منذ التحقت بكونسرفتوار القاهرة فى طفولتى، وأنا وزملائى نسمع عن خطط طموحة لتطوير أكاديمية الفنون، عشنا طوال سنواتنا الدراسية نحلم بتنفيذها!!..كاستغلال الأرض الخلاء التابعة للأكاديمية بإنشاء ملاعب ومستشفى وسكن طلابى ومبانى تعليمية وغيرها من أحلام إنتظرناها كثيرا حتى مللنا..ومرت السنوات والتطوير يمشى بخطى "سلحفائية"، وصار الصغار أعضاء هيئة التدريس، دون أن ندرك أغلب ما إنتظرناه!.. رغم تعاقب رئاسات الأكاديمية إلى أن تولى الأستاذ الدكتور/أشرف زكى رئاسة أكاديمية الفنون فى سبتمبر 2018، خلفا للأستاذة الدكتورة/أحلام يونس التى أدارت الأكاديمية بالحب والإهتمام بالجانب الإنسانى، وبتفانى فى العمل ورغبة عارمة فى الإرتقاء بالأكاديمية، لم تتوانى عن تقديم كل ما تستطيعه للإرتقاء بالأكاديمية..وإستكمل دكتور/أشرف ما بدأته دكتورة أحلام وكل من سبقوها من رؤساء الأكاديمية الذين نجلهم ونقدر دورهم، ولكن حالة الإستقرار التى إنتقلت لها دولتنا تزامنت مع تولى دكتور/أشرف القيادة فساعدته على سرعة الإنجاز..فخلال الثلاث سنوات الأخيرة شهدت الأكاديمية قفزات كبيرة فى تطورها، وتحقق الكثير مما حلمنا به وكدنا أن ننساه..ورغم ما لمسته من إنجازات كبيرة كنت أراها بشكل دائم، إلا أننى لم أكتب عن أى منها طوال مدة رئاسة دكتور/أشرف للأكاديمية، لما يعترينى من حساسية تجاه أي مما يعتلي منصب أو سلطة، وخاصة بإعتبارى أستاذ مساعد بالأكاديمية، فقد وجدت حرجا فى الحديث عنه وهو فى موضع المسئولية..أما وقد إنتهت مدة رئاسته للأكاديمية بعد بلوغه السن القانونية، فوجدت من واجبى أن أحييه وأشكره، وألقى الضوء على فترة رئاسته المثمرة وتجربته الناجحة فى قيادة أحد أهم الصروح الثقافية فى مصر والمنطقة بأكملها..فقد شهدت فترة ولايته تنفيذ الكثير من الإنجازات التى تمنيناها، وفي زمن قياسي، منها على سبيل المثال لا الحصر: متحف الفنون الشعبية بما يحتويه من قاعات عرض كثيرة ومكتبة ووحدة ترميم مقتنيات ووحدة توثيق ومخازن..المسرح المكشوف (مسرح د/نهاد صليحة)..مدرسة أكاديمية الفنون للتكنولوجيا التطبيقية..الإنتهاء من مشروع شبكة الدفاع المدنى والانذار والحريق. تطوير الكونسرفتوار بإضافة سبورات موسيقية ذكية وحوامل النوت وعدد ضخم من الالات الموسيقية باهظة الثمن..الانتهاء من تشطيب وتجهيز مبنى قاعة ثروت عكاشة للمؤتمرات..أما بعض المبانى التى تم إنشاؤها فى التسعينيات وتحولت بسبب عدم إكتمالها إلى بيوت أشباح، والمساحات الفارغة التى كانت مليئة بالزواخف والمياه الجوفية، فقد تحولت إلى أضخم مجمع للمدارس ربما فى أكاديميات الفنون فى العالم، وكذلك ملاعب متطورة..إلى جانب كبرى المشاة الذى ربط بين معاهد الأكاديمية..ويتم حاليا الانتهاء من تجهيز مبنى الإسكان الداخلي للطلاب والخبراء الذي تم بناؤه وتشطيبه، بالإضافة إلى الشروع في تجهيز مبنى المستشفى المتطور للطلاب وأعضاء هيئة التدريس..ولا ننس وضع حجر الأساس لإنشاء فرع جديد لأكاديمية الفنون بمدينة الشروق..بالإضافة للإنجازات الفنية كتنشيط مسارح الأكاديمية، واستثمار الأماكن المفتوحة، والخروج إلى الجمهور لتقديم الخدمة الثقافية والفنية..والتعاون مع القطاع الخاص لتسويق واستثمار المنتج الفني والثقافي، بغرض عرضه على شريحة أکبر من الجمهور.. لا شك أن وباء كورونا وما صاحبه من إجراءات إحترازية وتقليص للنشاطات ألقى بظلاله على الاكاديمية، ورغم ذلك لم تتوقف الاكاديمية عن تقديم نشاطاتها وفاعلياتها الثقافية المختلفة..أما الجانب الشخصى لدكتور/أشرف زكى والذى استطاع ان يؤسر به القلوب
فهو الجانب الانسانى والرقى فى التعامل..إنسان ودود مهذب دائما، ومع ذلك حاسم وحازم يسعى لإذابة المشاكل، ويملك طاقة هائلة من النشاط والحماس..متواجد دائما، وبابه مفتوح للجميع فى أى وقت..لا يمكن أن تهاتفه دون أن يرد، وإذا تعذر رده لأى سبب يبادر بالإتصال بعد دقائق..تميز بدأبه فى محاولة احتواء الجميع، ومحاولة إزالة العقبات والعراقيل التى تواجه أعضاء هيئة التدريس والعاملين والطلاب..لديه الخبرة والموهبة فى الإدارة بحزم ولين فى نفس الوقت..عملي وسريع الإنجاز، ويلبى دعوات الجميع ويستقبل الكل بحفاوة..لذلك ستظل بصمة د/أشرف باقية عمليا وإنسانيا..ونتمنى له التوفيق والتألق مجددا فى مهام أخرى يحقق فيها المزيد من النجاحات التى يستحقها المجال الفنى والثقافي فى مصر..كما نتمنى كل النجاح للأستاذة الدكتورة /غادة جبارة الواجهة الجميلة والمشرفة لأكاديمية الفنون، والتى تولت رئاسة الاكاديمية خلفا له..وهى ليست غريبة على الأكاديمية لادأنها إحدى بناتها المتألقات، إبنة لمعهد السينما وتولت عمادته، عملت نائبا لرئيس الاكاديمية خلال فترة د/أشرف زكى، وكانت دائمة التواجد معه فى كل الفاعليات والمناسبات الخاصه بالأكاديمية، وعرفت بين الجميع بجمالها شكلا وموضوعا..فنتمنى لها كل التوفيق والنجاح، وإستكمال ما قدمه رؤساء الأكاديمية السابقين من إنجازات، وتلبية المزيد من الطموحات التى تستحقها أكاديمية الفنون منارة الثقافة والابداع.