قدم رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري وكتلته النيابية بتيار المستقبل "التي يترأسها وتضم 18 نائبا" باقتراح لتعليق جميع المواد الدستورية والقانونية التي تعطي حصانة أو حقوق خاصة بالمحاكمات لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وللوزراء وللنواب وللقضاة، وللموظفين وللمحامين وذلك لضمان محاكمة عادلة للجميع أمام قضاء واحد وهو القضاء العدلي في جريمة انفجار ميناء بيروت البحري.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي للحريري اليوم الثلاثاء، بهدف تقديم هذا الاقتراح والرد على ما تردد من اتهامات وانتقادات بسبب عدم إقدام مجلس النواب اللبناني على رفع الحصانات عن الأعضاء بالمجلس من الوزراء السابقين الذين طلبهم قاضي التحقيق في انفجار ميناء بيروت طارق البيطار للادعاء عليهم كمتهمين في القضية.
وقال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق إن هناك نصوصا بالدستور والقانون تعطي حصانات وضمانات خاصة لعدد من الفئات بشكل يصعب مهمة قاضي التحقيق في انفجار ميناء بيروت البحري، مشيرا إلى أن هذه النصوص تضمن للقضاء أن يتم التحقيق معهم أمام محكمة خاصة وليس المحقق العدلي (النيابة العامة) أو المجلس العدلي، فيما تؤكد هذه النصوص على محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء تكون أمام المجلس الأعلى للقضاء، وبالتالي ستكون المحاكمة في قضية انفجار ميناء بيروت البحري إذا سارت في المسار الحالي، مقسمة على 3 جهات قضائية وليست جهة واحدة، مما يجعل الوصول إلى الحقيقة أمرا صعبا، على حد وصفه.
وأوضح الحريري أن المقترح الذي تقدم به وافقت عليه كتلته النيابية وسيبدأ على الفور بالتواصل مع الكتل النيابية الأخرى للحصول على موافقتهم، مشددا على أن هذا هو البديل الوحيد للمحاكمة الدولية التي سبق وأن طالب بها في هذا الحادث لترفع الحصانات عن الجميع. وأكد الحريري أنه وتيار المستقبل مع رفع الحصانات عن الجميع بدء من رئيس الجمهورية وحتى الموظف الذي يشترط القانون إذن رئيسه قبل مسائلته.
وحول الوثيقة التي تم تداولها مؤخرا ووقع عليها عدد من نواب الكتلة، أكد الحريري أن الوثيقة لم تطالب بعدم رفع الحصانة، وأن ما أثير حولها هدفه تزوير التاريخ، وتلا الحريري جزء من الوثيقة جاء فيها: "لأجلِ ذلكَ نتقدم بطلب اتهام، وبالتالي الإذن بالملاحقة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء". واعتبر أن كل ما قيل عن أن نواب تيار المستقبل تخلوا عن الحقيقة والعدالة، ووقعوا عريضة نيابية ضد رفع الحصانة هو كلام قمة التضليل، وقمة التزوير، وقمة الكذب. وأكد أنه عندما تمر الدول بأزمات كبرى، وتقع فيها جريمة بحجم جريمة ميناء بيروت، التي تم تصنيفها ثالث أكبر انفجار بتاريخ العالم، فعلى الدول، وعلى القوى السياسية فيها، أن تأخذ قرارات استثنائية بحجم الجريمة. وكان قاضي التحقيق في قضية انفجار ميناء بيروت القاضي طارق بيطار قد طلب في الثاني من يوليو الجاري رفع الحصانة النيابية عن وزير المالية السابق النائب علي حسن خليل، ووزير الأشغال الأسبق النائب غازي زعيتر ووزير الداخلية الأسبق والنائب نهاد المشنوق، تمهيدا للادعاء عليهم وملاحقتهم في القضية التي طلب فيها أيضا المحقق العدلي استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حسان دياب كمدعى عليه (كمتهم) في القضية، بالإضافة إلى عدد من كبار المسؤولين السابقين والحالين وقادة عسكريين وأمنيين وقضاة. وفي المقابل، طلب مجلس النواب اللبناني إفادته بأدلة الاتهام الواردة في التحقيق الخاص بانفجار ميناء بيروت وجميع المستندات والأوراق للتأكد من حيثيات الملاحقة، وذلك كإجراء قانوني لنظر طلب رفع الحصانة وملاحقة الوزراء السابقين أعضاء المجلس نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زعيتر، فيما طالب النواب أنفسهم بإجراء التحقيق معهم أمام المجلس الأعلى للقضاء باعتبار أن القضية متعلقة بمهام عملهم كوزراء، وهو ما اعتبره عدد من أهالي الضحايا مراوغة في تحقيق العدالة. ونظم أهالي عدد من الضحايا وقفات في محيطي مجلس النواب ومنزل وزير الداخلية وشابها أعمال عنف ومحاولات لاقتحام منزل الوزير بقوة تصدت لها قوات الأمن، مما أسفر عن سقوط العديد من المصابين بين صفوف المتظاهرين وقوات الأمن. ووقع انفجار مدمر بداخل ميناء بيروت البحري في 4 أغسطس الماضي جراء اشتعال النيران في 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم شديدة الانفجار والتي كانت مخزنة في مستودعات الميناء طيلة 6 سنوات، الأمر الذي أدى إلى تدمير قسم كبير من الميناء، فضلا مقتل نحو 200 شخص وإصابة أكثر من 6 آلاف آخرين، وتعرض مباني ومنشآت العاصمة لأضرار بالغة جراء قوة الانفجار على نحو استوجب إعلان بيروت مدينة منكوبة.