على مدى أكثر من ٣ أشهر كانت الفنانة الكبيرة دلال عبدالعزيز بمثابة "حديث الصباح والمساء" في الوسط الفني والإعلامي، وأيضًا بين الجمهور الذي تابع حالتها الصحية أولا بأول، منذ إصابتها بفيروس كورونا أواخر شهر أبريل الماضي، حتى وافتها المنية اليوم السبت عن عمر ناهز ٦١ عامًا.
لم يأت اهتمام الجميع بحالة الفنانة دلال عبدالعزيز من فراغ، فقد كانت بمثابة "الجندي المجهول" في الوسط الفني، تتابع حالة أي فنان مريض في صمت وبعيدًا عن الأضواء، حتى أجمع الوسط الفني بأكمله على وصفها بالطيبة، رغم أن معظم الفنانين لا يملكون وقتهم، فهم مشغولون بأعمالهم سواء بالتصوير أو التحضير أو الانتقال من مكان لآخر ومن دولة لأخرى بهدف التصوير.
على خلاف ذلك كانت دلال عبدالعزيز، التي استطاعت التحكم في وقتها وتقسيمه بشكل مدهش، فهى "زوجة وربة منزل" لم يشهد مشوارها مع زوجها الراحل سمير غانم أي مشكلات، وخرجت من تحت يدها موهبتان من أفضل المواهب الفنية، هما "دنيا وإيمي سمير غانم"، وهى أيضًا فنانة قديرة قدمت العديد من الأعمال المهمة سواء في السينما أو المسرح أو الدراما التليفزيونية، وهى إنسانة تعي جيدًا معنى "الزمالة"، لا تدخر جهدًا في التواصل مع زملائها، وشكلت مع الفنانة الراحلة رجاء الجداوي والفنانة نهال عنبر مثلث الخير، واشتهر الثلاثي في الوسط الفني بأنهن بمثابة نقابة فنية مستقلة يقدمن الخدمات المتنوعة لزملائهن.
كانت دلال تمتلك ابتسامة مميزة لا تفارقها حتى وهى تصارع فيروس كورونا على فراش المرض، ونجحت في أن تكون لها مكانة خاصة داخل قلوب جمهورها ومحبيها، وعندما فقدت زوجها سمير غانم لم تستطع توديعه إلى مثواه الأخير بسبب مرضها رغم أنها من الفنانات التى لا يفوتها الواجب سواء في الفرح أو العزاء وتجدها أول المشاركين في محن وأزمات زملائها.
دخلت دلال عبدالعزيز قلوب جمهورها بلا استئذان، وكانت حياتها بمثابة "ضحكة ودمعة" في نفس الوقت على خد الزمن، فالضحكة تعود إلى أنها رسمت البسمة على الوجوه من خلال العديد من المسرحيات التى شاركت فيها منها "خدمة إنسانية وفخ السعادة الزوجية وأهلا يا دكتور وجواز مع الاشتراك في الأرباح وهالة حبيبتي وفارس بني خيبان وأخويا هايص وأنا لايص وحب في التخشيبة وجوازة طلياني"، وكذلك أدوارها في عدد من المسلسلات حيث جسدت "عطية " في ملوك الجدعنة و"عفاف عصمت" مع النجم عادل إمام في "فالنتينو" وأسعدتنا في العديد من الأفلام منها "النوم في العسل" وجسدت "سعاد " بفيلم صراع الزوجات و"مديحة" في "يارب ولد".
أما الدمعة فقد رسمتها دلال عبدالعزيز على خد جمهورها والزمن برحيلها اليوم السبت، حيث توفيت بعد رحيل زوجها الفنان سمير غانم بثلاثة أشهر بعد صراع مع المرض تاركة بصمة في قلوب وأذهان جمهورها ومحبيها.
وللقدر رسالة تجسدت بشكل كبير عبر مشوار دلال عبدالعزيز حتى مشهد النهاية، حيث قدمت دلال آخر أدوارها الدرامية شخصية "عطية" بمسلسل "ملوك الجدعنة"، وظهرت خلاله مجسدة والدة الفنان عمرو سعد، وفي أحداث المسلسل ماتت "عطية"، متأثرة بأزمة صحية نتيجة وضعها في السجن بمكيدة دبرها لها وليد فواز انتقاما من ابنها "سارية" عمرو سعد، وتحملت عطية ذلك الوضع لإنقاذ ابنها، واستطاع عمرو سعد تهريبها من السجن، ولكن حالتها الصحية كانت حرجة لتموت عطية، في مشهد مؤثر جدا، جعل محبيها يصفونه بالمشهد الشؤم عقب مرضها، حيث نقلت إلى المستشفى في أول مايو تزامنا مع عرضه على شاشة أم بى سى مصر.
أحداث المسلسل تضمنت الكثير من مشاهد العنف والقتل إلا أن دلال عبدالعزيز كانت البسمة الحقيقية والحلوة وسط كل المشاجرات والدماء وكان أجمل ما في المسلسل أيضا أنه شهد آخر ظهور للنجم الراحل يوسف شعبان.
أما اسم المسلسل "ملوك الجدعنة" يعد رسائل من القدر حيث رحلت دلال عبدالعزيز عن الشاشة في ملوك الجدعنة فكانت بالفعل ملكة من ملوك الجدعنة كلها بشهادة كل زملائها في الوسط الفني.
ربما تكون الجنازة الوحيدة والعزاء الذى لم تستطع حضوره هو عزاء زوجها الفنان الكبير الراحل سمير غانم بعدما تم نقلهما سويا إلى الرعاية المركزة أول مايو الماضي بسبب مضاعفات فيروس كورونا ليرحل في ٢٠ مايو الماضى عن عمر ناهز ٨٤ عاما، وتلحق هى به بعد وفاته بثلاثة أشهر السبت ٧ أغسطس.
ومن المقرر أن تشيع جنازتها غدا الأحد عقب صلاة الظهر بمسجد المشير بالتجمع الخامس والعزاء في مدافن الأسرة بمدافن الوفاء والأمل بمدينة نصر.
