درجت الصحف المصرية والعربية والعالمية، على نشر ترتيب الدول الفائزة بميداليات أولمبية على أساس تصدر الدول الفائزة بأكبر عدد من الميداليات الذهبية ثم الفضية ثم البرونزية.
بمعنى أن دولة فازت بميدالية ذهبية واحدة، يأتي ترتيبها متقدما على دولة فازت بعشرين ميدالية فضية أو أكثر. ومن المعروف أن الفارق بين الفائز بالميدالية الذهبية والميدالية الفضية، قد يكون بجزء من المائة من الثانية، أو بجزء من السنتيمتر،...وهكذا.
ومن ثم وجد عدد من الباحثين والإحصائيين، أنه ليس من العدل أو المنطق أو حتى العلم، أن تتفوق دولة ما رياضيا في عدد كبير من الرياضات، وتحصل على عدد كبير من الميداليات الفضية وكذا عدد كبير من الميداليات البرونزية، ثم تأتي دولة تصادف أن لها مواطنا يعيش ويتدرب في الخارج أو في الداخل أو تجنس ولعب باسمها وفاز بميدالية ذهبية، فتسبق تلك الدولة ذات الميدالية الذهبية الواحدة في الترتيب، تلك الدولة ذات عشرات الميداليات الفضية والبرونزية. ومن ثم اقترحوا أن يتم حساب الوزن المرجح لمجموع الميداليات كمقياس. فبعضهم أعطى للميدالية الذهبية 3 نقاط وللميدالية الفضية 2 نقطة وللبرونزية واحد نقطة. ويكون الترتيب العادل بمجموع النقاط التي تحصل عليها الدولة عن كل الميداليات التي حصلت عليها [ بالطبع يمكن الاختلاف حول عدد النقاط التي قد يرى خبراء الرياضة اعطائها لكل ميدالية في عملية الترجيح] فبعضهم يعطي 10 نقاط للذهبية 4 للفضية 2 للبرونزية.
كما كشف الباحثون عن بعد أخر، وهو أنه ليس من المنطق أو العدل أو العلم، أن دولة تعدادها مليار نسمه ودولة تعدادها مليونا أو مليونين، ونقارن بينهما على أساس عدد الميداليات فقط. وقالوا إن المنطق يقول إن الدولة التي تعدادها مليار نسمه، من الطبيعي أن يكون لديها عددا من الرياضيين يفوق بمراحل شاسعة عدد الرياضيين في الدولة قليلة السكان. وبالتالي عندما نجد دولة تعددادها مائة مليون نسمة ودولة تعدادها عشرة مليون نسمة، وأن كلا منهما حصلا على ذات العدد من الميداليات، فالمنطق يقتضي أن نضع الدولة صغيرة السكان في ترتيب متقدم عن الدولة كبيرة السكان. وهو ما انتج مقياسا جديدا وهو مقياس عدد الميداليات لكل مليون نسمه من السكان.
أيضا ليس من المنطق أن نساوي بين دولة غنية لديها القدرة على الانفاق وانشاء المدارس والمعاهد والمنشأت الرياضية واعطاء الحوافز واستقدام المدربين العالميين وبين دولة قليلة الموارد فقيرة الامكانات. وبالتالي تم ايجاد مقياس على أساس عدد الميداليات لكل مليار دولار من الدخل المحلي الاجمالي.
ووضع الباحثون مقاييس أخرى عديدة [ كما أن من حق السادة المحررين الرياضيين واللاعبين والاختصاصين والقراء] أن يقترحوا مقاييس أخرى [مثل المقياس التراكمي الذي يحصي مجموع الميداليات لكل دولة في العشر دورات أو العشرين دورة الأخيرة]
ومن ضمن تلك المقاييس التي وضعها الباحثون، توافر الطرق والمواصلات داخل الدولة، وهو ما يسهل انتقال الرياضيين لأماكن التدريب. فلا يمكن المساواة بين دولة لديها وسائل نقل برية وجوية ونهرية وبحرية وسكك حديدية ومترو أنفاق على أعلى مستوى وفازت بميدالية ذهبية واحدة، وبين دولة تفتقر الى أبسط تلك الوسائل وفازت أيضا بميدالية ذهبية واحدة [ قرأنا في مصر قول اللاعب محمد صلاح كيف كان في بداياته، يركب أربعة أنواع أو أكثر من المواصلات ليصل لمكان التدريب] وبالتالي من المنطقي أن تسبق الدولة الفقيرة لطرق المواصلات، الدولة المتقدمة، في الترتيب إن تساوت كل منهما في عدد الميداليات.
كما اقترح البعض أنه ليس من المنطق أو العدل، أن يتم حساب الترتيب على أساس ميدالية ذهبية واحدة للعبة الجماعية الواحدة، رغم ما في تلك اللعبة الجماعية من كفاح ونضال ومنافسة وتعب وجهد. فالفائز بالميدالية الذهبية لكرة القدم أو لكرة السلة أو اليد أو الطائرة وغيرها، تحتسب في الترتيب كميدالية واحدة، تتساوى في ذلك بميدالية لعبة فردية بسيطة. فاقترح البعض إعطاء وزن أكبر للميداليات الجماعية على أساس عدد اللاعبين.
وخلاصة القول أن الترتيب الحالي للدول عن نتائج الأولمبياد على أساس مقياس عدد الميداليات الذهبية، هو ترتيب قاصر ومجحف، ولابد من اعتماد اللجنة الأولمبية الدولية لمقياس مرجح، يعطي كل دولة حقها العادل. ولا يمكن لدولة فازت بميدالية ذهبية في لعبة واحدة، أن توضع في ترتيب يفوق دولة حققت عشرات الميداليات الفضية والبرونزية