قالت الكاتبة الإيطالية "ماريا تيريزا ليوتسو" إن الكتابة هي "الغرفة الأخرى من القلب" وسبب الحياة وأيضا سبب الأمل، معتبرة أن "الكتابة" تنتمي إلى "المقدس"، وأن "الكلمة" تنتمي إلى كل ما هو "إلهي"، لافتة إلى أن الكتاب العرب بارعون في الشعر وفي الرواية ولا تنقصهم سوى الدعاية الجادة والحقيقية.
وذكرت الكاتبة الإيطالية، أن الكتابة هي: "المكان المنفصل الذي التقي فيه وأستمع إلى الله. إنها سبب الحياة وأيضا سبب الأمل. أن تمد يدك وتصل إلى أخيك، لأنني أؤمن أن "الدين والكتابة" هما شيء واحد".
نشرت الكاتبة الإيطالية "ماريا تيريزا ليوتسو" 11 كتابًا شعريا ونشرت المجلد الرابع لتاريخ الأدب "شخصيات للتاريخ" ، فيما نشرت مايو 2019 روايتها الأولى "والآن أنا أتحدث" مع مقدمة للناقد الأدبي المتميز البروفيسور ماورو ديكاستيلي، الذي كان دائم الاهتمام بكتاباتها وسرعان ما جابت الرواية العالم وتمت ترجمتها ونشرها باللغة الإنجليزية بفضل جوليا كالفابيترو وسارة راسل (ابنة الشاعر الأيرلندي العظيم بيتر راسل)، وترجمت إلى اللغة الإسبانية على يد ليسيت ألفارادو في المكسيك، وجابرييل سيلفا في الإكوادور، وإلى اللغة الروسية على يد أولغا رافشينكو وإيما بريبيلسكاتا.
وقالت ليوتسو:" يحتاج العالم إلى الوحدة، والمعرفة، والحب، والاحترام. إنها نور، طبيعة، دم، شغف، كلمات، مشاركة، معاناة وأيضا ولادة جديدة. التبادل الثقافي مهم للغاية، ليس لأجل الظهور مع حجب الاخرين أحيانا (باعتبارهم منافسين وخصوما) ولكن كإثراء لبعضنا البعض".
وأضافت:" أنا أكتب وأعيش دائمًا في تحفظ، لأنني أعتقد أن الكتابة، وكذلك الكرامة، تنتمي إلى "المقدس"، والكلمة تنتمي إلى كل ما هو "إلهي". بالنسبة لي، كانت أعمالي هي صوتي وساقي، وسافرت بهما.. أنا لا أبحث عن التصفيق، لكن هدفي هو كسب قلب القارئ، وجعله يشعر بأنه جزء من العمل، وترك رسالة تكون هبة احترام وثقافة، ثقافة أصيلة لا تحتاج إلى صخب".
وتابعت:" الحقيقة التي هي نور الإنسانية، هبة حقيقية من الذات إلى الآخر، وذكرى مرورنا، وإن كان لمدة قصيرة، على هذه الأرض، ولكنه مرور غير محدودة بفعل العواطف التي نتركها، وبصمة صغيرة، قد تكون ندبة لطيفة على وجه التاريخ. إنه هذا الشعور بأننا لسنا أعداء، ولسنا غرباء، ولسنا متنافسين، بل إخوة فقط، كأغصان الشجرة ذاتها، وأبناء للحياة".
وأردفت بالقول:" لم أفتخر أبدا بكتاباتي التي جاءت نتيجة تجارب، غالبًا ما تكون مؤلمة، تجارب خضتها بوعي وتضحية هائلين حتى يتمكن الجميع من التعرف على "الفناء" و"المعرفة الحكيمة"، ولكنني خضتها أيضا بشجاعة مواجهة تحديات الحياة، عندما تمر السهام فينا بسمومها وقسوتها".
وقالت الكاتبة الإيطالية: "بدأت النشر عندما كنت طفلةً في السبعينيات في مجلات الأدب الوطني، من عام 1992 إلى عام 2009، ونشرت 11 كتابًا شعريًا. وفي 2012 نشرت المجلد الرابع لتاريخ الأدب - "شخصيات للتاريخ" – وبه جزء للكتاب العرب. لن أتمكن من تمييز أحد أعمالي على حساب الآخر لأنهم بالنسبة لي كأطفالي، متساوين وغير مختلفين، كجزء من قلبي وروحي".
وأضافت:" ولكن حتى تلك القواعد الأكثر صرامة لها استثناء، كما هو الحال في كثير من الأحيان مع المولود الجديد الذي يحتاج إلى مزيد من الاهتمام أكثر من غيره. بهذه الطريقة فقط يمكنني اقتباس روايتي الأولى ...(والآن أتحدث!) - التي حققت نجاحًا هائلاً في النقد والانتشار. ربما كانت صورة الفتاة الصغيرة على الغلاف، تحت العنوان، هي التي تمكنت من الاستيلاء على قلب العالم ("الصدمة والكلمة") من خلال نظرتها الواضحة والحزينة. ثم النجاح الذي تلاها مع الرواية التالية "لا تخبرني أنني أحببت الريح!" حديثة الاصدار والتي تجوب حول العالم". لم أكن أتوقع هذا النجاح الكبير أو أن روايتي ستُقيم على أنها ممتازة وأنها تقدم مؤلفتها في سماء الأدب الإيطالي بتعبير أنطونيلّي".
وفيما يتعلق بروايتها الأخيرة، قالت:" روايتي الأخيرة بعنوان (لا تقل لي أنني أحببت الريح!) - وهو استمرار لرواية ... "والآن أنا أتحدث"! هنا توجد نفس الشخصيات، ولكن هناك شخصيات أخرى جديدة تغير موقعها في الكتابة كما في الذاكرة".
وأضافت: "بينما كانت الرواية الأولى "يوميات من دم وحميمية وطاعة"، نجد في الثانية، التي طبعت في مارس 2021، امرأة تمكنت- على الرغم من الشر الذي عانته من عائلتها والمجتمع- من تحقيق نفسها في الكتابة التي صارت بالنسبة لها دعامة أساسية في الأخلاق والسلوك. اعتنقت بطلة الرواية الإيمان باعتباره المنقذ، وبوصفه داعي الحرية والإحسان والاحترام والصداقة مع الشعوب. لقد وجدت الشجاعة لتناضل دفاعا عن نفسها من الوحوش البشرية (القريبة والبعيدة)، وردا على خيانات الحياة وجعلت من المعاناة فنا".
وحول رأيها في الرواية العربية.. قالت " أعتقد أن المؤلفين العرب بارعون جدًا في الشعر وفي الرواية، كما في الحكاية الخيالية، وليس لديهم ما يغبطونه في قدرة كتاب أمريكا اللاتينية. ما يفتقر إليه الفنانون اليوم هو الدعاية الجادة والحقيقية. نفتقد القيم الأصلية. الإفقار وتشتيت المشاعر هو أمر يثير القلق".
وتعرفت الكاتبة الإيطالية "ماريا تيريزا ليوتسو" على الكتاب والفنانين العرب الذين استضفتهم مع مرور الوقت في مجلتي الثقافية الدولية "لى موزى" التي أديرها منذ حوالي 21 عامًا. قام بعضهم بترجمة بعض أعمالي إلى اللغة العربية: أولهم محمد أقلعي الذي أعطاني كتابه الجميل "خمس لآلئ طينية" عام 2009، وكتاب أشعار عام 2010. لقد سحرني الكتابان وحركتني كتاباته المكثفة والممتعة. إنه ممتاز! وأعرف أيضا كاتبة ومؤلفة أخرى أقل شهرة وهي صاحبة رواية "حورية البحر الصغيرة الصلصالية"، الفنانة السورية نجادة بهلول، وقدر الرسام محمد حكير بشدة عملي "التكوين" الذي ترجمه إلى الإنجليزية بيتر راسل العظيم الذي لا يُنسى. وأعرف حسن عزت، وهو أستاذ في مدينتي بجامعة الأجانب، وترجم بعض أعمالي وعرّفنا على مؤلفين عرب نُشروا في مجلتنا. وطلب مني رداد شراتي آخر قصيدة بترتيب النشر (نُشرت عام 2009 بدار نشر ميوسوتيدى) لكى يقوم بترجمتها ونشرها في الدول العربية. هناك عاشق آخر للشعر وهو غوتام تالوكدار من أصل هندي وقد ترجم بعض قصائدي إلى اللغة البنغالية. كما أن الدكتور محمد عوض عامر (فلسطيني) قد ثمن وترجم بعض قصائدي إلى اللغة العربية".
وحول هل يمكن اعتبار الجوائز الأدبية معيارًا حقيقيًا وصادقًا للعمل الجيد ، قالت :"الجوائز الأدبية، الجادة، لا أعتقد أنها لا تزال موجودة. قلة هم المثقفون والنقاد الصادقون. يتحول عالم الثقافة الان إلى كشك في السوق، في متناول أي شخص، لكن الفن الحقيقي لا يحتاج إلى الظهور عندما يكون ظاهرا بالفعل".
وذكرت: "ليست الجوائز (غالبًا ما تكون نتاجا لتنافس موجه) هي ما تجعل المؤلف رائعًا، ولكن ما يصنع هذا هو عدد القراء. أولئك الذين يستطيعون الدعاية لمؤلف جيد لا يفعلون ذلك في كثير من الأحيان، في الواقع عندما يتعين على الناقد نفسه أن يكتب، نجده يمكث صامتا لأنه لن يعترف أبدا (عبثًا وفخورًا كما هو) أنه قد التقى بشخص أفضل منه".
وأضافت: "شاركت نادرا في جوائز كبرى في الماضي، وفزت بجوائز نقدية لم أذهب لاستلامها مطلقًا. ولكن هناك أيضًا أشخاص مثلي يواجهون صعوبات وتضحيات لإنشاء مجلة وإبراز أسماء كبيرة، مثل مرام المصري (مرشحة نوبل) التي كتبت إلينا من باريس معبرة عن سعادتها بأنها ظهرت على صفحات مجلة (لى موزى) شاكرة إيانا على الاستضافة وعلى المساحة التي نمنحها للشعر والشعراء، تلك المساحة التي لا يٌحرم منها المؤلفون الصغار، لأن لكل شخص الحق في أن تتم قراءة أعماله".