أبرزت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فى تقرير لها، الأزمة الإنسانية التى تجرى رحاها فى إقليم التيجراى الواقع شمال إثيوبيا، وضلوع حكومة آبى أحمد فى الوضع المتأزم منذ ٨ أشهر بسبب الحرب التى شنها الجيش الإثيوبى بغرض القضاء على عرقية «التيجراي».
ويقول عمال الإغاثة إن الحكومة الإثيوبية قطعت فعليًا الطريق الوحيد المؤدى إلى منطقة تيجراي، مما أدى إلى خطر المجاعة، والطريق وهو عبارة عن شريط يبلغ طوله ٣٠٠ ميل يمر عبر بعض أكثر التضاريس الوعرة على وجه الأرض، وهو السبيل الوحيد إلى منطقة التيجراي، التى مزقتها الصراعات، حيث يواجه ملايين الإثيوبيين خطر المجاعة الجماعية.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أن «الطريق هو شريان حياة هش ومحفوف بالمخاطر، ما جعل الطريق بالكاد سالكًا لقوافل الإغاثة التى تحاول إيصال الإمدادات الإنسانية إلى منطقة تيجراي».
ويقول عمال الإغاثة، إن العقبة الرئيسية هى الحصار غير الرسمى الذى تفرضه الحكومة الإثيوبية، والذى يتم فرضه باستخدام تكتيكات العرقلة والترهيب، مما أدى إلى قطع الطريق بشكل فعال، وأكدوا أن الشرطة الفيدرالية الإثيوبية فتشت عمال الإغاثة الغربيين على طول الطريق، ثم احتجزت فى وقت لاحق سبعة سائقين من تيجراى طوال الليل بعد حجز سياراتهم.
وأضافت: «تعرضت قافلة إغاثة متجهة إلى تيجراى مؤلفة من ١٠ مركبات تحمل الطعام إلى تيجراي، لهجوم على بعد ٦٠ ميلًا شمال بلدة سيميرا عندما فتح مسلحون مجهولون النار فى ١٨ يوليو، مما أجبرها على الالتفاف.
وفى الشهر الماضي، تمكنت قافلة مساعدات واحدة تابعة للأمم المتحدة مؤلفة من ٥٠ شاحنة من السفر فى هذا الطريق، وتقول الأمم المتحدة إنها تحتاج إلى ضعف عدد الشاحنات التى تسافر كل يوم، لمواجهة النقص الكارثى فى الغذاء والدواء داخل تيجراي، لكن لا شيء يتحرك».
وأوضحت «نيويورك تايمز»، أن «برنامج الغذاء العالمى أكد الثلاثاء الماضى إن ١٧٠ شاحنة محملة بمساعدات إغاثة عالقة فى بلدة سيميرا، عاصمة منطقة عفار المجاورة للتيجراي، فى انتظار الإذن الإثيوبى للقيام بالرحلة الصحراوية إلى تيجراي»، وكتب مدير الوكالة ديفيد بيزلى على تويتر: «يجب السماح لهذه الشاحنات بالتحرك الآن.. الناس يتضورون جوعا».
وكشفت الصحيفة، عن أن «الجنود الإثيوبيون والجنود الإريتريون المتحالفون معهم سرقوا الحبوب، وأحرقوا المحاصيل، ودمروا الأدوات الزراعية، وفقًا لكل من مجموعات الإغاثة والشهود المحليين الذين قابلتهم صحيفة نيويورك تايمز.
وقد تسبب هذا فى فقدان العديد من المزارعين لموسم الزراعة، مما أدى إلى أزمة غذائية من المتوقع أن تبلغ ذروتها عندما يفشل الحصاد فى سبتمبر المقبل».
وزعم رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، الأسبوع الماضى إن حكومته توفر «وصولًا إنسانيًا غير مقيد» وتلتزم «بالتوصيل الآمن للإمدادات الحيوية لشعبها فى منطقة تيجراي»، إلا أن الوزراء الإثيوبيين اتهموا علنا عمال الإغاثة بمساعدة وتسليح مقاتلى التيجراي، وهو الأمر الذى نفته الأمم المتحدة.
وقال مسئولون كبار فى مجال الإغاثة، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لتجنب تعريض عملياتهم للخطر، إن التزام الحكومة المعلن بتمكين توصيل المساعدات تناقض بسبب أفعالها على الأرض».
فيما أكد اثنان من كبار المسئولين فى الأمم المتحدة، لـ«نيويورك تايمز» رفضا كشف هويتهما، أن الهجوم الذى تعرضت له القوافل الإنسانية نفذته ميليشيات موالية لحكومة آبى أحمد، بناء على طلب من قوات الأمن الإثيوبية.
وزعمت المتحدثة بإسم رئيس الوزراء الإثيوبي، أن القوات الفيدرالية تركت وراءها ٤٤ ألف طن من القمح و٢.٥ مليون لتر من زيت الطعام عند انسحابها من تيجراى فى يونيو، وقالت إن أى عقبات أمام وصول المساعدات الإنسانية «تراقب عن كثب» من قبل الحكومة.
إلا أن «نيويرك تايمز» كشفت عن أن «الوضع على الأرض متناقض مع تلك التصريحات، حيث إن الإمدادات الحيوية تنفذ بسرعة وليس فقط الغذاء والدواء، ولكن أيضًا الوقود والأموال اللازمة لتوزيع المساعدات الطارئة، بدأت العديد من وكالات الإغاثة فى تقليص عملياتها فى تيجراي، مشيرة إلى ظروف العمل المستحيلة».
وأوضحت «نيويورك تايمز»، أن المضايقات الإثيوبية لعمال الإغاثة تبدأ فى المطار الرئيسى بأديس أبابا، حيث قال عدد من الأشخاص الذين كانوا على متن الطائرة إن ٣٠ من عمال الإغاثة الذين كانوا على متن أول رحلة للأمم المتحدة، متوجهة إلى ميكيلى خلال أكثر من شهر تعرضوا لعمليات تفتيش ومضايقات مكثفة، ومنع المسئولون الإثيوبيون عمال الإغاثة من حمل نقود تزيد على ٢٥٠ دولارًا، أو هواتف الأقمار الصناعية والأدوية الشخصية».