قبل سبعة آلاف عام، كانت الحياة تدب هنا في منطقة "حمى الثقافية" بنجران، بالمملكة العربية السعودية، وذلك وفق ما تحدثنا به النقوش الرائعة والرسوم البديعة التي تزين صخور المنطقة القديمة، التي نجحت السعودية في إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.
وأدرجت لجنة التراث العالمي، السبت الماضي، خمسة مواقع ثقافية، موجودة في المملكة العربية السعودية والنمسا وبلجيكا وتشيكيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة لبريطانيا وأيرلندا الشمالية، وذلك إبّان الدورة الرابعة والأربعين المنعقدة عبر الإنترنت والتي تُدار أعمالها من مدينة فوزهو بالصين.
وبحسب بيان صادر عن اليونسكو فإن "حمى الثقافية" تقع في منطقة جبلية قاحلة في جنوب غرب المملكة العربية السعودية، وعلى أحد أقدم طرق القوافل القديمة التي كانت تعبر شبه الجزيرة العربية، وتتضمن منطقة حمى الثقافية مجموعة كبيرة من الصور المنقوشة على الصخور التي تصوِّر الصيد والحيوانات والنباتات وأساليب الحياة لثقافة امتدت على 7 آلاف عام دون انقطاع. وكان المسافرون والجيوش، الذين يحلُّون في المكان، على مرِّ العصور وحتى وقت متأخر من القرن العشرين، يتركون خلفهم الكثير من الكتابات والنقوش على الصخور التي بقي معظمها محفوظاً على حاله.
وتابعت "اليونسكو": تأتي الكتابات على الصخور بعدة خطوط منها خط المسند والآرامي-النبطي والكتابة العربية الجنوبية والخط الثمودي والكتابة اليونانية والعربية. كما أنَّ هذا الموقع والمنطقة المحيطة به يذخران بآثار لم يجر التنقيب عنها بعد، وهي تتكون من أرجام وهياكل حجرية ومدافن وأدوات حجرية مبعثرة وآبار قديمة. ويقع هذا الموقع في أقدم محطة معروفة لتقاضي الرسوم وهي كائنة على أحد الطرق الهامة القديمة للقوافل، حيث توجد بئر حمى التي يرجع تاريخها إلى 3 آلاف عام مضى على الأقل، والتي لا تزال تعطي المياه العذبة حتى الآن.
ووفق وكالة الأنباء السعودية فإن منطقة الفن الصخري الثقافي تقع في حِمى على مساحة 557 كم مربعاً، وتضم 550 لوحة فن صخري تحوي مئات الآلاف من النقوش والرسوم الصخرية.
وأضافت الوكالة، أن المنطقة تعد واحدة من أكبر مجمعات الفن الصخري في العالم، وتقع عند نقطة مهمة في طرق القوافل القديمة وطرق التجارة التي تعبر الأجزاء الجنوبية من شبه الجزيرة العربية، ويعتقد أنها كانت إحدى الأسواق الرئيسية في شبه الجزيرة العربية القديمة، وتمثل الآبار الموجودة في بئر حِمى آخر نقطة إمدادات الماء على طريق الشمال، والأولى بعد عبور الصحاري على طريق الجنوب.
وتابعت: يضم موقع حِمى عشرات الآلاف من النقوش الصخرية المكتوبة بعدة نصوص قديمة، تضم نقوشاً بالقلم الثمودي، والنبطي، والمسند الجنوبي، والسريانية واليونانية، بالإضافة إلى النقوش العربية المبكرة (من فترة ما قبل الإسلام) والتي تعد بدايات الخط العربي الحديث.
وتمثل فنون ونقوش حمى الصخرية مصدراً لا يقدر بثمن للتوثيق الكتابي والفني والتاريخي وحتى الإثنوغرافي لأحداث التغير المناخي خلال الفترة السائدة، ويتجلى ذلك من خلال البقايا الأثرية الشاسعة التي تم العثور عليها في موقع حِمى بمنطقة نجران على شكل مذيلات ومنشآت ومقابر ركامية، وورش لتصنيع الأدوات الحجرية مثل الفؤوس والمدقّات ورؤوس السهام الحجرية، كما يوجد في الموقع آبار مياه قديمة لا تزال تستعمل حتى اليوم.
وهنأ المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي بالبحرين، المملكة العربية السعودية بنجاحها في إدارة الملف وإدراج الموقع بقائمة التراث العالمي.
وفي تصريحات لوكالة الأنباء البحرينية، قالت مي بنت محمد آل خليفة رئيسة مجلس إدارة المركز الإقليمي: إن نجاح تسجيل موقع سادس للمملكة العربية السعودية على القائمة يعكس ما تمتلكه السعودية من إرث إنساني عريق يساهم في إثراء المشهد الحضاري في المنطقة.
وأوضحت أن مملكة البحرين، بصفتها عضوا في لجنة التراث العالمي، دعمت إدراج ملف موقع حمى نجران خلال الاجتماع، مؤكدة أن البحرين والمركز الإقليمي العربي للتراث العالمي تواصل العمل على تعزيز جهود الحفاظ على المواقع التاريخية والتراثية في كافة أنحاء الوطن العربي.
وسجلت السعودية قبل ذلك: موقع الإحساء عام 2018م، والنقوش الصخرية في حائل عام2015م ، وجدة التاريخية عام 2014م، والدرعية التاريخية 2010م ، ومدائن صالح عام 2008م.