إنه لأمر مؤسف ما نراه في الآونة الأخيرة من جرائم قتل الأزواج لزوجاتهم والعكس بصورة بشعة وغير مألوفة على مجتمعنا المصري، حتى أصبح الأمر كحل جذري في حالة عدم التوافق بين الزوجين بدلا من الطلاق الذي حلله الدين الإسلامي وهو أبغض الحلال عند الله سبحانه وتعالى.
ولنا أن نتوقف كثيرا أمام تلك الظاهرة المفجعة التي هاجمت مجتمع كثيرا ما قدس الحياة الزوجية واعتبرها نواة لتكوين أفراد صالحين داخل نسيجه، وكيف لا نندهش والمولى عز وجل قال "وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَايَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ"، ولكن بعض حالات الزواج أصبحت اليوم بمثابة صراع وتحدي بين الزوجين لينتهي في لحظة غضب إلى جريمة قتل تشمئز لها الأبدان.
والعجيب في الأمر أننا لو نظرنا لتلك الجرائم، ومنها على سبيل المثال قيام إحدى السيدات بطوخ بقتل زوجها، ستندهش عزيزي القارئ أنه كان يعشقها بجنون إلا أن سبب الجريمة هو مصروف العيد، حيث طالبته المتهمة بمبلغ مالي إضافي لمستلزمات العيد فرفض ونشبت بينهما مشاجرة، حاول خلالها الاعتداء عليها، فدافعت عن نفسها بسكين كان في يدها خلال تواجدهما في المطبخ، ولم تشعر بنفسها إلا والسكين فى صدره؛ ليسقط على الأرض، ويلقى مصرعه في الحال.
إذا فنحن أمام تساؤل مهم: ما الذي أوصلنا لتلك المرحلة من نوعية تلك الجرائم يوميا؟ وكيف يمكننا تفاديها مستقبلا؟
حقيقة إن السوشيال ميديا تتحمل جزء كبير من تكرار هذه الظاهرة، فكان قديما قبل ظهورها تحدث مثل تلك الجرائم ولا نجد من يسلط الضوء عليها فلا يلتفت أحد لهذه الأفكار الشيطانية، إلا أننا اليوم ومع تداول مواقع التواصل لهذه الحوادث تشجع بعض الأزواج لتنفيذها دون مراعاة حرمة قتل النفس.
كما أن غياب الوازع الديني والتنشئة الأسرية الخاطئة لهما دور كبير في ذلك، بالإضافة إلى غياب الوعي بين الشباب والفتيات وسوء الاختيار منذ البداية أيضا يتسبب في حدوث مثل هذه الجرائم.
وقد أوصى ديننا الحنيف الشاب المقبل على الزواج بحسن اختيار الفتاة التي تكمل نصف دينه، كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:(تنكح المرأة لأربع مالها وجمالها وحسبها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)، ومن ذلك فإن المعيار السليم لاختيار الزوجة تكون من خلال سلامة دينها وحسن خلقها، وهو ما حرص عليه الأهالي قديمًا مما جعلهم ينعمون بحياة كريمة مبنية على الحب والود، فساد المجتمع المصري التماسك الأسري وقلة حالات الطلاق.
أما في الآونة الأخيرة ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وانفتاح الثقافات الغربية على الشرقية، اختلفت نظرة الشاب للفتاة في اختيار الأنسب له، وظهر مصطلح "الكيرفي" الذي أصبح معيار جمال الفتاة عند الشباب، ومصطلح "الكيرفي" لمن لا يعرفه يُطلق على الفتاة ذات الجسم المثير للنظر، وقد انتشر مؤخرًا على صفحات المواقع التواصل.
فأصبح الشاب يحلم بتلك النوعية من الفتيات معتقدًا أنها هى الأنسب له دون مراعاة الجوهر الداخلي لهن، فكم من فتيات مثيرات للنظر إلا أنهن غير مناسبات تمامًا لتحمل مسئولية بناء أسرة سليمة وتنشئة الأبناء على الأخلاق والسلوك القويم، صحيح أن المظهر الخارجي للفتاة مهم لحدوث الألفة فيما بعد الزواج، ولكن لا يجب أن نغفل أهمية الجوهر الداخلي والذي يمثل العامل الأهم في نجاح الزواج واستقراره.
فيأيها الشاب الطامح للزواج السليم وبناء أسرة قويمة لا يغريك المظهر الخارجي للفتاة دون دراسة جوهرها الداخلي، ولا تكتفي فقط بعبارات الحب والكلام المعسول الذي يزين البدايات، بل عليك بتحكيم عقلك قبل قلبك في اختيار زوجة المستقبل حتى تنعم بالزوجة الصالحة، وليكن شعارك "الجوهر قبل المظهر".