الأزمة تعني وضعًا متحديًا غير مستقر ولا واضح بدرجة تمكننا من التعامل معه والسيطرة عليه حتى يصل إلى درجة العادية. وفي الأدبيات تعني اللحظة الحرجة والحاسمة التي تتعلق بمصير الكيان الإداري الذي أُصيب بمشكلة ما ووجدت بذلك صعوبة حادة أمام صاحب القرار نظرًا لقلة البيانات عن الأزمة" [1]
وهناك ارتباط تاريخي بين الطب والأزمة؛ لأنها لحظة فارقة بين الحياة وبين الموت، تستدعي اتخاذ قرار حاسم يؤثر في مجريات الأحداث ويكون عامل الوقت حاسما في اتخاذ هذا القرار، وها الارتباط تؤكده أسماء بعض الأمراض مثل الأزمات القلبية والأزمات التنفسية أو الربوية، فما بالنا بكارثة كورونا التي اجتاحت العالم بأثره في عودة لسيناريوهات الأوبئة في التاريخ كالطاعون الأسود، والكوليرا، الأزمة التي سخر لها العالم كل ما يستطيع من تفكير وتدابير وحمل الأطباء على عاتقهم سلاح العلم ووضعوا أرواحهم على أكفهم وهم يعملون على الجسر الفاصل بين الحياة والموت. الجسر الذي يعبرونه كل يوم مرات ومرات.، بتضحية وشجاعة نادرة وتضحية لا يقلان عن شجاعة وتضحية جنودنا على الحدود. ولم لا ونحن في حرب حقيقية وتوجيهات رأس الدولة الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئاسة مجلس الوزراء وجهود وزارة الصحة وكل من لهم علاقة بالقطاع الطبي لا هم لهم وجميعا سوى إنقاذ أرواح من ضربهم الفيروس وإنقاذ من لم يستطع اصطيادهم من أفراد الشعب بتطعيمهم باللقاح.
سخرت مصر جميع إمكانياتها للتعامل مع الأزمة منذ بزوغها، وتم إعداد وتخصيص عدد كبير من مستشفيات العزل على مستوى الجمهورية - ساحات حرب جيش مصر الأبيض-. من قيادات وأطقم طبية يتصدرهم أساتذة وأطباء الصدر حيث يهاجم الفيروس ويستهدف الرئتين.
حينما أصيبت بفيروس كورونا ودخلت مستشفى العزل بجامعة المنصورة لإنقاذ حياتي لم تكن مشاهداتي بعد أن تحسنت حالتي مجرد مشاهدة مريضة عادية فقد جذب انتباه الكاتبة بداخلي واستفزها ما يحدث من حولها، وتحول إلى أسئلة ومحاولة للفهم فلم يكن في حيز العادي. كنا كمريضات نتآزر ونتحدث إن استطعنا ونوقظ بعضنا لنطمئن أننا ما زلنا أحياء أو للنداء على ممرضة لمساعدة إحدانا فنعرف بعض أخبار من هنا وهناك.
وحدث أن قدم إلينا بالدور الرابع مريضتان بعد أن وضعتا مولودتيها وتم حجزهما معنا لاستكمال علاجهم من كورونا فتساءلت عن مرضى آخرين بحالات مصاحبة لكورونا، فوجدت حالات جراحة وحالات قلب وهو ما لا توفره مستشفيات عزل أخرى فآليت على نفسي أن أكتب عن كل جهد بذل وكل قد خطت خطوة على طريق الموت لضمان حياتنا نحن مرضى كورونا دون النظر إلى أسمائنا مهنتنا ديانتنا فقد كان ما يهمهم هو إنقاذنا من براثن الموت.
حينما بحثت عن أسباب الجمال والتآزر والدقة التي تدير المستشفى ككل. اتضح لي الأمر. كانت روح الفريق هي كلمة السر وكانت حرفية التعامل مع أزمة كورونا هي قارب النجاة لأرواحنا جميعا نحن ضحايا كورونا ونزلاء العناية المركزة. مجمع العنايات الذي افتتحه أ د/ خالد عبدالعفار - وزير التعليم العالي والبحث العلمي،في سبتمبر 2020 عبر الفيديو كونفرانس، بحضور كل من أ د/ أشرف عبدالباسط – رئيس جامعة المنصورة، أ د / نسرين عمر - عميد كلية الطب، أ د / محمد عبدالعظيم - عميد كلية الهندسة، أ د / محمد حجازى - المدير التنفيذى للمستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة، أ د/ الشعراوى كمال - مدير مستشفى الجامعة، أ د/ وائل زكريا - نائب مدير المستشفى، د/ خالد الطوخى - نائب مدير المستشفى، أ.د/ عمرو يس - أستاذ العناية المركزة والتخدير ومنسق لجنة إدارة أزمة الكورونا، وأعضاء لجنة إدارة أزمة الكورونا أ.د/ أمل رشاد – أستاذ التخدير والعناية المركزة الجراحية، أ.د/عاصم هويدي – أستاذ مساعد الأمراض الصدرية، أ.د/ تامر الحديدى - أستاذ الأمراض الصدرية، أ.د/ هبه دجلة - أستاذ مساعد الميكروبيولوجيا والمناعة الطبية، أ.د/ نرمين أبو الخير – أستاذ مساعد الباثولوجيا الإكلينيكية، وإدارة مستشفى العزل د/ عمرو سمير - مدير مستشفى العزل، د/ محمد مجدى حموده - نائب مدير مستشفى العزل، د/ مروة عمر - المدير الإداري لمجمع العنايات المركزة. كل هذه القامات من تخصصات مختلفة طبية كمكافحة العدوى، والعناية المركزة والأمراض الصدرية، والأنف والأذن والأورام والنساء والتوليد تتآزر جهودها وتتكامل داخل مبنى له من المرونة الهندسية والتقنية ما يسمح باستخدامه كمبنى عزل للحالات الفيروسية وفقًا لأحدث المعايير القياسية لمكافحة العدوى حيث يتم تجهيز المجمع بالكامل بحوائط PVC وفينيل الأرضيات وكافة الدهانات والخامات المستخدمة من مواد مضادة للبكتيريا هو يجعلنا نشيد بهذا الجهد ونحيي حرفية التعامل مع أزمة كورونا وتميز هذا الجهد ونشد على أيديهم ونشكر جهدهم جميعا ونتمنى أن يصل نوركم إلى العالم. كل العالم.