لأنه يعلم جيدا أن "من لا يملك قوته لا يملك حريته، وأن الغذاء قضية أمن قومى يجب تأمينه وتوفيره للمواطنين بما يضمن لهم صحتهم وأمانهم فى ظل الحياة الكريمة التى تتبناها الدولة وتعمل على توفيرها للمصريين"، افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي، منذ أيام قليلة، المدينة الصناعية الغذائية "سايلو فودز" بمدينة السادات محافظة المنوفية.
وقال الرئيس السيسي، إن الدولة تسعى لتوازن الأسعار رغم الظروف التى يمر بها العالم، مثل أزمة كورونا أو ارتفاع درجات الحرارة وتأثيرها على الصناعة والزراعة.
تقع مدينة الغذاء الصناعية على مسطح 135 فدانًا، وتشمل المرحلة الأولى منها 102 فدان بنسبة بنائية 50%، وتضم مصنعا لإنتاج البسكويت "5 خطوط"، طاقة إنتاجية "240 طنا" للبسكوت فى اليوم وملحق به مخزنان تجميعيان وطاقة تخزينية "24 ألف بلته"، بالإضافة إلى مطحن ملحق به 14 صومعة بطاقة تخزينية 70 ألف طن قمح وطاقة إنتاجية 800 طن دقيق فى اليوم مزود بأنبوب لنقل الدقيق لكل من مصنع البسكوت ومصنع المكرونة ومصنع المخبوزات، ومن المُقرر أن يخدم هذا المشروع، ملف التغذية المدرسية أيضًا.
وتعتبر "سايلو فودز"، أول وأحدث مدينة صناعية متكاملة تابعة للدولة، والتى تعمل بشكل متكامل؛ واهتمت إدارة "المشروع"، على أن تعمل المدينة إلكترونيًا بشكل شبه كامل، مع تنفيذ شبكة داخلية تنقل الدقيق والقمح عقب طحنه إلى مختلف منشآت المدينة الغذائية، بمصانعها الأربعة، إضافة لتواجد مطحن للدقيق، وآخر لتخزين القمح، إلى جانب مصنع لمنتجات ومستلزمات التغليف.
وتزود منتجات المصنع بمنظومة التتبع عبر "Q R Code"، الذى يتيح للمواطن التأكّد من صحة وسلامة المنتج المتواجد لديه وعدم غشه.
غذاء صحي للمواطنين
يأتى إنشاء المدينة لإيمان الدولة التام بأهمية توفير غذاء صحى وآمن للمواطنين، خاصة وأن الغذاء من قضايا الأمن القومى التى يجب تأمينها، كما اهتمت الحكومة مؤخرا بقطاع الصناعات الغذائية لدوره الكبير فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتنفيذ استراتيجية الدولة بالوصول إلى 100 مليار دولار صادرات، وهو ما اتضح من تنفيذ خطة للنهوض بصادرات الصناعات الغذائية لتحقيق مستهدفات الدولة.
وأكدت نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، حرص الوزارة على تنمية وتطوير قطاع الصناعات الغذائية باعتباره أحد أهم القطاعات الإنتاجية الاستراتيجية بالاقتصاد القومى، والذى يسهم فى خلق ملايين فرص العمل المباشرة وغير المباشرة وكذا توفير احتياجات السوق المحلية والتصدير للأسواق الإقليمية والعالمية، مشيرة إلى أهمية معرض "أفريقيا للتصنيع الغذائي" فى تحقيق التكامل الغذائى بين دول القارة الأفريقية.
مصر محور رئيسى للصناعات الغذائية
وأضافت جامع، أن مصر تمثل محورا إنتاجيا وتصديريا رئيسى للصناعات الغذائية بمنطقة الشرق الأوسط وقارة أفريقيا، مشيرة إلى أن استثمارات قطاع الصناعات الغذائية فى مصر تبلغ نحو 500 مليار جنيه ويسهم بنحو 24.5% من الناتج المحلى الإجمالى ويستوعب 23.2 من حجم العمالة فى مصر.
ونوهت الوزيرة إلى أن قطاع الصناعات الغذائية فى مصر يمتلك إمكانات وقدرات كبيرة تؤهله للمنافسة بالسوق المصرية والأسواق الخارجية، مشيرة إلى أهمية الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة والتفضيلية الموقعة بين مصر وعدد كبير من الدول والتكتلات الاقتصادية العالمية فى زيادة صادرات القطاع لمختلف الأسواق العالمية؛ والمساهمة فى زيادة صادرات الصناعات الغذائية المصرية إلى الأسواق العالمية وبصفة خاصة أسواق دول القارة الأفريقية، لافتة إلى أن صادرات قطاع الصناعات الغذائية بلغت خلال الـ6 أشهر الأولى من العام الجارى نحو 2 مليار و35 مليون دولار مقارنة بنحو مليار و788 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضى بنسبة زيادة بلغت 14%.
سلامة الغذاء
من جانبه، قال المهندس أشرف الجزايرلى، رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، أن مصر اليوم يتوافر بها صناعة وطنية قوية وقادرة على المنافسة المحلية والدولية، مشيدًا بجهود وزارة التجارة والصناعة فى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالقطاع الغذائي، مشيرًا أن سلامة الغذاء هى الأساس وكلمة السر فى زيادة التنافسية ونمو الصادرات المصرية.
وأكد الجزايرلي، ان تحقيق الصادرات المصرية نموًا 14% فى النصف الأول من هذا العام فى ظل جائحة كورونا يعد إنجاز كبير للحكومة وجميع القائمين على رفع تنافسية المنتج المحلى.
وأشار إلى أن السعودية من أكثر البلاد التى تحقق فيها الصادرات المصرية نموًا بالمقارنة بأزمات التصدير التى كانت تواجهها فى السنوات الماضية، موجهًا الشكر لهيئة سلامة الغذاء والدكتور حسين منصور، رئيس الهيئة لدورها فى رفع تنافسية الصناعات الوطنية وحل المشكلات التى كانت تواجه الصادرات الوطنية.
وأضاف: أن الصناعات الغذائية كانت تواجه تحديًا كبيرًا فى وجود رقابة فاعلة تساعد وتوجه الشركات لتحسين الأداء ورفع مستوى الجودة بالتوافق مع الاشتراطات والمعايير الدولية، وهو الإنجاز الذى تحقق بوجود هيئة سلامة الغذاء التى تعمل كاستشارى للمصانع والشركات الغذائية "ببلاش" على حد تعبيره.
وقال رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات: مصر الآن فى الاتجاه السليم لرفع تنافسية الصادرات وتحسين الجودة ونمو الاستثمار الصناعي، مضيفًا نحن فى غرفة الصناعات الغذائية فخورون جدًا بالمستقبل والإنجازات التى حققتها الصناعات الغذائية نتيجة التغلب على أبرز المعوقات مثل تيسير الإجراءات التى كانت تواجه التسجيل وطرح المنتجات.
نتائج الإصلاح
ولفت إلى أنه نتيجة للإصلاحات التى شهدها قطاع الصناعات الغذائية ودور هيئة سلامة الغذاء فى رفع التنافسية نشهد حاليا تزايد فى عدد الشركات المسجلين بالقائمة البيضاء.
وأوضح الجزايرلى، أن برنامج ازدهار تم تنفيذه بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولى GIZ وبرعاية وزارة التجارة والصناعة بغرض تسريع نمو 200 شركة صغيرة ومتوسطة فى القطاع الغذائي، من خلال تقديم الدعم الفنى ورفع الكفاءة والمساهمة فى تطوير استراتيجية الشركات لتحقيق النمو المنشود بمساعدة استشاريين وخبراء متخصصين فضلا عن توفير دعم لمشاركة هذه الشركات فى المعارض السنوية.
وأشار إلى أن حجم استثمارات القطاع بلغ 500 مليار جنيه، وارتفع عدد أعضاء الغرفة من 4 آلاف إلى أكثر من 14 ألف منشأة، وذلك بفضل الإصلاح الاقتصادى والتشريعى والمبادرات الرئاسية وبرامج التأهيل والدعم الفنى والامتيازات التى تقدمها الغرفة للشركات ومنها تأهيل الشركات للتوافق مع معايير واشتراطات سلامة الغذاء.
وأضاف الجزايرلي، أن قطاع الصناعات الغذائية من أكثر القطاعات التى واجهت تحديات خلال جائحة كورونا وساهم بشكلٍ كبير فى تجاوز مصر أزمة توقف سلاسل الإمداد العالمية، مشيدًا بجهود الحكومة فى إدارة أزمة كورونا بنجاح والتعاون فى استمرار عمل المصانع بطاقاتها الإنتاجية وقت الأزمة دون توقف وتوفير كل المنتجات الغذائية بالأسواق المحلية دون أى تأثير سلبى فى الأسعار أو المعروض قائلًا: "لم يحدث فى مصر أى نقص فى الغذاء خلال أزمة كورونا ولم يتوقف مصنع عن الإنتاج، وذلك بعكس ما حدث مع الدول الأخرى والكبيرة منها خلال 2020".
جنى ثمار الإصلاح
وطالب رئيس غرفة الصناعات، بالتركيز على جنى ثمار الإصلاح التشريعى بتفعيل القوانين المختلفة المحفزة لنمو الاستثمار الصناعي، بالإضافة إلى إعفاء السلع الرأسمالية من الضرائب والرسوم، وتوفير الدعم الكامل لهيئة سلامة الغذاء من ميزانيات والكوادر وأفرع بالموانئ والمحافظات لتحقيق الانتشار والتواجد القوى لمنظومة سلامة الغذاء بجانب الوصول بحوافز وتيسيرات قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقانون التراخيص الصناعية الجديد إلى أكبر عدد من المستفيدين.
من جانبها، أكدت رنا جمالى، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، أن قطاع الصناعات الغذائية لم يواجه أى تأثيرات سلبية أو توقف لعجلة الإنتاج خلال أزمة كورونا بفضل التعاون المشترك والبناء بين الغرفة ومجلس الوزراء.
وأضافت: حدث تراجع فى نمو قطاع المشروبات والمياه الغازية نتيجة انخفاض إعداد السياحة وتأثر قطاع المطاعم والسفر، ولكن المصانع لم تتوقف يوما عن الإنتاج، وهو إنجاز يحسب لمجلس الوزراء ومجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية.
واعتبر محمد باشنفر، رئيس شعبة المنتجات الغذائية المتنوعة بغرفة الصناعات الغذائية، أن تحفيز القطاع غير الرسمى للانضمام إلى قطاع الصناعات الغذائية أصبح "ضرورة" فى ظل الاشتراطات الجديدة لسلامة الغذاء والتوجه نحو الغذاء الآمن والقابل للتصدير، مشيرًا إلى أن خطورة المنتجات الغذائية المنتجة خارج القطاع الرسمى غير مطابقة للمواصفات ومن ثم تضر بصحة المستهلك وأيضًا سمعة الصناعات الوطنية فى الأسواق الخارجية.
وقال الدكتور محمد فوزى، رئيس شعبة السكر والحلوى بغرفة الصناعات الغذائية، إن الدولة تعمل حاليًا على سد الفجوة فى إنتاج واستهلاك سكر البنجر المستخدم فى صناعات الحلويات، مشيرًا إلى أن منظومة الدولة لإدارة السكر اختلفت تماما عن السنوات الماضية ولم تحدث أزمة فى السكر مجددًا.
ولفت فوزي إلى أن الغرفة تدعم توجه الدولة لإقامة صناعات للسكر بالاعتماد على الزراعة وتشجيع إقامة زراعات البنجر، ومنها مشروع شركة القناة والذى يستهدف زراعة نحو 20 ألف فدان، مشيرًا إلى أن الفجوة فى السكر تتراوح بين مليون إلى 1.1 مليون طن، فيما يبلغ حجم الإنتاج 2.4 مليون طن والاستهلاك 3.5 مليون طن، متوقعًا أن سد الفجوة فى سكر الصناعى خلال عامين بسبب التوسع فى زراعات البنجر.