هناك جملة دارجة يحفظها كثيرون عن ظهر قلب، تقول "لا توجد جريمة كاملة" وهو ما يشير إلى أنه مهما بلغت احترافية الجاني لا بد من ارتكابه خطأ أو هفوة تقود رجال الشرطة إلى فك اللغز، وهو الأمر الذي تحقق في جريمة مقتل راقصة أجنبية ، عقب العثور على جثتها في ظروف غامضة بجوار إنسانير داخل عقار بمنطقة التجمع الأول، لتبدأ بعدها سلسلة من الأحداث تكشفت عنها العديد من المفاجآت.
قبل وصول عقارب الساعة الثانية ظهر يوم الجمعة الماضي، رابع أيام عيد الأضحى، كان المقدم تامر عبد الشافى، رئيس مباحث قسم شرطة التجمع الأول، يجلس فى مكتبه يتفقد دفتر النوبتجية، وينهى بعض الأعمال الإدارية اليومية، قبل مغادرته القسم، للمرور على النقاط الأمنية بدائرة القسم.
إلا أن السيناريو المُعد سلفًا، تبدد مع سماع صوت جهاز اللاسلكى أمامه، معلنا عن العثور على جثة داخل إحدى الشقق السكنية بدائرة القسم، والضحية سيدة، اعتدل الضابط فى جلسته لأهمية المعلومة التى تلقتها أذناه للتو وأمسك هاتفه ليخطر اللواء نبيل سليم، مدير مباحث العاصمة بالواقعة، ليأمر بسرعة الانتقال وفحص البلاغ والوقوف على ملابساته.
انتقال وفحص
خلال دقائق معدودة انتقلت قوة أمنية من وحدة المباحث، على رأسها المقدم تامر عبد الشافى، لمحل البلاغ، وفور وصوله عاين الضابط الشاب مكان الحادث، وأطلع مدير المباحث على ما يدور بمسرح الجريمة، وان الجثة لسيدة"متوفاة" أمام المصعد الخاص بأحد العقارات كائن داخل أحد التجمعات السكنية بدائرة القسم وبجوارها " حقيبة يد – وحقيبة سوداء بداخلها بعض الملابس والمتعلقات "، ليوجه بسماع أقوال شهود العيان ومراجعة كاميرات المراقبة.
و من خلال جمع المعلومات وتكثيف التحريات توصلت جهود فريق البحث إلى تحديد هوية المتوفاة وتبين أنها " راقصة " تحمل جنسية إحدى الدول ، ومقيمة بمنطقة الزمالك.
دقائق معدودة كانت كفيلة أن تتبدل الأجواء بالحى الراقى، رجال شرطة يطوقون العقار وفرض كردون أمنى ومنع حركة الدخول والخروج من العقار الذى بات مسرحًا لجريمة غامضة، ومع انتهاء معاينة الأدلة الجنائية وفريق النيابة العامة تم تعيين حراسة على العقار.
الشاهد الصامت
بدورها؛ كلفت النيابة بتفريغ على كاميرات المراقبة بمحيط الواقعة والتحفظ عليها، حيث تعد الكاميرات الشاهد الصامت، على ارتكاب الجرائم، والذى يقود جهات التحقيق في كثير من الأحيان لكشف غموض العديد من الحوادث، كما أمرت النيابة بنقل الجثة إلى مشرحة زينهم ووضعها تحت تصرفها، وقررت تشريحها لبيان سبب الوفاة، والتصريح بالدفن وتسليم الجثة للسفارة التابع لها لإنهاء إجراءات سفر الجثمان لمسقط رأس المتوفية.
بالعودة إلى ديوان القسم تحولت وحدة المباحث لغرفة عمليات مصغرة، حيث اجتمع المقدم تامر عبد الشافي، بمعاونيه وطالبهم بوضع خطة محكمة للوصول إلى إجابة للسؤال الأبرز "من الجاني؟"، أو طرف خيط يقودهم إلى حل القضية، وفحص علاقات الضحية والوقوف على وجود خلافات بينها وآخرين ترقى لارتكاب الجريمة
خيط الجريمة
6 ساعات قضاها رجال البحث الجنائي بمحيط مسرح الجريمة جمعوا خلالها المعلومات والتحريات للوصول للجاني لم يتسلل يأس أو ملل إلى فريق البحث، ثمة يقين يسود تحركاتهم، وأن الله سيبعث لهم طوق نجاة تنحل معه تلك العقدة والتي جاءت علي لسان رئيس المباحث، المقدم تامر عبد الشافي محدثا رئيسه في العمل، اللواء نبيل سليم مدير مباحث العاصمة : " حددنا هوية قاتل الراقصة الأجنبية يافندم بعد الاستعانة بالتقنيات الحديثة حيث تبين أن المتوفاة كانت بصحبة أحد الأشخاص حال قدومها للعقار محل الواقعة وأمكن تحديده "مقيم بمحافظة السويس" وأنه وراء ارتكاب الواقعة"، وهنا بدت الصورة جلية أمام رجال المباحث وأصبحت أكثر وضوحا، وبات فريق البحث الجنائي يطارد شخصا معلومًا وليس مجهول الهوية، فكانت الخطوة التالية هي تكثيف التحريات وجمع المعلومات عن المتهم به.
ساعة الصفر
عقب تقنين الإجراءات واستصدار إذن من النيابة العامة، انطلقت مأمورية قادها المقدم تامر عبد الشافي، ونجحت في ضبط المتهم ، وتم اقتياده إلى القسم للتحقيق، وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة، وأنه تعرف على المجنى عليها عن طريق أحد مواقع التواصل الإجتماعى ، وبسبب خلافات مالية بينهما اختمرت فى ذهنه فكرة استدراجها للمنطقة محل الواقعة بأحد العقارات – خال من السكان –والسابق له محاولة استئجار شقة به بدعوى الإتفاق على إقامة "حفل" ولدى شك المجنى عليها فى ذلك حاولت الانصراف إلا أنه قام بالتعدى عليها بالضرب وخنقها حتى فارقت الحياة واستولى منها على مبلغ مالى وهاتفها المحمول وجواز السفر الخاص بها.
وتم اتخاذ الإجراءات القانونية تمهيدا للعرض على النياية العامة لمباشرة التحقيقات.