الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

تساؤل غير مشروع.. هل تسقط تظاهرات إيران نظام ولاية الفقيه؟

تظاهرات إيران
تظاهرات إيران
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في كل مرة تظهر على السطح الأزمات داخل النظام الإيراني أو تخرج تظاهرات منددة بالأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية، بالتزامن مع انخفاض ملحوظ في قيمة العملة المحلية الإيرانية مقابل العملات الأجنبية وتحديدًا الدولار الأمريكي، تثار الأسئلة حول مدى قدرة هذا النظام على البقاء أو الصمود أمام تلك التحديات التي تثقل كاهل أي نظام سياسي في العالم، بل وقد تتسبب في شروخ وتصدعات في البنية الأساسية للنظم السياسية حول العام.

لكن في حالة النظام الإيراني فإن هذه النظرة تكون قاصرة إلى حد بعيد بالنسبة إلى غير المختصين الذين لا يدركون طبيعة تأسيس نظام ولاية الفقيه في إيران، وشكل تكوينه السياسي والعقائدي، فعلى الرغم من تردي الأوضاع بشكل كبير يصعب أن يقدم النظام حلولًا لها، إلا أنه مع خروج تظاهرات في عدة مدن إيرانية فإن ذلك ليس معناه أن ذلك النظام يوشك على الانهيار مثله كمثل أي نظام سياسي هش في العالم.

وقد سبق أن خرجت تظاهرات عديدة في أكثر من مناسبة كان آخرها تظاهرات 2017، التي شملت عموم محافظات إيران، والتي نادت بـ«الموت لروحاني» و«الموت لخامنئي»، وقبلها كانت تظاهرات الثورة الخضراء عام 2009، التي انطلقت عقب فوز الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، غير أن كل تلك التظاهرات لم تأكل من عمود خيمة النظام بما يشي بأن ذلك النظام الثيوقراطي العقائدي شديد التعقيد قد أقبل على الانهيار.

يقوم النظام السياسي في إيران على نظرية عقائدة تسمى "ولاية الفقيه" وقد يعرف كثيرون مبادئ تلك النظرية التي تقوم على أن الفقيه أو المرشد هو نائب عن الإمام الغائب الذي سيعود وسينشر الدنيا عدلًا بعد أن امتلأت ظلمًا وجورًا، وقد تضمن الدستور الإيراني تلك النظرية التي دشنها الإمام الخميني قبل وفاته وأدرجت في تعديلات دستور إيران عام 1989، وقد وافق الشعب الإيراني بكامل أطيافه المشاركة في الاستفتاء على ذلك الدستور وتلك النظرية بالإجماع حتى باتت هي النظرية المعبرة عن شكل السياسة في إيران.

الأمر الآخر هو أن الشعب الإيراني نفسه لديه نفس النزعة التي يمتلكها النخبة، إذ يرى الشعب الإيراني نفسه أن هناك قوى تسمى الاستكبار العالمي، وأن دولة إيران مسؤولة عن الشيعة حول العالم مسؤولية تامة، فضلًا عن تمتع الشعب الإيراني بحالة من الصبر الاستراتيجي التي تجعله قادرًا على مواجهة الأزمات الاقتصادية الخانقة في سبيل مواجهة الولايات المتحدة وقوى الغرب التي تحاول النيل من الجمهورية الإسلامية الإيرانية ونظرية ولاية الفقيه.

ورغم خروج الكثير من التظاهرات في عموم المحافظات الإيرانية والتي كان آخرها محافظة طهران، فضلًا عن خروج التظاهرات من المحافظات الآذرية – وبالمناسبة المرشد تابع للقومية الآذرية (التركية) – فضلًا عن تظاهرات خرجت في المحافظات ذات القوميات الفارسية، ما يشي بزيادة حالة الحنق الشديد والسخط على الأوضاع السائدة، إلا أنه في كل مرة ينجح الحرس الثوري مدعومًا بقوات الباسيج في لجم تلك التظاهرات في كثير من الأحيان كما حدث في تظاهرات 2009، وكذلك تظاهرات 2017، باعتبارهما التظاهرات التي شهدت إقبالًا ومشاركة كبيرين من المواطنين من كافة الفئات والقوميات على اختلافها.

في المجمل فإنه إذا نظرنا إلى مرحلة تقييم شكل وبنية المجتمع الإيراني قبل الحديث عن سقوطه يجب أن ننظر إلى سمات الشخصية الإيرانية كشعب وليس كنخبة، فذلك الشعب الذي شارك في حرب استمرت لثماني سنوات، وينسج سجادة واحدة في 10 سنوات كاملة يفاخر بها العالم كأفضل ناسج للسجاد في العالم، يستطيع أن يقف كثيرًا أمام الأزمات الاقتصادية التي تنال من جمهوريته الثيوقراطية، علاوة على أن نظريات الفلسفة السياسية تؤكد على أن الشعوب تكون في حالة ترابط كبير إلى جانب النخبة الحاكمة في حالة واحدة فقط، وهي حالة الحرب أمام عدو آخر، وهو ما تصدره النخبة الإيرانية لشعبها، الذي لو خيروه بين الاستمرار في التظاهرات وبين الرجوع للوقوف بجانب دولته في مواجهة قوى الاستكبار العالمي والغرب الذي لا يريد لإيران امتلاك القوة النووي لعاد الشعب بكافة أطيافه إلى المنازل.