الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

حكاية «باكيري» أشهر مومياء بمتحف اللوفر.. تنسب لأحد نبلاء المصريين الذين عاشوا فى العصر البطلمي

مومياء باكيري
مومياء باكيري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مومياء اللوفر التى تعود لعام ٣٠٥ ق. م، هى إحدى أروع المومياوات من حيث دقة وبراعة عملية التحنيط المنفذة بها، والتى ساعدت بشكل مثالى على حفظ جثة المتوفى حتى يومنا هذا.

وتعود المومياء لشخص يُدعى «با كيري»، أو «با شيري»، وتُعرف أيضًا بمومياء نينو، وذلك لأنه حتى الآن لا يزال هناك خلاف على تحديد اسم صاحبها بشكل قاطع لصعوبة قراءة اسمه، وانعدام المعلومات التاريخية عنه.

وكل ما يعرف عنه أنه شخص عاش خلال العصر البطلمى وربما كان أحد الأثرياء أو النبلاء أو صاحب منصب رفيع ولا أدل على ذلك من طريقة تحنيطه المثالية والمواد المستخدمة فيها وهو الأمر الذى لم يكن يقدر عليه فى هذه الفترة الزمنية سوى الأثرياء فقط.

ويقول أحمد فتحي، مؤرخ مصرى، وباحث فى شئون الآثار المصرية: رغم أن المومياء يعود تاريخها للعصر البطلمي، إلا أننا نجدها محنطة تمامًا، وفق التقاليد المصرية القديمة وذلك لأنه فى فترة حكم البطالمة ساد اتجاه دينى وفنى ومعمارى يُحاكى الحضارة المصرية القديمة؛ حيث إن أغلب البطالمة اليونان رأوا فى ملكهم امتدادًا للحضارة المصرية القديمة فتمصروا ودانوا بالمعتقدات المصرية، ودمجوا آلهة الإغريق مع الآلهة المصرية القديمة، فنتج عن ذلك عقيدة دينية متفردة، تميز بها حكام البطالمة فى مصر.

وعلى رأس العادات التى استمرت عادة التحنيط المصرية القديمة حيث ظل الاعتقاد المصرى بالبعث والخلود قائما وحرص الشخص على تحضير مقبرته التى تحمل صورته واسمه وألقابه التى شغلها فى حياته وساعد ذلك على استمرار عادة صنع الأقنعة والتوابيت المجسمة التى تعكس صورة وهيئة المتوفى كى تتعرف عليه روحه بعد وفاته.

وتابع «فتحي»: على الرغم من استمرار كل تلك السمات المصرية القديمة إلا أنه نظرًا للحالة الاقتصادية التى تدهورت نسبيًا مقارنة بما كانت عليه فى عصور مصر القديمة فنرى التوابيت المجسمة قل استخدامها واستبدلت بالأقنعة الجنائزية الخشبية والمصنوعة من الكارتوناچ ثم تحولت لمجرد بورتريهات مرسومة على ألواح خشبية فى العصر الروماني، فيما بعد، إلى أن انعدمت وأصبحت مقتصرة على ذكر اسم المتوفى، وما كان يشغله فى حياته فقط، حتى دانت مصر بالمسيحية، وهُجرت الديانة المصرية القديمة، وانتهت معها عادة التحنيط.

وأشار إلى أن المومياء محنطة بشكل مثالى وبدرجة عالية من الدقة، جعلتها تتفوق على بعض المومياوات التى تعود لملوك مصريين عظام، وأهم ما يُميزها طريقة لف اللفائف الكتانية على الجثة على هيئة مربعات متداخلة ومتشابكة، وهو على عكس المعتاد عليه فى باقى المومياوات حيث يتم لف أشرطة الكتان بشكل دائرى منتظم حول الجسد.

وتلك الطريقة المختلفة ساعدت بشكل كبير على حفظ المومياء فلم تتحلل أو تتمزق أو تلتصق بالقناع والتابوت وظلت طوال هذه الفترة محفوظة لم تتفكك رغم مرور ما يزيد على ٣٣٢٦ سنة على عملية التحنيط.

كما أن المومياء مليئة بالنقوش التى تمثل كلًا من الآلهة المصرية حورس وأوزيريس وإيزيس ونفتيس وأنوبيس وماعت وهم أهم رموز العبادة فى الديانة المصرية القديمة ولكل منهم دور يمثله فى العالم الآخر والحياة ما بعد الموت وفق المعتقد المصرى القديم.

وكما هو المعتاد تم تفريغ المومياء من الأعضاء الداخلية ووضعت بالأوانى الكانوبية وتُرك القلب ثم قام الكه‍نة والمحنطون بدهن الجسد بالكامل بالزيوت العطرية والمواد الصمغية التى هى أساس عملية التحنيط وتُركت لتجف ثم قاموا بتغطيتها بالأشرطة الكتانية.

واختتم الباحث فى علم الآثار، المومياء معروضة حاليًا بمتحف اللوفر بباريس وتخضع للعديد من الفحوصات والدراسات للكشف عن المزيد من الأسرار التى تخفيها ولتعطينا بعض التفاصيل والمعلومات عما وصل إليه فن التحنيط فى الإسكندرية، خلال العصر البطلمي.

حيث كانت الإسكندرية وقتها تحتل مكانة رفيعة بين مدن العالم حيث كانت مدينة الفنون والعلوم وأهم مراكز تلقى العلوم حيث كان يتوافد عليها جميع العلماء الذين أسهموا بشكل كبير فى تقدم الحضارة الإنسانية.