تمر اليوم ذكري رحيل البابا كيرلس الخامس ولقبه أبو الإصلاح الذي رحل في مثل هذا اليوم 7 أغسطس سنة 1927 م. وحمل رقم ١١٢ م من باباوات الكرازة المرقسية.
وبهذة المناسبة تستعرض البوابة نيوز مسيرة حياته الحافلة حسب ماوثقته موسوعة تاريخ الكنيسة.
نشأته وخدمته:
ولد باسم يوحنا باحدي قري محافظة بني سويف سنة 1831 م. واهتم منذ بداياته بدراسة في الكتاب المقدس وسير القديسين
ولد يوحنا في بلده تزمنت مديرية بنى سويف سنه 1824، وبعد ميلاده بفترة هاجر به أبواه من تزمنت ليستوطنا كفر سليمان الصعيدي (كفر فرج) بمديرية الشرقية ثم توفي والده وهو طفل، فتكفل به شقيقة الأكبر المعلم بطرس، ولما بلغ سن الرشد رسمه الأنبا إبرام مطران القدس شماسا، ولما بلغ العشرين من عمره في سنه 1844 تردد بين أمرين: إما أن ينذر نفسه لله ويعيش بين الرهبان، أو يتزوج ويصبح أب أسرة، إلا أن الوازع الأول تغلب عليه، فقصد دير السريان ولكن أسرته سعت لإرجاعه ورجوه ألا يتركهم، إلا أنه ما لبث أن هرب ليعيش راهبا في دير البراموس.
وكان دير البراموس آنذاك يعانى من الفقر،، حتى أن رهبانه كانوا يقتاتون على الترمس الذي كان مدخرًا في الأديرة منذ أيام المعلم إبراهيم الجوهري، ولذلك كان عدد رهبانه قليل وصلوا إلى أربعة رهبان، ومن ثم اتفقواعلى ترقيته إلى درجة الكهنوت، وكتبت له ترقية ورسم قسًا 1845 على يد الأنبا صرابامون أسقف المنوفية في حارة زويلة.
ترشيح القمص يوحنا للبطريركية:
رحل البابا ديمتريوس واجتمع الأساقفة وقرروا تعيين مطران البحيرة ووكيل الكرازة المرقسية نائبًا بطريركيًا إلى أن يتفقوا على اختيار بطريرك جديد، إلا أن هذا المطران لم يقنع بهذا المنصب المؤقت بل طمع في المنصب بشكل دائم، فرشح نفسه بطريركًا، ولكي يكسب عطف الشعب، شكل لهم مجلسًا مليًا من أربعة وعشرين عضوا واعتمده من الخديوي بقرار حكومي صدر في 29 يناير 1874.
وكان هذا المطران يخطو بثقة، بل أن وهبة الجيزاوي كبير كتاب المالية آنذاك استطاع أن يقنع الخديوي بصلاحيته دون غيره للكرسي البطريركي، فأخذ إسماعيل باشا برأيه، واظهر استعداده له متى اجتمعت كلمه الأقباط عليه
إلا أن الأساقفة برئاسة الأنبا ايساك أسقف البهسنا والفيوم زاروا وهبه بك هذا في داره، وافهموه أنهم اتفقوا جميعًا على ترشيح القمص حنا الناسخ البراموس بطريركا، كما حملوه بلهجة شديدة مسئولية تأخير الرسامة، وما يترتب عليها من سوء العواقب بالكنيسة والشعب، وقالوا له أنه قد توفي أساقفة قسقام ومنفلوط وأسيوط وقنا واسنا والخرطوم وإنهم يخشون من تأخر الرسامة أكثر من ذلك فلا يجدون فيما بعد العدد الكافي من الأساقفة لتنصيب البطريرك، وصارت مشكلة بين وهبه بك والأنبا ايساك، وما لبث أن مات وهبه بك من الحزن لما فعل، كما حزن إسماعيل باشا على وهبه بك فأرجأ إصدار أمر عال بالرسامة.
كانت الكنيسة الحبشية تعانى من بعض المشاكل التي لا يمكن حلها إلا عن طريق البطريرك، لهذا وسط النجاش قنصل روسيا لكي يتدخل ويعجل برسامة بطريرك في مصر عند الباب العالي في الأستانة، وبعد أن درس الباب العالي القضية في الديوان العثماني بالأستانة، كتب السلطان يتعجل الخديوي في سيامة البطريرك، فلم يجد إسماعيل باشا مفرا من التنفيذ بان أعطى الحكومة أوامر بالتنفيذ
وعليه التمس الشعب القبطي رسامة القس يوحنا، طلب من الخديوي عن طريق المجلس الملّي إحضاره بمساعدة الحكومة لرسمه بطريركًا، فتم ذلك، وكلفت الحكومة مدير أمن البحيرة بإحضاره، فحضر القمص يوحنا إلى القاهرة وانتخبه البطاركة والأساقفة الأعيان بطريركا للكرازة المرقسية في 23 بابة 1591، 1نوفمبر 1874 باحتفال كبير حضره كبار رجال الأمة والرؤساء الروحيون وكان ذلك في الكنيسة الكبرى في الأزبكية.
أعمال البابا كيرلس الخامس الإصلاحية:
كثرت أعماله الإصلاحية وشيد ثلاثة عشر كنيسة بمصر والخرطوم والجيزة منها: كنيسة مارمرقس بالجيزة 1877، وكنيسة الملاك غبريال بحارة السقايين 1881، وكنيسة العذراء بالفجالة 1884، وجددت كنيسة الملاك البحري 1895، وشيدت كنيسة العذراء بحلوان 1897 ووضع أساس كنيسة مارمرقس بالخرطوم في 27 مارس 1904، وأساس مدرسة بولاق القبطية الصناعة في 25 يونية 1904، وانتظمت في عهده كنيسة الرسولين بطرس وبولس بالعباسية سنه 1912 وكنيسة الشهيدة دميانة ببولاق 1912، ومار مرقس بمصر الجديدة 1922 والعذراء بشارع مسرة بشبرا 1924 وغيرها من الكنائس.
وقام باستكمال الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالأزبكية، واهتم بأديرة الراهبات ومنها دير أبو سيفين بمصر القديمة وديريّ العذراء ومارى جرجس بحارة زويلة،
أنشا أيضا تسع مدارس بالقاهرة والجيزة منها المدرسة الإكليريكية ومدرسة البنات بالأزبكية واشترى السراي الكائنة بمهمشة حيث المدرسة الإكليريكية كما اشترى خمسمائة فدان مما زاد معه إيراد البطريركية
البابا وزعماء مصر:
كان على علاقة وطيدة بأقطاب السياسة في مصر وفي مقدمتهم الزعيم الوطني سعد زغلول فكان يزوره ويدعو له بالبركة وبالتوفيق في كل خطواته، كما كان على صلة به مستمرة به خاصة بعد قيام ثورة 1919، فجعل من كنائسه منابر للخطباء، وأمر القساوسة أن يتعاونوا مع شيوخ الأزهر على توعية المصريين في طلب الاستقلال ووحدة وادي النيل.
وعندما تشكل الوفد المصري برئاسة سعد زغلول وسفره إلى لندن في 11 إبريل 1919 لمفاوضة الإنجليز في الاستقلال، كان من بين أعضائه أربعة من وجهاء الأقباط مثل: سينوت حنا - جورج خياط - ويصا واصف - مكرم عبيد.
وظل البابا مرتبطًا بسعد وبالثورة حتى توفي مع سعد زغلول في نفس السنة ونفس الشهر (7 أغسطس 1927) ومات سعد زغلول في 27 من نفس الشهر، وكان البابا قد بلغ السادسة والتسعين من عمره، وزادت عليه الأمراض، وتم تجنيزه ودفنه في مقبرة البطاركة مقبرة القديس استفانوس المجاورة للكنيسة المرقسية الكبرى.وخلفه علي كرسي مارمرقس البابا يؤانس التاسع عشر.