كلما علت أصوات الإيرانيين ضد الظلم وتردي المعيشة، يقابلهم النظام بعزل عن العالم الخارجي، خوفا من افتضاح انتهاكاته.
فعلى وقع الاحتجاجات التي تضرب مدنا مختلفة، قام البرلمان الإيراني الذي يهيمن عليه معسكر التيار المتشدد، الأربعاء الماضي، بإحالة مشروع "تقييد الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي" إلى لجنة الثقافة البرلمانية لغرض دراسته وتمريره دون الحاجة للتصويت العام.
خطوة برلمانية أججت مشاعر الغضب ضد الطبقة الحاكمة في طهران، فالإنترنت الذي رغم القيود المفروضة عليه والحجب الذي يطال منصات ومواقع أجنبية مختلفة، لا يزال الوسيلة الوحيدة التي يقضي فيها الإيراني وقته للهروب من واقع مزر وصعب من كل النواحي.
وتشير بيانات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الإيرانية إلى أن قرابة 67 مليونا على الأقل من عدد سكان البلاد البالغ 85 مليونا يستخدمون شبكة الإنترنت، أي نحو 80%.
فيما أكثر منصة تحظى بشعبية الإيرانيين هي "تليجرام" و"إنستجرام"، ولكن الأولى طالها الحجب عام 2018 بعد موجة احتجاجات شعبية بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية.
ويرى بعض الخبراء والمتابعين للشأن الإيراني، أن الخطوة التي اتخذها البرلمان بتقييد شبكة الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي الأجنبية، تستهدف هذه المرة منصة "أنستجرام" وحجبها، وذلك بعدما أصبحت الأكثر شعبية بين الإيرانيين حاليا.
فيما يقول آخرون إن هذه الخطوة من البرلمان المتشدد لا تستهدف المنصات الاجتماعية فحسب، بل تذهب إلى فصل إيران عن العالم الخارجي، والبدء بتطبيق الشبكة المحلية التي اختبرتها السلطات في احتجاجات نوفمبر لعام 2019 على خلفية رفع أسعار البنزين.
وبالتزامن مع الموافقة على مراجعة خطة حماية الفضاء الإلكتروني، أصبح النقاش حول إدخال الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، والذي تم وضعه مؤخرًا في المدار في إيران، ساخنًا للغاية.
وتفيد بعض التقارير على غرار موقع "تجارة نيوز" الإيراني، اليوم الأحد، بأن الإنترنت عبر الأقمار الصناعية سيأتي قريبًا إلى إيران وسيتخلص الإيرانيون من الحجب المفروض إلى الأبد.
في المقابل، تنتشر شائعات بين المستخدمين بأن الإنترنت عبر الأقمار الصناعية أو ستارلينك سيصل إلى إيران في سبتمبر المقبل، وهو إنترنت عالي السرعة.
كما يعني دخول الإنترنت عبر الأقمار الصناعية إلى إيران، فشل خطة الحماية البرلمانية، وفشل الحجب وجميع القيود المطبقة على الإنترنت في هذا البلد.
والإنترنت عبر الأقمار الصناعية هو شبكة مترابطة تم إعدادها لمواقع بعيدة لتوفير النطاق الترددي اللازم للأشخاص الذين يعيشون في مثل هذه المناطق.
وتتكون الشبكة، الأكثر تقدمًا منها ستارلينك (Starlink) وهي تابعة لشركة سبيس إكس (SpaceX) لتوفير خدمة الاتصال القمري بالإنترنت في الحالات التي لا يتوفر فيها الوصول العادي إلى الإنترنت، ومع ذلك هناك بعض الاعتبارات حول هذه الشبكة.
وأقمار ستارلينك في مدار أرضي منخفض (LEO) والأقمار الصناعية التي تستخدمها الآن موجودة في مدار أرضي ثابت (GEO)، ويبلغ ارتفاع مدار الأسد حوالي 150 كم فوق سطح الأرض، بينما يتراوح ارتفاع مدار الأرض بين 36000 و40000 كم،
كما أن سرعة هذين النوعين من الأقمار الصناعية مختلفة.
في سياق آخر، انطلقت أول دعوة للخروج باحتجاجات شعبية مناهضة لهذه الخطوة في إيران، حيث طلب حزب الوحدة الوطنية، من وزارة الداخلية، إعطاء الإذن بمسيرة ضد خطة تقييد شبكة الانترنت.
وجاء في بيان الحزب الإصلاحي أن "هذه الخطة المناهضة للشعب تقيد بشدة وصول المواطنين إلى الخدمات الأساسية في الفضاء الإلكتروني"، مضيفًا أن "سبل عيش العديد من المواطنين تواجه العديد من المشاكل".