ولأن القرآن كتاب ألفاظ ومعاني فقد انشغل المفكر السوري الراحل محمد شحرور بالبحث عن ( دلالات) الألفاظ فى عربية القرآن خلال بحثه وتدقيقه للفروق الدلالية لمصطلحات وألفاظ عربية المصحف التى تختلف فى دقتها طبعا عن عربية العرب، كي نصل إلى المقصود الإلهي بدقة وكى نفهم المقصود بشكل منضبط وحصري بعيدا عن ذلك الفهم التراثى الانطباعى الذى يحمل النص ما لم يحتمل.
* ولان القرآن (دقيق الدلالة) لكل لفظ من ألفاظه ولايعرف الترادف او التطابق الدلالى بين الالفاظ فالفقراء غير المساكين، والزوج ليس هو البعل والفعل غير العمل وجاء تختلف فى الدلالة عن اتى، وامرأة غير امرأت بالتاء المبسوطة، وصلاة غير صلوة غير صلوات، فقد توصل مفكرنا إلى العديد من (الدلالات) للعديد من الألفاظ القرآنية والتى أوضحت الفهم أحيانا بشكل أكثر دقة، وغيرت الفهم السائد أحيانا أخرى تماما ومن أهم ( دلالات) الألفاظ التى وصل اليها ( مفكرنا العظيم الراحل) هو الفرق الدلالى بين لفظة (الانزال) ولفظة (التنزيل) فى عربية القرآن.
* الإنزال: فى المصحف هو تحويل الآيات المخزنة إلى اللغة العربية؛ تمهيدا لعملية تنزيل الآيات على الرسول وعليه الإنزال: حسب المصحف هو تحويل غير المدرك الى مدرك لك
* أما التنزيل: فهو وجود موضوعى للشيء خارج الوعى والإدراك الإنسانى أي قد يكون الشيء موجود إلى جوارك لكنك لاتدرك وجوده او تشعر به لم يدخل الى وعيك
* وقبل أن نبدأ علينا أن ندرك أن آيات الكتاب نوعان؛ آيات (مخزنة) وآيات (غير مخزنة)،
* وعلينا أن ندرك أن آيات الكتاب 6236 آية ومكونات الكتاب 4 منهم، 3 مكونات منها (غير مخزنة) (إنزال وتنزيل فوري).
* القرآن وهو عبارة عن (آيات برهان إثبات ألوهية الرسالة الخاتمة) وهو 5000 آية وأكبر مكونات الكتاب وهو قديم ومخزن وجاءت آياته من المخزنين الربانيين اللوح المحفوظ والإمام المبين وليس له مناسبات أو أسباب نزول.
* ايات الرساله 1000 آية فقط (محكم وتفصيل محكم) والآيات السبع المثانى وايات قصه النبى محمد وقومه والتى لا تزيد عن 229 آية تقريبا (غير مخزنه) طبعا وغير قديمه والرساله والسبع المثانى ليس لها مناسبات نزول ايضا مثل القرآن،
* آيات قصه النبى وقومه فقط لها مناسبات نزول وهى من التاريخى فى كتاب الله وليس الدينى
* عملية( الإنزال) سبقت عملية التنزيل للكتاب، اما غيره فقد حدث له العكس تماما، حيث سبق (التنزيل) اولا ثم تاليا إدراك الانسان له وتحويله الى مدرك ( انزال) وهناك نوع ثالث اشياء كانت موجودة على الارض مثل الحديد ضمن زرات التراب ولكن لم يكن الانسان يدركه فحدث له عمليه انزال فقط اى ادخاله الى الوعى البشرى واكتشاف الانسان له، دون اى تنزيل من السماء
* القرآن( ايات الغيبيات) 5000 اية (الايات المخزنه ) حيث حدث (الانزال) فى ليله القدر اى تحويل الايات المخزنه، الى اللغه العربية اولا ثم حدث (التنزيل) من السماء بالوحى بعد ذلك على مدار 23 عاما على الرسول، متقطعا ارتالا كل رتل عبارة عن آيه ايتان او ثلاثه او اكثر ،
* غير المخزن (الرساله والسبع المثانى وقصه النبى وقومه) تزامن وترافق الانزال والتنزيل معا دفقه واحده مباشره
* اللوح المحفوظ:
مخزن ربانى رقم 1 يخزن فيه كل قوانين الخلق خلق الانسان والكون واقدار المخلوقات قال تعالى (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ) (22) البروج
* الامام المبين: مخزن ربانى رقم 2 يخزن فيه كل تصرفات السابقين
يحفظ فيه الله كل تصرفات الموتى وافعلهم وجاء منه مخزنا القصص القرآنى كله قصه ادم ونوح وهود وصالح وشعيب وابراهيم ولوط ويوسف موسى وداوود وسليمان ايوب وعيسى
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ (12)
*القرآن ( انزل) فى ليله القدر وهى ليله من ليالى شهر رمضان المبارك ولم (يتنزل) فيها، الانزال تحويل الايات المخزنه فى المخازج الربانيه اللوح المحفوظ والامام المبين من نص مخزن عند الله بلغه لايدركها البشر الى لغه يدركها الناس، تمهيدا لتنزيله على الناس وتحويل غير المخزن الى العربيه ايضا حيث تلازم الانزال والتنزيل لغير المخزن
*الانزال: عمليه تجهيز حدثت لايات القرآن التى كانت مخزنه تحويل غير المدرك الى مدرك هذا هو الانزال وهذا هو ماحدث فى هذه الليله الخالده من ليالى رمضان والتى سماها الله ليله (القدر) وهو لايعنى التنزيل طبعا الى الارض عبر الوحى
*الانزال حدث فى ليله (ليلة القدر) والتنزيل حدث فى 23 عاما متقطع ارتالا
*الانزال: قال تعالى) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (2)يوسف
* وقال تعالى) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (1) القدر
*التنزيل المتقطع
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلًا (23) الانسان
تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) طه
تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٢ السجدة﴾
تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴿٥ يس﴾
تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴿١ الزمر﴾
تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴿٢ غافر﴾
تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ ﴿٢ فصلت﴾
تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴿٤٢ فصلت﴾
تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴿٢ الجاثية﴾
تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴿٢ الأحقاف﴾
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٨٠ الواقعة﴾
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٤٣ الحاقة﴾
*لاحظ 4 اشياء فى المصحف لهم (انزال وتنزيل) (القرآن) و(الماء) و(المن والسلوى) و(الملائكه)
* لاحظ هناك 3 اشياء لهم انزال فقط (الحديد) و(اللباس) و(الانعام)، لهم فى المصحف (انزال) فقط
* الله لم ينزل بالحديد من السماء، الحديد كان موجودا فى ذرات التراب لكنه لم يكن مدرك لديك لذلك قال تعالى( انزلنا) الحديد ولم يقل نزلنا الحديد
* (الانعام) لم تنزل من السماء، قال تعالى انزلنا ولم يقل نزلنا كانت موجوده لكنك لم تكن تدركها
* (اللباس) لم ينزله الله من السماء
*الانزال للقرآن وتحويل القرآن الى لغة يمكن ادراكها تطلب ليله واحده سماها الله ليله القدر وكانت تلك الليلة ضمن ليالى شهر رمضان كما حدد المصحف
* الكتاب والماء والمن والسلوى والملائكه لهم ( انزال وتنزيل)، لكن لهم وجود مسبق اى التنزيل اولا الى الارض ثم الادراك البشرى تاليا لهم ( الانزال) الا القرآن فقد حدث له العكس، الانزال اولا هناك فى السماء وتحويله الى لغه يمكن ادراكها ( العربيه) قبل تنزيله ثم تنزيله من السماء على الرسول عبر الوحى جبريل الامين
* الثلاثة الحديد واللباس والانعام لهم (انزال) فقط وليس لهم تنزيل من السماء
* والقرآن مثلا له (جعل) وله( انزال) حيث لفظة (الجعل) فى المصحف تدل على (الوجود السابق للشئ)، اى هو موجود ولكن سنجعله شيئا اخر، بينما لفظه الانزال تعنى (تحويل غير المدرك) اى الى شئ يمكن ادراكه ولقد ترافق الجعل والانزال للقرآن وهو اكبر مكونات الكتاب، كما ترافق الانزال مع التنزيل للرسالة ولقصه النبى وقومه وللسبع المثانى
* قال تعالى (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (3) الزخرف
*قال تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (2) يوسف
1- والقرآن وله انزال وتنزيل
* انزال (تحويل غير المدرك الى مدرك)
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) يوسف
* تنزيل (الوجود الموضوعى)
وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا (106) الاسراء
2- الماء له تنزيل وانزال
*تنزيل (وجود موضوعى)
وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) ق
*انزال (ادراك للوجود الموضوعى)
وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18) المؤمنون
3- المن والسلوى له تنزيل وانزال
*تنزيل (وجود موضوعى)
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ (80) طه
*انزال (ادراك لما هو موجود )
وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ ۖ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ۖ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57) البقره
4- الملائكه لها تنزيل وانزال
تنزيل (وجود موضوعى) اى ان الله انزل الملائكة الى الارض ثم كان ادراكهم من قبل الناس تاليا
۞ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111) الانعام
انزال (ادراك الوجود الموضوعى)
وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ۖ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ (8) الانعام
1- الحديد له انزال فقط
================
أنزال (ادراك لشئ موجود اصلا فى الكون ) له وجود مسبق لكنه غير مدرك
وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25) الحديد
2- الانعام لها انزال فقط
===============
انزل ( ادراك الموجود والذى كان غير المدرك بالنسبه لك )
وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ۚ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ (6) الزمر
3-اللباس له انزال فقط
==============
إنزال اللباس (إدراك الموجود غير المدرك)
يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) الأعراف.