حذر خبراء الصحة من شراهة القطاع الخاص فى عمليات الاستحواذ فى قطاع الرعاية الصحة، التى بلغت نحو 19 صفقة دمج واستحواذ خلال 2020-2021 بنسبة 42% من إجمالى الاستثمار بالقطاع نفسه، لاسيما وأن مصر بها 110 ملايين مواطن منهم نسب عالية فى الأمراض المختلفة، ما يجعل الحق فى الصحة والرعاية الطبية التى كفلها دستور 2014 بمادته 18 ضمن أولويات الأمن القومى، وشجعوا فى الوقت نفسه الاستثمارات الجادة التى تلتزم بالضوابط والقوانين فى إطار المنافسة وليس الاحتكار، كما طالبوا بضرورة إيجاد قوانين فاعلة لتنظيم الاستثمار الأمثل وتفعيل الأجهزة الرقابية دورها، والتى حذرت خلال تقارير فى 2016 من خطورة عمليات الاستحواذ، التى باتت الآن بدعم وتمويل دولى.
أيضا حذر الخبراء من تسليع الخدمات الطبية خاصة أننا شاهدنا فى وقت الجائحة أن بعض المؤسسات الطبية الخاصة حققت أرباحًا فلكية دون الاعتداد بتوجيهات وزارة الصحة، وأشاروا إلى أن الأسعار الاحتكارية وعدم إشراك المجتمع المدنى فى وضع التسعيرة الإرشادية قد يضر بمنظومة التأمين الصحى الشامل، التى ستصل القاهرة والجيزة خلال ٦ إلى ١٠ سنوات، ويمثلان انتهاكًا لحق المواطن فى توفير رعاية صحية جيدة.
وبلغت استثمارات القطاع الخاص خلال العام المالى ٢٠١٨- ٢٠١٩ فى قطاع الرعاية الصحية ٩.٣ مليار جنيه، ما يمثل ٤٢٪ من إجمالى استثمارات القطاع خلال نفس العام، وفقا للأرقام الرسمية المعلنة ومن المتوقع أن تزيد تلك الاستثمارات فى السنوات العشر المقبلة، وفقا لتقرير مشترك صدر عن دى كود للاستشارات الاقتصادية والمالية والجامعة الأمريكية.
سيطرة الكيانات الدولية
قال الحقوقى محمود فؤاد، المدير التنفيذى للحق فى الدواء: "العالم كله يحذر من خطورة سيطرة مقدمى الخدمة الصحية للقطاع الخاص بشكل شرس؛ لأننا لا نتكلم عن سلعة وإنما خدمة طبية كفلها الدستور بمادته رقم ١٨، ويقدمها معظم الدول بشكل مجانى مثل مصر".
وتابع «فؤاد»: "ومنذ فترة زمنية ظهرت كيانات اقتصادية عالمية بدأت فى الاستحواذ والسيطرة على المستشفيات المصرية، وذلك للأسف تم بنجاح لأن سوق الصحة المصرية مطمع لأى مستثمر فتعدادنا ١١٠ ملايين نسمة ويعانى عدد كبير منه من الأمراض التى كان لا يتم التعامل معها بشكل جاد، خلال السنوات الماضية، ومن ثم تطمع هذه الكيانات الاستثمارية فى الفوز بمكاسب مصر خاصة أنه بحسب بيانات البنك الدولى ذكر أن ١٢٠ مليار جنيه بالقطاع الصحى، ٦٨٪ منها من جيوب المصريين و٣٢٪ من الحكومة المصرية، وهنا نتحدث عن أرقام ضخمة تجعل المجموعات الاقتصادية تتنافس للفوز بالسوق الصحية المصرية وتسعى للاستحواذ على مستشفيات كبيرة وتنجح فى ذلك بدون وجود ضوابط أو أجهزة رقابية".
وأضاف «فؤاد»: "فى عام ٢٠١٦ صدر تقرير سيادى يحذر من الاستحواذ دون الرجوع للدولة وصدر قرار رقم ١١٥ لسنة ٢٠١٦ بعدم بيع أو الاستحواذ على شركات الدواء أو المستشفيات المصرية إلا بوجود ممثل عن وزارة الصحة المصرية، لأن الاتفاقيات كانت تعتبر المستشفيات الخاصة مثل المشروعات الخاصة، ومن حق أصحابها التصرف فيها فتم التصدى لهم لأنها ليست مشروعًا خاصًا، ولكنها جزء من القطاع الصحى وتشترى السلع من الحكومة المصرية، والتى ترخص لها أيضًا والأطقم الطبية تخرجت من جامعاتها".
وأكمل «فؤاد»: "ندعم القطاع الخاص فى تقديم خدمات متميزة، لكن بشكل قانونى وتنافسى لا احتكارى وعدم الاستئثار بالسراير للمستشفيات الخاصة فى تحقيق أرباح خيالية، فنجد مستشفى ما حقق أرباحًا فى ٢٠١٩ عن عام ٢٠١٨ نحو ٣٨ مليون مكسب ثم ٦٢ مليون جنيه بالعام الحالى ودفع الزيادة المواطن المصرى، وكل الفارق هو تغيير يافطة المالك القديم بمستثمر جديد، فضلًا عن سيطرة القطاع الخاص على نحو ٦٥٪ من مقدمى الخدمات الصحية ووجود قانون التأمين الصحى الاجتماعى الشامل وزيادة حجم المستفيدين زود من تصارع الكيانات على حيازة المستشفيات، كما دخلنا فى معارك تحت قبة البرلمان لمنع السياسات الاحتكارية وصدرت بالفعل تغييرات فى بعض البنود فى قرارات وزارية آنذاك، لكننا الآن أصبحنا بحاجة لوجود قانون واضح ينظم عمليات الاستثمار الذى نرحب به طالما أن هناك تنافس جاد لا احتكارى يقدم لنا قيمة مضافة، لكن فكرة الاستحواذ على مستشفيات بعينها لا بد أن تحضر وزارة الصحة بها ويكون لجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وجهاز حماية المستهلك وتفعيل كل الأجهزة دورها".
خدمة أم سلعة
يقول الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة: "قبل النظر للرعاية الصحية فى مصر لا بد من تحديد الفلسفة أو آلية التعامل معها فهل تقدمها باعتبارها خدمة أم سلعة، فالخدمة تؤدى بالتكلفة وتُدار وفقًا لقواعد وضوابط محددة مفادها أن لكل مواطن الحق فى الحصول عن احتياجاته دون النظر إلى إمكانياته، لكن فى حالة السلعة تُدار بآلية تحقيق أرباح، ناهيك عن بيع الخدمة لمن يستطيع شراءها فقط، وقد تأسست الرعاية الصحية فى مصر خلال الخمسينيات والستينيات، وكانت فلسفتها الخدمة التى تقدم عبر نوعين، هما رعاية حكومية مجانية ورعاية صحية تأمينية ذات اشتراطات التأمين الصحى الاجتماعى علمًا بأنها خدمية؛ لأنها تعتمد على جمع اشتراكات تمثل خدمة محددة من دخل المواطن بصرف النظر إذا ما تعرض لمرض كبير كُلفة علاجه ١٠ أضعاف ما يدفع من اشتراكات يأخذها فى ذات الوقت".
ويضيف «خليل»: "هناك نوع آخر يسمى «تأمين صحى تجارى»، مثل نموذج دولة الولايات المتحدة الأمريكية التى تعتمد خلال تأمينها الصحى التجارى على الربحية، وتتم عبر ٤ شركات تأمين تجارية تحقق أعلى نسبة أرباح، لأنها تتاجر بالصحة، وذلك يتم عن طريق وضع حد أقصى للعلاج، وهناك أنواع من العلاجات ترفض إجراءها وتتبع عدة أنماط أو حزم تأمين مختلفة بحسب القدرة الاقتصادية، فالفقير يستطيع التأمين خلال مظلة أو حزمة بخصائص محددة مثل العيادات الخارجية والأدوية بعيدًا عن المستشفيات المميزة أو الجراحات المعقدة ومزايا أخرى قد تتوافر خلال الشرائح التأمينية الأعلى، وما يتم خلال النقابات المهنية فى مصر التى تعمل وفقًا لنظام التأمين الصحى التجارى غير الهادف للربح، وتكون فلسفة الإدارة ذات جناحين، هما عدم الربحية وعدم تحمل النظام أعباء كبيرة، وتتم معادلة ذلك عبر اشتراطات وضع الحدود القصوى خلال عام أو عدم توافر جراحات معقدة، ولكن التأمين الصحى على مستوى الجمهورية له مزايا مهمة، تتمثل فى توزيع المخاطر".
ويفسر «خليل»: "القطاع الخاص فى الخدمة الطبية خلال الستينيات كان له دور ثانوى محدود، وبدأ يتوسع من ١٩٧٤ عبر إفساح المجال له لإنشاء مؤسسات تقوى شوكتها باستمرار، بالإضافة لتسليع الخدمة الطبية فى القطاع الحكومى، لأن هذا القطاع استطاع تقديم خدمة طبية بجودة عالية خلال الأنظمة السابق ذكرها لن ينحج القطاع الخاص لاستقطاب المرضى، وبالتالى كانت هناك النية لإفساح المجال للقطاع الخاص ونقل التأمين الصحى الاجتماعى تدريجيًا إلى التجارى، وبالتالى بدلًا من توسع التأمين الصحى من زيادة عدد المشتركين والتوسع فى بناء المستشفيات غير الهادفة للربح بدأ يتقلص وتتراجع أعداد سراير المرضى لصالح القطاع الخاص ويعتمد على القطاع الحكومى فى التكاليف وتحول المستشفيات الحكومية للربحية، وذلك ما حدث فى تغير قانون التأمين الصحى ٢٠١٨ المطلق عليه اجتماعى شامل، علمًا بأنه افتقد الصفتين المزعومتين، فلا هو اجتماعى ولا شامل، بل يعتمد على المستشفيات الخاصة أو الحكومية التى تتقاضى أجرا، وزادت تسعيرة التأمين الصحى ما يمثل خصخصة التأمين الصحى نفسه وزيادة الأعباء على المريض المصرى".
ويواصل «خليل»: "تمثل ظاهرة النمو المباشر لاحتكارات القطاع الخاص بدعم من مؤسسات التمويل الدولية والبنك الدولى وتوفير سيولة لشراء معامل طبية كبيرة، مثل البرج والمُختبر، ثم شراء مستشفيات كبرى، مثل أبراج كابيتال وكليوباترا جروب، وأخرى الاستحواذ على القاهرة التخصصى والنيل بدراوى، ما يمثل خطورة ظاهرة الاحتكار، لأن المعامل ليست متساوية فى تقديم الخدمة الطبية، فهناك تحاليل عالية تحتاج لأجهزة ضخمة تحتاج لرأس مال ضحم بمعامل كبيرة لديها عدد كبير من المستخدمين عبر الفروع وهنا السوق الاحتكارية لرفع تسعيرة الخدمة التى لا تقدم فقط للمرضى المترددين على فروعها، بل مرضى منظومة التأمين الصحى التى تستخدمها، وهنا يزيد العبء المالى على المنظومة التى تجنى ثمارها هذه المؤسسات الاحتكارية، وخير دليل رفع متوسط الأسعار لـ٦٠٪ مقابل تراجع فى الخدمة عقب الاستحواذ عليها مع استبعاد عدد من الخبرات العالية، باعتبار أن رواتبهم عبء على الميزانية، لأن نظرة الخصخصة لا تنظر إلى بمعيار تقليل الإنفاق وزيادة الأرباح".
وكل هذه التجاوزات تتم رغم أن المادة ١٨ من دستور ٢٠١٤ جسدت كل المطالبات للاهتمام وزيادة الإنفاق الحكومى والتمويل على القطاع الصحى، وكنا نطالب بأن تصل لـ٦٪ من الإنفاق الحكومى واعتمدت لجنة صياغة الدستور لـ٣٪ من الإنفاق الحكومى على أن تزيد النسبة العالمية ٦٪، وما تم خلال ٢٠١٥-٢٠١٦ بدأ رفع تدريجى للصحة حتى بلغ ٢.٢ كحد أقصى للإنفاق حتى تم الاتفاق مع صندوق النقد الدولى لتنخفض النسبة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حتى وصلت لـ١.٥٪ من الناتج المحلى، ما يمثل نصف الحد الأدنى وربع الحد الأمثل للإنفاق يمثل مشكلة كبيرة، كما أن زيادة القطاع الخاص بالمستشفيات والمعامل وتطبيق التأمين الصحة سيزيد العبء عليها، وهنا لن يكون حل سوى تزويد الاشتراكات أو تخفيض المزايا، كما ستلتهم الأرباح الاحتكارية أى زيادات حكومية وسيضر بتقديم الخدمة للمواطن ويتنافى مع المادة ١٨ من الدستور.
التمويل الدولية
ويذكر أن التمويل الدولية كانت قد أطلقت برنامجًا استشاريًا لدعم شركات القطاع الخاص فى مجال الرعاية الصحية، لمدة ثلاث سنوات يهدف مساعدة نحو ١٠٠ كيان من مقدمى خدمات الرعاية الصحية من القطاع الخاص فى مصر على تحسين أنظمتهم لرعاية المرضى؛ بحسب المعلومات المنشورة لها. واستثمرت المؤسسة أكثر من ٣١٠ ملايين دولار فى قطاع الرعاية الصحية فى مصر منذ عام ٢٠٠٧.
وهنا يقول الباحث أيمن سبع، بمبادرة الحق فى الصحة: يجب أن نضع فى الاعتبار أن عمليات الاستحواذ والاندماج التى تمت خلال الفترات السابقة وبشكل ضخم بالتزامن مع دعم مؤسسات التمويل الدولية بهدف تسليع الخدمة الطبية سيكون لهما تأثير بشكل كبير على تسعير وتقديم الخدمات الطبية وعدالة التوزيع.
ويضيف «أيمن»: "كل التخوف هنا من سيطرة رجال الأعمال والقطاع الخاص على تقديم الخدمة الطبية، وهنا تظهر المشكلات خلال رفع أسعار الخدمات الطبية وزيادة العبء على المريض المصرى الذى سيدفع فارق الأسعار، ما يعد انتهاكًا للحق فى الصحة وتقديم الخدمات الطبية لكل المواطنين الذى هو بالأساس حق دستورى فى مادته رقم ١٨".
ويواصل «أيمن»: "دائمًا يتركز سعى القطاع الخاص فى توفير الخدمات الطبية بالمحافظات الأكثر كثافة سكانية والأعلى اقتصاديًا ومن ثم القدرة الأعلى على الدفع النقدى وسهولة أكثر فى وصول الفرق الطبية أكثر، فتتركز خدماتهم فى محافظات القاهرة والإسكندرية وتتجاهل باقى المحافظات؛ وهنا نشير لحرمان المحافظات النائية أو الفقيرة أو الحدودية من الخدمات الطبية، ما يمثل تعريض المرضى المصريين للخطر، فضلًا عن أن سيطرة القطاع الخاص على الشريحة الأكبر من المؤسسات الصحية يمثل خطورة خاصة فى البلدان التى بها أرقام ضخمة من الأمراض ويعتبر القطاع الصحى سواء مستشفيات أو دواء من الأمن القومى، ويبقى الدور الأكبر على الدولة فى توفيرها، ولنا مثال فى جائحة كورونا وفحوصاتها التى باتت بأسعار خيالية وظهور بعض الاحتكارات".
شراكة بشروط ومراقبة
من جانبه يقول الدكتور علاء غنّام، عضو لجنة إعداد قانون التأمين الصحى الشامل وخبير السياسات الصحية: "يجب أن نعلم أن القطاع الخاص هو شريك أساسى بالتنمية وتقديم الخدمات الطبية، فهناك نحو ١٢٠٠ مستشفى بالقطاع الخاص وتقديرات لوجود ٧٠ ألف عيادة خاصة وأكثر، ونحو ٩٠ ألف صيدلية خاصة ما يعنى ضخامة هذا القطاع، وهنا لا بد أن يتم التعامل معه فى إطار خطة الدولة ٢٠٣٠ وبموجب الدستور المصرى لعام ٢٠١٤ بمادته ١٨ وقانون التأمين الصحى الشامل؛ فلا بد من الدخول بشراكات معه بشروط الدولة بما يحقق مصلحة المريض أولًا، بمعنى وضع الخدمات الاسترشادية لتسعير الخدمة ووضع الضوابط الآليات لمراقبة ذلك على أرض الواقع من خلال إدارات مختصة، مثل لجنة الصحة بمجلس النواب والجمعيات الحقوقية وهيئة الرقابة والاعتماد بحسب قانون التأمين الصحى الشامل. ومن لا يلتزم بذلك يخرج من المنظومة بشكل فورى".
ويضيف «غنَام»: "يجب منع شراهة القطاع الخاص فى عمليات الدمج والاستحواذ لما له من تأثير خطير جدًا، لأنه يدخل ضمن الممارسات الاحتكارية التى تعمل على تسليع الخدمة الطبية ورفع سعرها، ما يؤثر على الطبقات الفقيرة والمتوسطة وقانون الاستثمار يمنع عمليات الاحتكار، ولابد من تدخل البرلمان لمنع حدوث أى تجاوزات".
ويواصل «غنّام»: "تطبيق القانون ونظام التأمين الصحة الشامل بالأسعار الاسترشادية المحددة للخدمات الطبية ومن يتجاوز يخرج من المنظومة بشكل مباشر، وهنا تدخل الدولة هام جدًا، ولنا فى تجربة لقاح كورونا دليل، فتم إنشاء هيئة الدواء المصرية التى استطاعت أن تصنع لقاح كورونا محليَا. وهذا ما كان يحدث لو كانت الدواء تحت سيطرة القطاع الخاص".
جدير بالذكر أن أبرز الصفقات كان استحواذ «الأهلى كابيتال» على مستشفى الندى واستحواذ صندوق ازدهار مصر على حصة أقلية فى مجموعة التيسير الطبية ورفع مجموعة التيسير الطبية لحصتها فى مركز المنصورة الطبى وزيادة «ألتا سمبر كابيتال للاستثمار المباشر» حصتها فى «ماكرو القابضة» وغيرها.
كما يتنافس العديد من الشركات للاستحواذ على حصة ٥١.٤٪ التى يمتلكها بنك أبوظبى التجارى فى شركة الإسكندرية للخدمات الطبية، وأعلن مؤخرًا عن توقف صفقة، كانت لتكون هى الأكبر فى القطاع، للاندماج بين مجموعة مستشفيات كليوباترا ومجموعة ألاميدا للرعاية الصحية.
تنافسية فى صالح المريض
وهنا يقول الدكتور محمد عز العرب، المستشار الطبى لـ«الحق فى الدواء»: "نقف دائمًا كمنظمات مجتمع مدنى ضد أى عمليات الاستحواذ والسياسة الاحتكارية لمقدمى الخدمات الطبية من قبل كيانات كبيرة يؤدى للاحتكار ما يقف ضد مبدأ العدالة فى تقديم الخدمة الطبية ورفع أسعارها".
ويواصل «عز العرب»: "فى نفس الوقت ندعم الاستثمارات الطبية الجادة على أن يكون التنافس لصالح المريض عن طريق زيادة العروض وتقليل الأسعار إلى حين تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل بجميع محافظات مصر والمرحلة السادسة التى تضم القاهرة الجيزة وستبدأ خلال ٦ إلى ١٠ سنوات، وحتى ذلك الوقت نعتمد على القطاع الخاص، ولكن بشروط وضوابط، حيث بلغ الإنفاق الصحى ٦٨٪ من جيوب المصريين و٣٢٪ من الدولة".
ويضيف «عز العرب»: "الممارسات الاحتكارية ووجود كيانات تستحوذ على الكم الأكبر من المستشفيات أو مراكز الأشعة والتحاليل أمر مرفوض تحسبًا للسيطرة على تسعير وزيادة مقابل الخدمات الطبية يضاف لذلك ضعف وقصور إدارة العلاج الحر لدينا فى مواجهة سياسة الأسعار. وعلى الجهات الرقابية أن تنتبه لهذا الموضوع لحماية فئة المرضى من قبل الطبقة المتوسطة والفقيرة إلى أن يتم تطبيق التأمين الصحى الشامل الذى قد يتوافر به معظم الخدمات الطبية بشكل كبير".
وأوضح «عز العرب»: "يجب علينا الالتزام بأوجه الإنفاق الطبى حيث لم تصل العام الماضى من ١.٢٪ إلى ١.٦٪ من الدخل القومى وهى نسبة بسيطة جدًا عن الـ٣٪ التى أقرها الدستور علمًا بأن هناك دولا أفريقية، مثل السنغال تنفق أكثر من ٣٪ من دخلها على القطاع الصحى، لأن جناحى التقدم لأى أمة هما التعليم والصحة برفقة البحث العلمى، وعلينا ألا نغفل أن شراهة القطاع الخاص وتحكمها فى التسعيرة مستقبلًا سيضيعان الهدف الجوهرى لمنظومة التأمين الصحى الشامل ونطالب بوجود سياسة تسعيرية حازمة ويجب إشراك المجتمع المدنى مع إدارة العلاج الحر خلال لجان وضع التسعيرة للخدمات والمستشفيات الاستثمارية لمنع التضاعف الاستغلال، وهذا ما حدث خلال جائحة كورونا، حيث تضاغفت الأسعار للضعف وأكثر بأسعار فلكية، حيث وصلت ٣٠٠ ألف خلال أسبوع أو ١٠ أيام للمريض بدعاوى الجائحة وزى العاملين وبنود استفزازية؛ ما يلزم إشراك المجتمع المدنى فى السياسة التسعيرية والاسترشاد بالأسعار بالمؤسسة العلاجية بمصر ونقف دائمًا ضد الاحتكار وتكوين تكتلات، لكننا ندعم الاستثمارات الجادة والتنافسية ما ينعكس بشكل إيجابى على تسعيرة الخدمات الطبية".