفط المنقولة بحرا في العالم، وهو ما دعا وزارة الخارجية الأميركية لأن تعلن إنها تنظر في التقارير التي تحدثت عن واقعة في خليج عمان لكن "من السابق لأوانه" إصدار حكم، في ظل تصاعد التوتر في المنطقة بعد هجوم وقع الأسبوع الماضي على ناقلة تشغّلها شركة إسرائيلية قبالة سواحل سلطنة عُمان تسبب في مقتل اثنين من أفراد طاقمها.
وقد كانت تلك الأحداث كفيلة بأن يعلن قائد الجيش البريطاني، الجنرال نيك كارتر، إن الوقت قد حان للتشدد في التعامل مع إيران، غداة سلسلة حوادث استهدفت حركة الناقلات العالمية تقول لندن إن طهران متورطة فيها، وقال: "ما نحتاج إلى القيام به، بشكل أساسي، هو تحميل إيران مسئولية سلوكها المتهور للغاية".
وفي هذا السياق يقول ديفيد دي روش، الباحث في برنامج الدراسات العسكرية في وزارة الدفاع الأمريكية، إن إيران تخوض صراعًا منخفض الحدة ضد جيرانها وكذلك ضد الدول الغربية، ما يتسبب في مشاكل أثناء محاولتها البقاء دون عتبة الحرب المفتوحة، مضيفًا أنه ربما تكون الطريقة الأكثر فعالية من حيث التكلفة بالنسبة لإيران لشن حرب هي البقاء في المنطقة الرمادية والمتمثلة في أخذ الرهائن.
وأضاف الباحث في برنامج الدراسات العسكرية بوزارة الدفاع الأمريكية، في تصريحات خاصة لـ"البوابة" أن احتجاز الرهائن يعتبر جزءًا من الحمض النووي للنظام الإيراني، موضحًا أنه لا يوجد سبب وجيه للاعتقاد بأنهم سيتخلون عن هذا التكتيك ما لم يُجبروا على ذلك.
وتابع أن ما تفعله إيران يؤدي بها إلى تعقيد المشهد السياسي، في ظل تعقيد واضح في ملف الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الكبرى، لافتًا إلى أن ما فعلته إيران يمثل رسالة تهديد في ظل تولي رئيس جديد لإيران وهو رئيس ينتمي إلى التيار المتشدد أو المحافظ.
ويؤكد حسن راضي، مدير المركز الأحوازي للدراسات الاستراتيجية والمتخصص في الشأن الإيراني، إن التصريحات الإيرانية للرد على كلًا من بريطانيا وإسرائيل ليست إلا بروبجاندا لرفع الروح المعنوية للحرس الثوري الإيراني، أمام أقوى الدول التي تمتلك قوة عسكرية كبيرة، وفي ظل المشاكل الكبيرة التي تعاني منها إيران سواء من صراعات داخلية أو عزلة دولية، ما يضعف من موقف إيران في مواجهة الدول الكبرى، وبالتالي فهي ترسل رسائل لتلك الدول بأنها مستعدة لكل السيناريوهات إلا أن تلك السيناريوهات غير مطابقة للواقع.
وأضاف راضي، لـ"البوابة نيوز" أن إيران اعتادت على استخدام الطائرات المسيرة للهجوم على مصالح الدول الخليجية أو الأمريكية، وهذا النهج بات معروفًا للعالم، وبات لأمريكا وبريطانيا وغيرها تكنولوجيا تعرف من خلالها جيدًا أن إيران تقف وراء كل تلك الحوادث سواء استهداف عسكري لسفن إسرائيلية أو حتى اختطاف السفن في بحر العرب، ما يشير إلى أن المجتمع الدولي سيتعمد الرد السريع والحاسم على الاستفزازات الإيرانية قريبًا.