الله اصطفى.. نعم ( اصطفى) الله البعض طبعا.. الله اجتبى، نعم (اجتبى) الله بعض رسله طبعا، لكن ماهو الفرق بين "الاصطفاء" و" الاجتباء"، وماهى شروط الاصطفاء الإلهية للبشر، والتى وردت بالمصحف وماهو الاجتباء وفق عربيه القرآن؟
ومن الذين يجتبيهم الله ؟وبماذا يجتبيهم الله ولماذا يجتبيهم ؟!، ومن الذى اصطفاهم الله؟، ومن الذى اجتباهم الله ؟!
* وهل اجتبى ربى الأنبياء أم اكتفى بإجتباء ( الرسل)( الذين يحملون رسالة معهم) أم اكتفى ربى بإجتباء (بعض) الرسل فقط وليس كل الرسل ؟!
* وهل اجتبانا الله نحن المؤمنين وبماذا اجتبانا ؟!
* سنحاول أن نفهم سويا"، كل ذلك دفقة واحدة، وسنحاول أن نصل، لنبحر فى كتاب الله وكنوزه التى لا تنضب ونعيش فى معيته ورحابه البديعة لنمارس متعة التفكر ولذة التدبر، ونحاول إشباع شبقنا وولعنا إلى معرفة الله جلت قدرته.
* عسى أن نصبح يوما" عنده (جل وعلى) من ( الأبرار) الذين لا يملون العشق ولا يكلون البحث فى كتابه المعجز (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (191) آل عمران.
* أولا الاصطفاء: فى عربية القرآن محدد وله شرطان بأن يكون لصاحب القدرات الأعلى ( عقليا) و(جسميا) قال تعالى:-( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)
* وفهمنا من الأية أن الاصطفاء الالهى للبشر له شرطان فى المصحف (بسطة فى العلم) اى اتساع فى الادراك أى قدرة على الادراك أفضل وأعلى و(بسطة فى الجسم) أى صحة أفضل أى (سلامة عقلية وسلامة جسدية افضل)، لكن بسطه المال ليست شرطا لدى الله كى يصطفى أحدا.
*وأنت عندما تفكر فى إرسال رسول عنك فى موضوع هام أو مشكلة تخصك، وتختار من ينوب عنك تختار من تظن فيه التعقل والروية والقدرة على العرض والتفاوض والصبر على المجادلة والمفاوضة دونما أن نلتفت أو نشترط السلامه الجسدية والخلو من الامراض التى قد تؤثر على سلامة التفكير وروية ردود الافعال او ندرك ارتباطهما معا السلامة العقلية والسلامة الجسدية.
*ولكن لأن السلامة الجسدية مرتبطة بالسلامة العقلية عند الله فقد ربطهما ببعض فى الأية لينبهنا الله على أهميه السلامة الجسميه وارتباطها بالسلامة العقلية للإنسان.
* والله عندما ( اصطفى ادم) فهمنا انه لم يقرر ادخال كل البشر الموجودين وقتها الى مرحله تعليم الممنوع لاول مره ومرحله التعريف بالشيطان، وانما اصطفى الله جزء من خلقه ( إناثا وذكورا) (ادم وزوجه) ونقلهم الى مكان اخر ملئ الثمار (غابه مثلا)، وترك من ترك ،
ونفهم من الايه ان النفخه التعليميه التى تأسست على( التقليم) (التمييز)، لم تكن لكل البشر الموجودين وقتها وانما لبعضهم ممن اصطفاهم الله وعلم فيهم ادراك افضل وخلو من الامراض التى تؤثر على القدرات العقليه والذهنيه
* ۞ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) آل عمران
ولقد اخبرنا الله انه كان يصطفى من الملائكة رسلا ثم المرحلة الثانيه كان يصطفى من الناس رسلا وهذا بداية من نوح طبعا
* اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75)
ثانيا: الاجتباء : وهو عباره عن (اطلاع الرسول المكلف برسالة على بعض الغيب نظرا لظروف رسالته التى تتطلب ذلك ) ولايكون الاجتباء حسب المصحف للانبياء، ولكن للرسل فقط، ولكن لا يكون لكل الرسل ولكن (لبعض) الرسل حصرا
يقول تعالى:-
* عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ( 27) الجن.
* لاحظ الاستثناء هنا فى الاية (الا من ارتضى من رسول)، اى ان الاجتباء لايكون للانبياء ولكن للرسل ولا يكون لكل الرسل بل لبعض الرسل ( الا من اجتبى من رسول) والله يجتبى من رسله فقط اما الانبياء فلا يجتبيهم ولا يطلعهم على اى غيب
* وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ (179) آل عمران.
* لا حظ الاستثناء فى الآية الكريمة (الا من ارتضى من رسول) عربية القرآن دقيقه فالغيب لايعلمه الا الله وسمى الله نفسه (عالم الغيب والشهاده) ايضا، هو يعلم مايغيب عنا وعن غيرنا من مخلوقاته وهو الشهيد الكامل الحضور لكل شئ وفى كل الشئ يسمع ويرى حيث تتطلب الشهاده فى لغه المصحف الحضور الكلى للشاهد وسلامه مدركاته السمع والبصر ( الصوت والصوره) قال تعالى (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ) (9) الرعد
* والغيب لايعلمه الا الله وقد يطلع رسول من الرسل على شئ من الغيب ولانقول وقتها ان هذا الرسول يعلم الغيب وانما نقول ( اطلعه الله على شئ من الغيب)
(مطلع) وليس( عالم) بالغيب فالغيب لا يعلمه الا الله ( قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) (65) النمل
* فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ﴿٢٠ يونس﴾
* وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ﴿٣١ هود﴾
* كذلك فإن الهدايه للانبياء والرسل فى المصحف (نوعان)، الهدايه الى التوحيد فقط ، وهدايه الى الصراط المستقيم ايضا
* وهناك من اجتباهم الله من رسله ومن هداهم بالتوحيد وهداهم الى الصراط ايضا فى نفس الوقت اى اعطاهم الله ( ثلاثه عطايا) (نوعين من الهدايه توحيد وصراط + اجتباء ( أى اطلاع على جزء من الغيب)
* الله مثلا لم( يجتبى) هود ولا صالح ولا شعيب ولا انبياء ولا رسل عديدين، بينما اجتبى ربى حسب المصحف ابراهيم ويوسف ويونس حيث تطلبت واقتضت ظروف رسالاتهم ذلك حيث اطلع الله ابراهيم على جزء من الغيب، (وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (75) الانعام
* ولقد ( اجتبى) الله رسلا عديده وهداهم ايضا واجتبى وهدي كثير من ابائهم واخوانهم وزريتهم من الرسل ايضا يقول تعالى(وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ ۖ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (87) الانبياء
* وهؤلاء من (اجتباهم) و(هداهم) الله من الرسل وذكرهم المصحف حصرا وهم (18) رسول فقط (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا ۚ وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86)
* واضاف الله تعالى علي ال 18 المذكروين فى المصحف الاتى ايضا
وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ ۖ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (87) ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ) الانعام
(صدق الله العظيم)
* ولاننا كمؤمنين اجتبانا الله أيضا بأكثر من 5000 آية وررت ضمن الكتاب من ( الغيبيات) من المخازن الربانية اللوح المحفوظ والإمام المبين وهى مجموع آيات النبوة (القرآن) والتى كانت مخزنة فأنزلها الله لنا ليطلعنا على جزء من الغيب وهى تحوى ثلاثة أسرار خلق الكون ومراحله، أسرار خلق الانسان، محطات التطور البشرى من آدم الى محمد كما كان يجتبى ويختص رسلا بعينهم إبان تكليفهم والله يذكرنا بفضله ويطلب التسلم الكامل له وأن نفعل الخير وأن نجهاد أنفسنا بلتزام محرماته واجتناب مجتنباته والاستماع الى أوامره وأن نقيم الشعائر.
* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۩ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ (اجْتَبَاكُمْ) وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) الحج
* ونقول إن ( الاجتباء) الذى هو أن يطلع الله أحد رسله على جزء من الغيب قد يكون بالرؤيه المنامية فى المنام وليس فى اليقظه وهنا علينا ان ندرك الفرق بين نوعين من الرؤيه فى المصحف الرؤيه المنامية التى عبرت عنها عربية المصحف بالرسم ( رأى) والرؤية العينية رؤية اليقظة والتى عبر عنها ورمز لها المصحف بالرسم ( رءا) حيث عربية القرآن دقيقة الدلالة وحصرية وتفصل بين الدلالات للدقة الشديدة.
ومانريد أن نؤكد عليه أن هناك ظروف رسالات ورسل اقتضت أن يطلع الله رسوله على جزء من الغيب اى يجتبيهم ورسل اخرين لم يجتبيهم حيث لم تتطلب ظروفهم او ظروف رسالاتهم ذلك، ومانريد التأكيد عليه أن الاجتباء لا يكون للانبياء حسب ماورد بالمصحف ولايكون لكل الرسل.