المرأة هي صانعة العالم.. هذا ليس شعارا يخرج من أفواه حقوقية، بل إنه حقيقة وواقع يترسخ يوما تلو الآخر، بالعديد من النماذج النسائية العاملة اللائي كسرن المألوف بالتحدي وأثبتن ذاتهن وضربن أروع الأمثلة في البذل والعطاء؛ ليتأكد لنا من جديد أن السيدات لسن أقل من الرجال في شيء، وقادرات على تحدي الرجال في مهن ظلت لسنوات طويلة حكرا يهيمن عليها الرجال تقليديا، و تعجز المرأة على اقتحامها.
وتمثل ماجي كرم.. بكالوريوس إعلام، بنت الثلاثين ربيعا، من مدينة طور سيناء، عاصمة محافظة جنوب سيناء، إحدى هذه النماذج التي تحدت الصعاب، وامتهنت مهنة “ميكانيكي سيارات” وتفوقت فيها على الرجال، وكسرت القاعدة التمييزية المتعلقة ببعض المهن والأعمال التي تراها مجتمعات عدة مرتبطة بالرجال أو لا تليق بالسيدات.
تقف “ماجي” في الورشة وسط الرجال، لا تشعر للحظة أن تلك التي ترتدي بالطو رمادي ومشمرة عن ساعديها، ويدها متسخة بالشحوم وتفوح منها رائحة الزيت والبنزين النفاذة، هي فتاة تقوم بإصلاح السيارات وتنزل تحت السيارة لتكشف عن الأعطال وصيانتها كأي رجل ميكانيكي، ونجحت في أن تنال لقب "الباشمهندسة ماجي" .
حكاية "ماجي كرم"
روت ماجي لـ"البوابة نيوز"، رحلتها مع تعليم صيانة السيارات وسر حبها لهذه المهنة الشاقة، قائلة: حاولت كثيرا أن أعمل في مجال تخصصي الأساسي وهو الإعلام ولكن لم أوفق في ذلك، وكان كل اهتمامي أن أعمل في حاجة أحبها وأستطيع أن أنجح واتفوق فيها، وحبي واهتمامي بمجال السيارات بدأ منذ عامين في أخذ كورسات في ميكانيكا السيارات في مركز صيانة ومكان آخر حصلت فيه على كورس في كهرباء السيارات ثم تدريب عملي في مركزي صيانة وبفضل من الله وتوفيقه اتقنت مهنة ميكانيكا السيارات وحاليا أعمل في مركز خدمة مرسيدس.
تحديات وصعوبات
عمل البنت في مجال الميكانيكا لم يكن سهلا بالنسبة لـ"ماجي"، التي تعرضت للكثير من الانتقادات ممن حولها بحجة ان الميكانيكا غير مناسبة لها كأنثى، ولكن ذلك لم يؤثر في حرص ماجي على العمل وإثبات نفسها بمجال يعد حكرا على الرجال منذ سنوات طويلة، وقالت: “اعتراض بعض الناس منهم أفراد من عائلتي بحكم أنها مهنة ذكورية وخوفا علي، بجانب تحديات أخرى وصعوبات كثيرة منها أن عملية البحث عن مكان أعمل فيه لم يكن سهلا، بل مكثت فترات طويلة أتردد على أماكن تستقبلني وللأسف أبواب كثيرة من أصحاب مراكز وشركات لم ترحب بي ومنها الذي رفض من قبل أن يستقبلني بمكانه بسبب أني بنت ومكان آخر قال لي بالنص: ”أنتي عايزة مكان يكون فيه واسطة كبيرة عشان تقدري تمارسي المهنة.. مكانك مش معانا"، ساعتها انتابني شعور اليأس وشعرت بأن الدنيا قفلت في وجهي لكني لم استسلم وظللت أبحث إلى أن عوضني الله سبحانه وتعالى بمكان واستقبلوني فيه واخدت منه خبرة كبيرة جدا وسأظل مستمرة.
ميكانيكا السيارات متعة
أكدت "ماجي" أن عملها في ميكانيكا السيارات بالنسبة لها متعة وليست وظيفة تقتات منها ، مشيرة إلى أن العمل في السيارات القديمة والحديثة بالنسبة لها سواء، ولكنها تفضل الحديث بحكم مواكبة التطور، لافتة إلى أن الحرفية والاستمتاع في كيفية تشخيص العطل سواء جديد او قديم وأن الأهم هو معرفة العطل وكيفية إصلاحه، مؤكدة أن معرفة العطل والنجاح في إصلاحه سعادة ما بعدها سعادة، مشيرة إلى أن هناك سيارات كثيرة بفضل من الله نجحت في إصلاح عطلها منها أعطال تخص الفرامل وأعطال بالماتور مثل تسريب الزيت او المياه وأعطال بالتكييف وبعض مشاكل في الكهرباء.
متطلبات اتقان مهنة الميكانيكا
وعددت "ماجي" أهم متطلبات اتقان مهنة الميكانيكا قائلة: "لابد أن تكون حابب المهنة أولا ثم الدراسة والاطلاع، تقدر تكون ميكانيكي سيارات محترف من خلال الاطلاع المستمر على أحدث التطورات المرتبطة بتصليح السيارات، كل يوم فيه جديد كل يوم بتتعلم، فالتعليم المستمر يساعد على مواكبة كل التغييرات والتطورات التكنولوجية في مجال السيارات، ده يزود من خبرتي ويزود فرصتي في الترقية."
الأسطى "ماجي"
أكدت "ماجي" أن لقب الأسطى ماجي تحبه جدا وشرف وفخر لها أن وصلت لرتبة أسطى ماجي، وفي الورشة يلقبونها الباشمهندسة ماجي، مشيرة إلى أن أبلغ رد لنظرة المجتمع السلبية لعمل الفتاة في المهن الشاقة الخاصة بالرجال، هو الفعل، مؤكدة أنها حاليا لا تقل حرفية عن أي رجل يعمل بالمجال ويكفيها ثقا العميل فيها عندما تعمل في سيارته، متمنية أن تختلف نظرة المجتمع للفتاة التي تمتهن مهنة الرجال، موضحة أن هناك الكثير من الرجال اقتحموا مهن السيدات والمجتمع اعطى لهم الفرصة وساندهم حتى نجحوا في عمل أسماء لهم وعلامة، ولا بد من إعطاء السيدات أيضا الفرصة لاقتحام كل المجالات لإثبات كفاءتهن اذا كان بمقدورهن انها يثبتن أنفسهن ويحققن ذاتهن، كما تحلم ماجي أن تفتح مشروع خاص بها في مجال صيانة السيارات.