واصل الجنيه المصري تحقيق النجاح والتحسين التدريجي في مقابل العملات الأجنبية وذلك بعد مرور 4 سنوات على قرارات الدولة المصرية بتحرير سعر الصرف ضمن سلسلة من القرارات التي عملت على تحسين السياسات النقدية في مصر.
ونجح الجنيه المصري في تخطي تداعيات فيروس كورونا المستجد الذي أصاب الاقتصاد العالمي بأضرار كبيرة، نتيجة الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي نفذتها الدولة على مدار سنوات والتي أثرت بشكل إيجابي على تحسن كافة المؤشرات الاقتصادية، من تراجع معدلات التضخم والبطالة، واستدامة معدلات النمو، الأمر الذى بات محل إشادة دولية، وساهم في تزايد ثقة المؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري، بحسب تقرير صادر عن المركز الاعلامي لمجلس الوزراء.
أبرز ملامح تحسن الجنيه
وذكر التقرير أن الجنيه المصري أفضل عملات الأسواق الناشئة أداءً أمام الدولار خلال الفترة من 30/6/2017 حتى 28/7/2021 بنسبة تحسن بلغت 13.1%، كما تحسن الدولار التايواني الجديد بنسبة 8 %، والكرونة التشيكية بنسبة 5.6%، واليوان الصيني بنسبة 4.3%، والبات التايلندي بنسبة 3.3%.
واستكمالًا لما سبق، تحسن أداء كل من الرينجت الماليزية بنسبة 1.4%، والريال القطري بنسبة 1.3%، والدينار الكويتي بنسبة 0.8%، والبيزو الفلبيني بنسبة 0.2%، في حين استقر أداء كل من الريال السعودي والدرهم الإماراتي أمام الدولار خلال الفترة ذاتها.
وفيما يتعلق بالعملات التي تراجع أداؤها، أشار التقرير إلى تراجع أداء الوون الكوري الجنوبي بنسبة 0.9%، والزلوتي البولندي بنسبة 4.8%، والروبية الإندونيسية بنسبة 8.5%، والبيزو المكسيكي بنسبة 9.9%، والفورنت المجري بنسبة 12.6%، والراند الجنوب أفريقي بنسبة 12.8%.
وأضاف التقرير أن الجنيه المصري حقق مكاسب أمام العملات الرئيسية بسوق النقد الأجنبي، مستعرضًا نسب تراجع أسعار الصرف للعملات الأجنبية أمام الجنيه بالبنك المركزي المصري (سعر البيع) خلال الفترة من نهاية يونيو 2017 حتى نهاية يوليو 2021، حيث تحسن الجنيه بنسبة 16.2% أمام الكرونة النرويجية، و15.4% أمام الدولار الأسترالي، وأمام كل من الريال العماني والريال السعودي والدينار البحريني والدرهم الإماراتي بنسبة 13.1%.
يأتي ذلك في حين تحسن أداء الجنيه المصري بنسبة 13% أمام الدينار الأردني، و12.9% أمام الكرونة السويدية، و12.8% أمام الريال القطري، و12.3% أمام الدينار الكويتي، و11.3% أمام الين الياباني، و9.4% أمام الكرونة الدينماركية، و9.3% أمام اليورو، و8.9% أمام الدولار الكندي، و8.6% أمام اليوان الصيني، و8.3% أمام الفرنك السويسري، و5.5% أمام الجنيه الإسترليني.
وأشار التقرير إلى أن هذا الأداء القوي للجنيه انعكس على انخفاض معدل التضخم لـ 4.9% في يونيو 2021 مقارنة بـ 29،8% في يونيو 2017، مما سمح بخفض سعر الفائدة (سعر الإيداع لليلة الواحدة) لـ 8،25% نهاية يونيو 2021، مقارنة بـ 16،75% نهاية يونيو 2017.
وأضاف التقرير أن خفض سعر الفائدة قد ساهم في الاستمرار في تحقيق معدل نمو اقتصادي موجب وتجنب حدوث انكماش بالرغم من أزمة كورونا، ليسجل 2.9% في الربع الثالث من عام 2020/2021، بعدما وصل معدل النمو إلى 4.4% في الربع ذاته من عام 2016/2017.
وأوضح التقرير أن هذه الخطوات ساعدت على انخفاض معدل البطالة لـ 7،4% في الربع الأول عام 2021، مقارنة بـ 12% بنفس الربع من عام 2017.
وذكر التقرير أن تحسن القوة الشرائية للجنيه، قد ساهم أيضًا في حدوث انخفاض في أسعار أبرز السلع الغذائية، مستعرضًا نماذج للسلع التي شهدت أسعارها انخفاضًا خلال يونيو 2021 مقارنة بـيونيو 2017.
وأشار التقرير إلى انخفاض سعر السكر الحر المعبأ بنسبة 4%، واللحم الضأن البلدي بالعظم 3.03%، والسمك المكرونة المجمد بنسبة 2.82%، وبيض المزارع بنسبة 2.42%.
واستعرض التقرير أبرز إشادات المؤسسات الدولية بالأداء القوي للجنيه المصري، لافتًا إلى إشادة البنك الدولي بأن تحسن قيمة الجنيه المصري خلال الأشهر الأولى من العام المالي 2019/2020 ساعد على خفض أسعار السلع الأولية المستوردة بالعملة المحلية.
وأشاد صندوق النقد الدولي بتنفيذ مصر إصلاحات طموحة لاستعادة الاستقرار الاقتصادى، والتي ساعدتها على دخول أزمة كورونا بإمكانات قوية، وكان على رأسها تعويم سعر الصرف الذي سمح بمعالجة النقص فى توافر العملات الأجنبية وامتصاص الصدمات الخارجية والحفاظ على القدرة التنافسية للجنيه المصرى.
من جانبه أشاد معهد التمويل الدولي بمرونة سعر الصرف، والتي من شأنها مساعدة الاقتصاد المصري على استيعاب آثار الصدمات الخارجية، وتحسين قدرته التنافسية، فيما أكدت موديز تحسن القدرة التنافسية للاقتصاد المصري بعد تعويم الجنيه، مما سيدعم النشاط الاستثماري بالقطاعات المختلفة.
كما توقعت “فيتش” أن يظل معدل التضخم في مصر مستقرًا خلال الفترة المقبلة نظرًا لاستقرار الجنيه المصري مقابل الدولار، بالإضافة إلى استمرار التدفقات الداخلة للاستثمار بالحافظة المالية في تعزيز وضع الجنيه.
هذا وأكدت مجموعة أكسفورد للأعمال على أن خطوة تعويم الجنيه المصري في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي ساعدت على تعزيز القدرة التنافسية التصديرية للمنتجات المصنعة محليًا، فضلًا عن جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
خبراء الاقتصاد أكدوا أن استمرار تحسن الجنيه مقابل العملات الاخري جاء نتيجة لجهود الدولة المتواصلة والسياسيات النقدية والإصلاحات الاقتصادية التي انتهجتها مصر خلال السنوات الأخيرة.
وفي هذا الشأن، يقول الخبير المصرفي محمد بدرة، إن استمرار تحسن الجنيه مقابل العملات الأجنبية جاء نتاجا للعديد من الخطوات التي اتخذتها مصر نحو الإصلاح الاقتصادي الشامل والتي انطلقت في 2016، واستمرار على مدار السنوات الماضية.
وأضاف الخبير المصرفي أن الإصلاحات الاقتصادية أسهمت في تحسن أداء الجنيه المصري، مما جعل سعر الجنيه يتحدد وفقًا لقوى العرض والطلب، وهو الأمر الذي يشكل عامل جذب رئيسيا لثقة المتعاملين المحليين والخارجين، وهو ما أسهم في جذب المزيد من الاستثمارات للسوق المصري.
وتابع: “أن التحسن المستمر للجنيه المصري لاقي اشادات من المؤسسات الدولية، وادي الي تحسن تقييمات مؤسسات التصنيف الائتماني للجدارة الائتمانية والسيادية لمصر، ما أدى إلى زيادة جاذبية الجنيه المصري مقارنة مع عملات الأسواق الناشئة الأخرى”.
أسباب التحسن
من جهته، أكد الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن هناك العديد الاسباب التي أدت لتحسن أداء الجنيه المصري امام العملات الاجنبية،. وفي مقدمتها سياسات الإصلاح الاقتصادي التي بدأتها مصر في عام ٢٠١٦ ومن ضمنها إجراءات تعويم الجنيه المصري والتي قضت على السوق السوداء للعملات في مصر.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن من أهم عوامل صمود الجنيه زيادة حجم الاستثمارات الاجنبيه المباشره وغير المباشره خلال السنوات ٢٠١٧ وحتي ٢٠٢٠ مقارنه بالسنوات السابقه لها، حيث تضاعفت ثلاث مرات حيث ارتفعت من 9 مليار دولار إستثمارات اجنبية مباشره سنويًا إلى 28 مليار دولار.
ولفت "السيد"، إلى أن سياسات البنك المركزي المصري النقديه ومرونه سعر الصرف، إلى جانب تقليل فاتوره الاستيراد من ٨٥ مليار دولار سنويا الي ٦٠ مليار دولار مما قلل الضغط علي طلب الدولار.
واختتم السيد قائلا: "الجنيه المصري استطاع ان يحقق مكاسب اقتصادية جمة، والصمود في وجه العملات الاجنبيه الاخري وعلي الاخص الدولار خلال السنوات الاربع الماضية، وأسهمت الإصلاحات الاقتصادية والسياسات النقدية في دعم صمود الجنيه".