تحيي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ومجمع رهبان دير أبومقار اليوم الخميس، الذكري الثالثة لرحيل الشهيد البار الأنبا ابيفانيوس أسقف ورئيس دير أبومقار الذي رحل في مثل هذا اليوم ٢٩يوليو ٢٠١٨م بعد رحلة عطاء مثمرة وتعاليم أثرت الكنيسة القبطية وقدم خلالها العديد من الإسهامات والمؤلفات بجانب أنه قاد عملية إصلاح وتنوير بجوار البابا تواضروس الثاني
الذي كان يعتبره مستشار مهم خلال خدمته.
نشأته ورهبنته:
ولد الانبا ابيفانيوس يوم 27 يونيو 1954 باسم "تادرس زكي تادرس" بمدينة طنطا من أسرة تقية تحب الكنيسة وتراثها؛ ولقد وارتبط ارتباطا روحيا كبيرا بالراحل الانبا يؤانس ( 1923- 1987) وتميز أثناء دراسته بالتفوق الدراسي مما جعله يلتحق بكلية الطب جامعة طنطا وتخرج عام 1978 وكان تخصصه جراحة الأنف والأذن والحنجرة.
ارتبط وهو شابا بزيارة الأديرة وخاصة دير القديس مكاريوس الكبير بوادي النطرون وقرر الالتحاق بالرهبنة وذهب الي الدير يوم 17 فبراير 1984 وداخل الدير بدأ العمل في خدمة حظيرة الدواجن و العيادة الطبية وكلفه الاب متي المسكين رئيس دير أبومقار بالخدمة في مكتبة الدير ومطبعة الدير. وتمت رسامته راهبا ليلة سبت النور يوم 21 أبريل 1984 باسم "الراهب إبيفانيوس المقاري" واشتهر بالطاعة والخدمة والعطاء ومحبته للاطلاع والقراءة وتوطدت علاقته بابيه الروحي الاب كتاب المسكين وطلب منه لخبرته الطبية مرافقته في رحلته العلاجية لأمريكا عام 1997.
رسامته قسا:
المعروف أن الاب إبيفانيوس كان يرفض بشدة رسامته قسا ومع إصرار مجمع الرهبان تمت رسامه قسا يوم الخميس الموافق 17 أكتوبر 2002 بيد لأنبا ميخائيل مطران أسيوط ( 1921- 2014 ) وكان قد مر علي رحيل الاب متي المسكين ثمانية سنوات وكان يقوم بأعمال رئيس الدير الانبا ميخائيل وبعد فترة تقدم الأنبا ميخائيل بطلب إعفائه من رئاسة الدير وطلب من البابا تواضروس رسامة أحد رهبان الدير أسقفا ورئيسا للدير وبالفعل تم عمل اقتراع بين الآباء الرهبان لانتخاب رئيس جديد للدير في يوم 3 فبراير 2013 وفاز الراهب إبيفانيوس المقاري بأعلى الأصوات وبالفعل تمت رسامته أسقفا للدير في يوم الأحد الموافق 10 مارس 2013 بيد قداسة البابا تواضروس الثاني وتم تجليسه يوم عيد الصليب 18 مارس 2013 بحضور أكثر من 40 أسقف والعديد من الرهبان.
كتب وإسهامات فكرية:
وثق د. ابراهيم ساويرس الاسهامات التي قدمها الانبا ابيفانيوس حيث صدر له كتاب " القداس الباسيلي: النص اليوناني مع الترجمة العربية " وكان ذك خلال عام 2012 ثم كتاب " القداس الغريغوري: النص اليوناني مع الترجمة العربية "عام 2013؛ وفيه يذكر تاريخ استخدام الكنيسة القبطية لهذا القداس ولقد أعتمد علي مقارنة عشرات المخطوطات مع تسجيل بعض الملاحظات اللاهوتية الهامة. وجاء الكتاب الثالث بعنوان " قداس القديس مرقس: القداس الكيرلسي " ولقد قام فيه بعقد مقارنات بين ثلاث نسخ لنفس القداس من مخطوطات مختلفة.
وفي عام 2014 أصدر كتاب " الخولاجي الدير الأبيض " ولقد وصفه الدكتور ساويرس أنه درة تاج مجموعته الليتورجية وفي هذا الكتاب تظهر الإجادة التامة للغة القبطية في لهجتها الصعيدية ؛ وكتب كلمة تشجيع طيبة للشباب علي ضرورة وأهمية الغوص في المخطوطات القديمة. كما كتب مقالة عن مخطوط قديم يضم مقدمة تقديم القرابين كما جاءت في القداس الباسيلي مترجما عن نص قبطي صعيدي ولقد صدرت المقالة في مجلة مدرسة الإسكندرية في عددها الثالث عام 2009 ولقي محاضرة باللغة الإنجليزية عن الذكصولوجيات الآدام بحسب مخطوطات دير القديس العظيم أبو مقار وذلك في مؤتمر القبطيات المنعقد في روما عام 2012 والذي نظمته الجمعية الدولية للدراسات القبطية.
وفي عام 2018 صدرت آخر إصداراته الليتورجية وهو "خولاجي القداسات الثلاثة يوناني – عربي" ولقد صدر عن مؤسسة مدرسة الإسكندرية للدراسات المسيحية.
وفي مجال التراث العربي المسيحي ؛ كان قد بدأ في نشر سلسلة تحمل عنوان "من مخطوطات دير القديس أنبا مقار " نشرها مسلسلة في مجلة "مرقس" وفي خلال عام 2016 صدرت له كتاب "سير تعليمية للقس بطرس السدمنتي" ثم أصدر بعدها كتابين عن بولس البوشي الأول هو تفسير سفر الرؤيا (أبو غالمسيس) للأنبا بولس البوشي أسقف مصر عام 2017 ثم ميامر الأعياد الإلهية للأنبا بولس البوشي عام 2018.
وفي عظة عيد القيامة التي ألقاها في مدينة القدس بعد نياحة مطرانها الأنبا آبراهام قدم الأنبا إبيفانيوس عظة بولس البوشي عن عيد القيامة. كما قدم بحثا عن قواعد قبول غير القبط في الكنيسة القبطية علي مر القرون طبقا لما ورد في عدد من مخطوطات دير الأنبا مقار غير المنشورة وذلك في المؤتمر السادس والعشرين للتراث العربي المسيحي.
وفاته:
رحل الانبا ابيفانيوس فجر ٢٩ يوليو ٢٠١٨م اثر جريمة نكراء اتهم فيها راهبين من الدير تم تجريد المتهم الرئيسي وائل سعد
الذي قام بجريمته واعترف بتفاصيلها وساعده فلتاؤس المقاري وتم إعدام المتهم الرئيسي وائل سعد بعد تأييد محكمة النقض الحكم ورفض الطعن وقد رأس جنازة الانبا ابيفانيوس وقتها البابا تواضروس الثاني الذي ظهر متأثرا بشكل كبير لرحيله واعدت مجلة الكرازة عدد خاص عن الراحل لمكانته الكبيرة ولشعبيته العظيمة لدي الرهبان والشباب القبطي وأصدر دير أبومقار عدة كتب ضمت إسهاماته وابحاثه وعظاته.