الأدب بصور فنونه المتنوعة يحاول أسر التجارب الإنسانية المنفتحة واللامتناهية لثراء التجربة البشرية، ولا شك أن الشعر أحد هذه الفنون التي تحاول التحليق في فضاء الخيال، وربما هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس في وعي الإنسان وفي اللاوعي أيضا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر..
تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا.
واليوم ننشر قصيدة بعنوان "ماذا صنعت بالذهب" للشاعر اللبناني أنسي الحاج، تزامنا مع ذكرى ميلاده التي تحل اليوم الثلاثاء.
ماذا صنعتَ بالذّهب، ماذا فعلتَ بالوردة
قولوا هذا موعدي وامنحوني الوقت.
سوف يكون للجميع وقت، فأصبروا.
اصبروا عليَّ لأجمعِ نثري.
زيارتُكم عاجلة وسَفَري طويل
نظرُكم خاطف وورقي مُبعْثَر
محبّتُكم صيف وحُبّيَ الأرض.
مَن أُخبر فيلدني ناسياً
إلى مَن أصرخ فيُعطيني المُحيط؟
صــار جسدي كالخزف ونزلتُ أوديتي
صـارت لغتي كالشمع وأشعلتُ لغتي،
وكنتُ بالحبّ.
لامرأةٍ أنهَضتُ الأسوار فيخلو طريقي إليها.
جميلةٌ كمعصيةٍ وجميلةٌ
كجميلة عارية في مرآة
وكأميرةٍ شاردة ومُخمَّرة في الكرْم
ومَن بسببها أُجليتُ وانتظرتُها على وجوه المياه
جميلةٌ كمَركب وحيد يُقدّم نفسه
كسريرٍ أجده فيُذكّرني سريراً نسيتُه
جميلةٌ كنبوءة تُرْسَل الى الماضي
كقمر الأغنية
جميلةٌ كأزهارٍ تحت ندى العينين
كسهولة كلّ شيء حين نُغمض العينين
كالشمس تدوس العنب
كعنبٍ كالثّدْي
كعنبٍ ترْجع النارُ عليه
كعروسٍ مُختبئة وراء الأسوار وقد ألقتْ عليَّ الشهوة
جميلةٌ كجوزةٍ في الماء
كعاصفةٍ في عُطلة
جميلةٌ أتتني
أتت إليّ لا أعرف أين والسماء صحو
والبحر غريق.
من كفاح الأحلام أقبلتْ
من يَناع الأيّام
وفاءً للنذور ومكافأةً للوَرد
ولُمّعتُ منها كالجوهرة.
سوف يكون ما سوف يكون
سوف هناك يكون حُبّنا
أصابعه مُلتصقة بحجار الأرض
ويداه محفورتان على العالم.
أُنقلوني الى جميع اللّغات لتسمعني حبيبتي
أُنقلوني الى جميع الأماكن لأحْصرَ حبيبتي
لترى أنّني قديمٌ وجديد
لتسمَعَ غنائي وتُطفىء خوفي.
لقد وَقعْتُها وتهتُها
لقد غِرْتُها
أعيروني حياتكم لأنتظر حبيبتي
أعيروني حياتكم لأُحبّ حبيبتي
لأُلاقيها الآن والى الأبد.
لَكُم أنتم لتدقَّ الساعات
من سراجكم ليؤخذْ نور الصباح
فأنا بريءٌ وحبيبتي جاهلة
آه ليُغدَق علينا
لنُوفَّرْ لنُجْتنَبْ
وليُغدَقْ علينا
فحُبّي لا تكفيه أوراقي وأوراقي لا تكفيها أغصاني
وأغصاني لا تكفيها ثماري وثماري هائلةٌ لشجرة.
أنا شعوبٌ من العُشّاق
حنانٌ لأجيالٍ يقطر منّي
فهل أخنق حبيبتي بالحنان وحبيبتي صغيرة
وهل أجرفها كطوفانٍ وأرميها؟
آه من يُسعفني بالوقت من يُؤلّف ليَ الظلال مَن يوسّع الأماكن
فإنّي وجدتُ حبيبتي فلِمَ أتركها..
ما صَنَعَتْ بيَ امرأةٌ ما صنعتِ
رأيتُ شمسكِ في كآبة الروح
وماءكِ في الحُمّى
وفمكِ في الإغماء.
وكنتِ في ثيابٍ لونُها أبيض
لأنّها كانت حمراء..