قال خبراء في الاقتصاد، إن إشادة صندوق النقد الدولى بالاقتصاد المصرى، واختياره من قبل فوربس كثالث أقوى اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، يرجع لكونه من أكبر الاقتصادات الواعدة، وحقق أعلى معدلات نمو إيجابية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حتى خلال فترة الأزمة المالية الحالية، بالإضافة إلى قدرته على تخطى أزمة كورونا، في الوقت الذى حققت فيه دول أخرى نموًا بالسالب، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
ويرى الدكتور رمزى الجرم، خبير اقتصادي، أن اختيار مجلة فوربس للاقتصاد المصري كثالث أكبر اقتصاد في المنطقة العربية، بعد كل من المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، جاء ليؤكد ما أشادت به العديد من المؤسسات الدولية العالمية، ووكالات التصنيف الائتماني، وعلى رأسها: مجموعة صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والتي صنفت الاقتصاد المصري باعتباره اقتصادًا واعدًا، حقق أعلى معدلات نمو إيجابية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حتى خلال فترة الأزمة المالية الحالية.
وأوضح الجرم، أن السعودية احتلت المرتبة الأولى، من حيث الناتج المحلي الإجمالي، بتوقعات نمو تقدر بنحو 804.9 مليار دولار، مع نهاية العام 2021 مقابل 701.5 مليار دولار في 2020، ثم تأتي الإمارات بنحو 401.5 مليار دولار في 2021 مقابل 354.3 مليار دولار في 2020، أما مصر فالتوقعات تشير إلى تحقيق نحو 394.3 مليار دولار، مع نهاية العام 2021 مقابل 361.8 مليار دولار في 2021.
وأوضح الخبير الاقتصادى، أن الإشادات التي يحصل عليها الاقتصاد المصري، بين الحين والآخر، خصوصًا في ظل شدة الأزمة المالية الجارية، وبحق إلى قوة الاقتصاد المصري، وقدرته على مواجهة الصدمات المالية الفجائية، بشكل احترافي وغير مسبوق، بفضل حزمة الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد، في المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي والتي تركزت بشكل أساسي على إصلاح الاختلالات الهيكلية، في السياستين النقدية والمالية، مما خلق سوق صرف أجنبي أكثر استقرارًا، وكبح جماح التضخم ليصل إلى رقم أحادي، واستقبال المزيد من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وإصلاح المالية العامة للدولة، من خلال إدارة الدعم بشكل سليم، في ظل توفير مظلة الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا.
وتابع "الجرم" بقوله: تلك النتائج ستكون مفتاحًا للبدء في المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي، والذي سوف يركز على إصلاح العديد من القطاعات الحيوية في الاقتصاد المصري، وفي مقدمتها الصناعة التحويلية، وتكنولوجيا المعلومات، والاتصالات والقطاع الزراعي، من أجل استدامة النمو الاقتصادي، والاستمرار في تحقيق أكبر معدل نمو اقتصادي بين الاقتصادات الناشئة، واقتصادات الدول النامية، معتمدًا بشكل أو آخر على زيادة درجة الثقة العالمية في الاقتصاد المصري، والتي تؤدي لتدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية، فضلا عن الحصول على ائتمان منخفض التكاليف من أسواق المال العالمية.
ويتفق الدكتور أحمد شوقى، خبير اقتصادي، مع "الجرم"؛ مؤكدًا أن التقارير الصادرة عن المؤسسات والهيئات الدولية، عن تصنيف الاقتصاديات الدولية، تتمتع بالمصداقية والشفافية الناتجة عن مجموعة متعددة من العوامل والمؤشرات، الناتجة عن الدراسات التحليلية والمستفيضة.
وقال شوقى: لقد شهد الاقتصاد المصري، خلال الأعوام القليلة الماضية، إشادة العديد من الهيئات والمؤسسات الدولية، في العديد من الجوانب، كصندوق النقد الدولي، وستاندرد آند بورز، وفيتش، والايكونوميست، وآخرها فوربس الأمريكية، كثالث اقتصاد في المنطقة العربية، بعد السعودية والإمارات.
وأرجع "شوقى" إشادات التقارير الدولية بالاقتصاد المصري لعدة أسباب أبرزها: قدرة الاقتصاد على مواجهة أزمة كورونا، وتحقيق معدل نمو إيجابي، مقارنة بأغلب الدول التي إصابتها حالة من الركود، فضلا عن تحسن أداء الجنيه المصري، خلال الأعوام القليلة الماضية، مقابل الدولار الأمريكي، هو ما يظهر تحسن أداء السوق المصرية، إضافة لانخفاض معدل التضخم بنسب كبيرة، مقارنة بالسنوات الماضية، بعدما وصل إلى 32%، واحتواء الضغوط التضخمية التي أسفرت عن وصول التضخم لنحو 4.9%.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى بدء تحسن جودة المنتجات المصرية، والتوجه نحو الاعتماد على الصناعات المصرية نتيجة دعم الدولة للقطاع الصناعي والعديد من القطاعات الأخرى كالقطاع الزراعي والإنتاج الداجني والسمكي وقطاع السياحة الذي أصيب بشكل كبير وواضح، بعد غلق الحدود نتيجة انتشار أزمة فيروس كورونا والتي أدت إلى خفض فاتورة الاستيراد؛ حيث انخفضت فاتورة الاستيراد بنسبة 13% خلال 2020 من التجمعات الدولية، بالإضافة لانخفاض واردات مصر من المنتجات البترولية، بنسبة 11.4% خلال الربع الأول من عام 2021.
وأوضح شوقى، أن أبرز العوامل المساهمة في الإشادة بالاقتصاد المصري، من قبل المؤسسات والهيئات الدولية، ارتفاع الاحتياطي النقدي الدولي من العملات الأجنبية، بعدما انخفض خلال أزمة كورونا، ليتجاوز 40 مليار دولار أمريكي، فضلا عن انخفاض حجم الدين الداخلي، مقارنة بالناتج المحلي، وتحقيق فائض أولي في الموازنة العامة للدولة؛ معتبرًا أن كل هذه المؤشرات نتيجة لتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، بمرحلته الأولي، والتوجه نحو الإصلاح الهيكلي، لاستكمال برنامج الإصلاح الاقتصادي، وللحفاظ على مكتسباته التي ساهمت في المرور من أزمة كورونا بكل صلابة.
فيما أشار أحمد معطى، خبير اقتصادي إلى أن اختيار فوربس سواء للدول أو رجال الأعمال يحكمه الثروة، وبالتالى بناء على الناتج المحلى الإجمالي، وحققت مصر 394.3 مليار دولار، مقابل 361.8 مليار دولار، بارتفاع 33 مليار دولار رغم كورونا، وجاءت مصر بالترتيب الثالث بعد السعودية والإمارات، الذى يتمتع اقتصادهما بمساندة النفط، الذى يسهم بقوة في الناتج المحلى الإجمالى، على عكس مصر التى تستورد النفط، مما يعنى تميزنا في باقى الصناعات.
وحول إشادة صندوق النقد بالاقتصاد المصرى؛ أكد معطى أن تحقيق مصر مستوى نمو 5.2% خلال العام الحالى مقابل 2.8% في العام الماضى، يرجع لاستقرار الاقتصاد المصرى رغم جائحة كورونا.
ولفت إلى الدور الذى لعبته خطة الإصلاح الاقتصادى التى تم تطبيقها عام 2016 في دعم الاقتصاد، والتى تجنى ثمارها في الوقت الحاضر، في وقت عانت فيه العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، والتى حققت معدلات نمو بالسالب، على عكس مصر، مما دفع الصندوق لتوقع مزيد من النمو خلال الفترة المقبلة.
وأشار معطى إلى أن مصر أصبحت نموذجا للدول الراغبة في الاقتراض من الصندوق، لأنها من أسرع الدول التى استجابت لمستوى السياسات الاقتصادية، بالإضافة إلى حرفيتها في التعامل مع أزمة كورونا، مما أكد قوة وصلابة الاقتصاد لامتصاص الصدمات، كما نجح برنامج التمويل في جذب المستثمرين، وتحمل الدين، رغم أن نموه مرتفع، ألا أنه في الحدود الآمنة، حيث لم يتخط 90% من الناتج المحلى الإجمالي.
وذكر "معطى"، أن جميع دول العالم تقترض، فالولايات المتحدة أكبر الدول مكبلة بالدين في العالم، والذى وصل سقفه إلى 28.5 تريليون دولار، على عكس مصر، ولكن تكمن الفكرة في إدارة الديون لخدمة مشروعات قادرة على تحمل الدين؛ مؤكدًا التزام مصر في سداد ديونها في مواعيدها.
وحول توقعات صندوق النقد من ارتفاع معدلات التضخم في مصر 6.8% نهاية العام الجاري أوضح الخبير الاقتصادي، أن من ضمن مستهدفات التضخم، تبعًا للبنك المركزى المصرى، أن يصل إلى 7% موجب، وسالب 2%، وبالتالى فمعدل التضخم المتوقع لا يزال في المستويات الآمنة.