المسيح مر من هنا
“ المحرق ”و “درنكة” .. أيقونة مسيرة العائلة المقدسة
الكنيسة القبطية تدعم الحدث.. والكاثوليكية تعتمد 8 مواقع رسمية
سليمان شفيق: ندعو دول العالم إلى الاهتمام بمسار الرحلة التاريخية
الرحلة المقدسة مرت بخمس مراحل تخللتها ٢٩ محطة
أعاد بداية صوم العذراء مريم، إلى أذهان المصريين مسيرة رحلة العائلة المقدسة، والتى بلغت مسافتها 1033 كيلومترا، وهى المسافة الفعلية ما بين فلسطين ودير المحرق، الذى أصبح دير العذراء المحرق، أيقونة مسيرة، واحتفالات المصريين، ونقطة التقاء كرنفالات ومهرجانات تضم آلاف المصريين، مسلمين ومسيحيين.
خاصةً أن خط المسير بدأ من بيت لحم، ثم توجهوا منها إلى الفرما، ومنها إلى تل بسطا، ومنها إلى مسطرد، ومنها إلى منية جناح، بالقرب من سمنود، وبعدها البرلس، ثم بلدة سخا، بالقرب من كفر الشيخ ووادى النطرون، ومنها إلى عين شمس والمطرية، وهناك أيقونة شجرة مريم شاهدة على رحلة طويلة.
ومنها إلى الفسطاط القديمة، كنيسة أبى سرجة، وبعدها توجهوا إلى جنوب مصر، واستقروا فى جبل الطير، ثم الأشمونين، ثم من الشرق إلى الغرب، حيث دير المحرق.
معالم المحرق تحتضن الاحتفالات
دير المحرق له مكانة خاصة؛ حيث لُقب بأورشليم الثانية، وهناك يعيش آلاف المصريين فى جو روحى مبهج؛ حيث مبانيه الأثرية والمستحدثة، التى تتمثل فى كنيسة السيدة العذراء الأثرية، وهى البيت المهجور، الذى عاشت فيه العائلة المقدسة، وبقى على مساحته حتى القرن الـ١٩.
ويوجد بها مذبح واحد، يحيط به أربعة أعمدة، فى أركان الهيكل، ترمز إلى البشائر الأربع، وعلى جانبى الهيكل، توجد غرفتان صغيرتان، بالإضافة إلى الحصن الأثري، ويرجع إلى القرن السادس الميلادى، وبنى لحماية الرهبان من غارات البربر.
كما توجد كنيسة السيدة العذراء، وشيدت هذه الكنيسة على أنقاض كنيسة مارجرجس، فى أواخر القرن الـ١٨، ويوجد بها ثلاثة مذابح، فضلا عن كنيسة السيدة العذراء الجديدة، وتأسست عام ١٩٤٠، واستكمل بناؤها كاملة بمناراتها، وانتهى فى ١٩٦٤، إضافة إلى كنيسة العائلة المقدسة، والأنبا أنطونيوس وكنيسة الأنبا بولا. كما يوجد قصر الضيافة، الذى أنشئ سنة ١٩١٠، كما يوجد بالدير كلية ومعهد ديديموس للمرتلين.
نقاط اعتمدها الفاتيكان فى المسيرة العظيمة
وقد لاقت أماكن الرحلة العظيمة والصعبة، اهتمام العالم، وجاء فى مقدمة الاهتمامات اعتماد الفاتيكان، ورأس الكنيسة الكاثوليكية، ثماني نقاط، وأعلنت الكنيسة رسميًا، عن ذلك عام ٢٠١٩، ليعود إلى الضوء المشروع الدولى لاحياء مسيرة العائلة المقدسة.
وجاءت العائلة المقدسة من فلسطين إلى مصر، عبر طريق العريش، ووصلوا إلى بابليون، أو ما يعرف بمصر القديمة، ثم تحركوا نحو الصعيد، اختبأوا هناك فترة، ثم عادوا للشمال مرورًا، واجتازوا الدلتا، مرورًا بـ«سخا»، ثم واصلوا طريق العودة عبر سيناء إلى فلسطين، من حيث أتوا.
ومرت الرحلة بخمس مراحل، تخللتها ٢٩ محطة، واعتمد الفاتيكان فى المرحلة الأولى من رحلة العائلة المقدسة، ثمانية مواقع شملت «كنيسة أبو سرجة- الكنيسة المعلقة بمنطقة مصر القديمة وأبوسرجة- كنيسة العذراء بالمعادى- المطرية- أديرة وادى النطرون الثلاثة: الأنبا بيشوى، السريان، الباراموس- دير المحرق بجبل قسقام أسيوط- دير العذراء بجبل درنكة».
ويتضمن الدير المغارة، التى لبثت بها العائلة المقدسة وكنيسة العذراء مريم، وهى أقدم الكنائس فى العالم المسيحي، وتم بناؤها عام ٣٨ ميلاديًا، وكنيسة الحصن أو كنيسة الملاك جبرائيل المبنية فى أواخر القرن السادس وبداية القرن السابع الميلادي.
واستراحت العائلة المقدسة بجبل قسقام فى بيت مهجور من الطوب اللبن، وكان سقفه من النخيل وبجواره بئر ماء، الذى أصبح كنيسة فى القرن الأول الميلادى. وأثناء إقامتها فى هذا المكان حضر إليها رجل يدعى يوسى، من المرجح أنه ابن أخى يوسف، لكى يخبرهم عن الجنود الذين أرسلهم هيرودس الملك للبحث عن الطفل يسوع.
وقد رقد يوسف ودفن فى مدخل هذا البيت، وتوارث الرهبان جيلا بعد جيل، أن مكان قبر يوسى يقع فى الجهة الغربية بكنيسة السيدة العذراء الأثرية بالدير، ولقد وجدت عظام فى نفس المكان أثناء ترميم الكنيسة عام ٢٠٠٠، ونقلت إلى مدفن رؤساء الدير أسفل معمودية كنيسة مارجرجس.
احتفالات إقليمية وعالمية الحدث
أجمع المتابعون لتطور الأحداث، أنه رغم الاهتمام العالمى بمسيرة العائلة المقدسة، واحتفالات صوم العذراء، وهى احتفالات تبدأ فى أول يونيو، وتصل إلى ذروتها فى بداية أغسطس،
ورغم ذلك ما زالت احتفالات محلية، وسبق أن تقدم النائب مجدى ملك، بطلب إحاطة، وثق أسباب ذلك.
وأشار «ملك»، بوضوح إلى عدم اتخاذ خطوات جادة، وعاجلة نحو تطوير الأماكن والمعالم الأثرية، لرحلة العائلة المقدسة، ببعض المحافظات، خاصةً المنيا وأسيوط، وما يترتب على ذلك من آثار سلبية، لعدم استغلال الدفعة القوية، والجهود التى بذلت لتفعيل الحج إلى هذه المناطق.
وبناءً على هذا الطلب تم استدعاء لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، ممثلين لوزارات الثقافة والآثار والسياحة والتنمية المحلية والمالية، للوقوف على الخطوات التى اتخذتها الحكومة بشأن مسار رحلة العائلة المقدسة ببعض المحافظات، فضلًا عن رؤية الوزراء تجاه دعم قطاع السياحة والاقتصاد المصرى.
وكان الرد البرلمانى محبطا وتقليلا من أهمية الحج إلى أماكن الرحلة للقول: «على الرغم مما تملكه الدولة المصرية من مقومات وثروات سياحية لم ينجح المسئولون، ولا المعنيون بالسياحة عمومًا، وفى هذا القطاع خاصة، فى الاستفادة منها واستثمارها بالشكل الأمثل، الذى يمكن أن يحقق ثروة هائلة تدعم الاقتصاد المصرى».
وتكون مخرجًا حقيقيًا للدولة، للخروج من أزماتها الاقتصادية، مقارنةً بما يحدث لدول أخرى أقل فيما تملك سياحيًا، مثل تونس التى زارها فى «2010»، سياحًا أكثر ثلاث مرات، مما زارنا فى نفس العام!!
وأضاف النائب، أنه تم تقسيم الرحلة إلى مراحل: المرحلة الأولى من رحلة مسار العائلة المقدسة، وتضم خمسة مواقع فى كل من مناطق «مصر القديمة- المعادى- وادى النطرون»، من بين 25 موقعًا، يشملها المسار الذى يبلغ طوله 3500 كم، أى أن أهم مكانين للرحلة، وهما جبل الطير ودير المحرق بالقوصية لا تشملهما المرحلة الأولى؟!
الكاتب الصحفى سليمان شفيق، دشن خمس مقالات، رصدت أوجه القصور، وسبل الاستفادة من المسيرة والاحتفالات، وأكد أن الرحلة استغرقت، حسب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية «3 سنوات و6 شهور و10 أيام»، من بيت لحم إلى غزة، حتى محمية الزرانيق غرب العريش، ومنها إلى الفرما القريبة، ثم إلى تل بسطا بالشرقية.
وبعدها إلى مسطرد، ومنها شمالًا إلى بلبيس بالشرقية، ومنها إلى سمنود بالغربية وسخا بكفر الشيخ، وعبرت النيل إلى غرب الدلتا وتحركت إلى وادى النطرون، ومنها اتجهت إلى المطرية وعين شمس، ثم سارت نحو مصر القديمة مرورًا بالزيتون.
ولم تمضِ بمصر القديمة إلا أيام قلائل، واتجهت نحو الجنوب مرورًا بالمعادى، ومن المعادى استقلت مركبًا شراعيًا، إلى قرية دير الجرنوس بمغاغة، ومرت على قرية صندفا، قرب البهنسا ببنى مزار، ثم جنوبا إلى سمالوط بجبل الطير، ما يسمى الآن قرية دير العذراء، واتجهت إلى جوار جبل قسقام، ما يسمى الآن دير المحرق، وكانت الفترة الأكبر، قضتها العائلة المقدسة فى الجنوب، ما بين جبل الطير بالمنيا، والقوصية بأسيوط.
ووفق تقديرات خبراء؛ تحتاج تلك الإصلاحات إلى مئات المليارات، لذلك أقترح أن تعقد مصر مؤتمرًا دوليًا، لدعم إصلاح مسار العائلة المقدسة، بالاشتراك مع الفاتيكان واليونسكو، وندعو إليه الدول التى تهتم سياحيًا بالمسار، وأعتقد أن مصر سبق لها الاستعانة بالمجتمع الدولى، فى إنقاذ معبد فيلا، أثناء بناء السد العالى 1960.
الأنبا ديمتريوس أسقف ملوى وأنصنا والأشمونين، قال: السيد المسيح جاء إلى أرض مصر، وهو طفل ابن سنتين، كما يذكر الإنجيل المقدس، أن ملاك الرب ظهر ليوسف فى حلم قائلًا: «قم وخذ الصبى وأمه واهرب إلى مصر، وكن هناك حتى أقول لك، لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبى ليهلكه».
وكان ذلك لسببين، أحدهما لئلا إذا وقع فى يد هيرودس، ولم يقدر على قتله، فيظن أن جسده خيال، والسبب الثانى ليبارك أهل مصر، بوجوده بينهم، فتتم النبوة القائلة «من مصر دعوت ابني»، وأتى السيد المسيح له المجد، مع يوسف ووالدته العذراء مريم.
وكان مرورهم أولا بضيعة تسمى بسطة، وهناك شربوا من عين ماء، فصار ماؤها شافيا لكل مرض، ومن هناك ذهبوا إلى منية سمنود، وعبروا النهر إلى الجهة الغربية.
وقد حدث فى تلك الجهة، أن وضع السيد المسيح، قدمه على حجر، فظهر فيه أثر قدمه فسمى المكان الذى فيه الحجر بالقبطى «بيخا ايسوس»، أى (كعب يسوع)، ومن هناك اجتازوا غربًا، مقابل وادى النطرون، فباركته السيدة، لعلمها بما سيقام فيه متن الأديرة المسيحية، ثم انتهوا إلى الأشمونين، وأقاموا هناك أياما قليلة، ثم قصدوا جبل قسقام.
وفى المكان الذى حلوا فيه من هذا الجبل، شيد دير السيدة العذراء، وهو المعروف بدير المحرق،
ولما مات هيرودس ظهر ملاك الرب ليوسف فى الحلم أيضًا، قائلا: «قم وخذ الصبى وأمه واذهب إلى أرض إسرائيل. لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي»، فعادوا إلى مصر، ونزلوا فى المغارة، التى هى اليوم بكنيسة أبى سرجة، بمصر القديمة، ثم اجتازوا المطرية، واغتسلوا هناك من عين ماء، فصارت مباركة ومقدسة من تلك الساعة.
ونمت بقربها شجرة بلسم، وهى التى من دهنها يصنع الميرون المقدس لتكريس الكنائس وأوانيها. ومن هناك سارت العائلة المقدسة إلى المحمة (مسطرد)، ثم إلى أرض إسرائيل، فيجب علينا أن نعيد فى هذا اليوم عيدًا روحيًا، فرحين مسرورين. لأن مخلصنا شرف أرضنا.
درنكة المحطة الأخيرة فى مصر والعودة لفلسطين
وانتهت الرحلة فى جبل درنكة، وبه مغارة منحوتة فى الجبل، وهى آخر المحطات للعائلة، حيث ظهر الملاك ليوسف النجار، وأمره بالعودة لفلسطين. وكان مجيء العائلة المقدسة إلى جبل أسيوط فى شهر أغسطس، وهو الذى يحل فيه صوم العذراء، ولهذا يقيم الدير احتفالاته الدينية سنويا ابتداءً من يوم ٧ حتى ٢١ من أغسطس كل عام، وبالدير مجموعة من الكنائس، أقدمها كنيسة المغارة، طول واجهتها ١٦٠ مترا وعمقها ٦٠ مترًا، وهى منذ نهاية القرن الأول لميلاد المسيح.
يذكر أن مغارة الدير، ترجع إلى نحو ٢٥٠٠ قيل الميلاد، وبالدير الكثير من الأبنية، يصل بعضها إلى خمسة أدوار، وبها قاعات كبيرة للخدمات الدينية والاجتماعية والأنشطة الفنية، وحجرات للضيافة والإقامة.
وشيدت كنيسة بدرنكة سنة ١٩٥٥، وتقع شرق المغارة التى استراحت العائلة المقدسة بها، وتوجد مجموعة من الكنائس منها كنيسة طرازها يماثل طراز الكنائس فى إيطاليا، وكذلك بنى العديد من الاستراحات، وحجرات للضيافة، تستوعب الآلاف من الزوار، فى أعياد ومناسبات الدير، وجدير بالذكر أن دير السيدة العذراء، بجبل درنكة، استقبل جثمان الأنبا ميخائيل، مطران أسيوط، شيخ المطارنة؛ حيث دفن بكنيسة رئيس الملائكة.
الكنيسة تدعم مسيرة رحلة العائلة المقدسة
واهتمت الكنيسة والبابا تواضروس، بإحياء رحلة العائلة المقدسة، واهتمت باحتفالات المصريين، واختارت شعار رسمى يتم استخدامه، فى لافتات مشروع «إحياء مسار العائلة المقدسة فى مصر»، الشعار صدر بنسختين، شعار عبارة عن لون واحد، والخاص باللافتات المرورية، وأساليب الطباعة منخفضة التكاليف، وماكينات التصوير وتقنيات الحفر المختلفة.
والآخر هو شعار ذات اللونين، والذى سيتم استخدامه فى باقى التطبيقات، مثل: الطباعة الملونة بجميع أنواعها، ومواقع التواصل الاجتماعي، وجميع الاستخدامات الرقمية، وعلى الإنترنت، وأيضًا اهتم الفنانون الأقباط بتدشين العديد من اللوحات الفنية، توثق رحلة العائلة المقدسة، والاحتفالات المبهجة الرسمية والشعبية، وسط مطالبات مستمرة بأن يأتى يوم وتصبح مناطق الرحلة وجهة سياح العالم لأهميتها التاريخية.