عرف العرب الشعائر الدينية قبل نزول الإسلام، كما مارسوا طقوس يظن البعض أنها منقولة من الغرب كالغناء والتصفيق، وهى طقوس تلاشت عند العرب، ولولا نقلها القرآن الكريم فى سورة ”الأنفال” ماعرفناها!.. فالآية الكريمة تقول: ”وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية”..أى صفير وتصفيق، وأيضا عرفنا قصة سيدنا إبراهيم والأضحية التى فدت سيدنا إسماعيل من القرآن الكريم(ونقلت كذلك نفس القصة فى ديانات أخرى مع تغييرات بسيطة)..ويحرص المسلمون على أداء هذه الشعيرة الدينية، ولكن يعيب ممارسة تلك الشعيرة سلوكيات البعض فى الذبح، وعدم الإلتزام بما يجب من شروط صحية ودينية وإنسانية، فيذبح الجزارين الأضاحى أمام بعضها البعض، دون الإعتبار لما يصيبهم من أذى نفسى، ويريقوا الدماء فى الشوارع فى مشهد مقزز، إلى جانب ما تسببه من رائحة كريهة..وكل ذلك يعطى صورة سلبية عن المسلمين، كما يتنافى مع تعاليم الإسلام، والتى تمنع تعذيب الحيوان أو إيذاؤه بأي طريقة مهما كانت، سواء عند الذبح أو قبله أو بعده قبل خروج النفس منه؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن اللهَ كتبَ الإحسانَ على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليُحدَّ أحدكم شفرته، وليُرح ذبيحته)..ونهى الإسلام أيضا عن ما يفعله بعض الجزارين من إيلام للحيوان أو تعذيب له، بجره من أذنه، أو ذبحه بسكين غير حادة، أو التعجل بتقطيع الذبيحة قبل خروج نفسها..مما يفرض علينا الإهتمام بالتوعية وفرض عقاب رادع يلزم الجميع..وهذا ذكرنى أيضا بمقال راصد لظاهرة أخرى كتبته إحدى مثقفات الوطن البارعات، وهى الأستاذة الفاضلة/سميحة فريد التى أحرص على قراءة مقالاتها المتميزة سواء فى الدين أو الاقتصاد أو المواقف الحياتية، والتى كتبت عن الحج ما يلى:
يستفزني جدا كل عام منظر الحجاج يكبرون ويبكون من شدة التأثر إذا طار قماش الكعبة، أو كانوا حاضرين تغيير الكسوة ومحاولتهم الحصول على قطعة منه للتبرك!..للأسف نسينا فلسفة الحج التي وضعها الإسلام، وكان الغرض منها هو التطهر، ومراجعة النفس، والإستغفار عن المعاصي!..فعلى كل مسلم أن يجلس أمام الكعبة متأملًا ويسأل نفسه، هل نجحت في أن أكون ما آمنت به؟..فتش داخل نفسك عن النفس الصافية النقية التي خلقها بداخلك الله..لحظات مضيئة في حياة كل مؤمن يكشف الله له فيه طريقه!..حقيقي لم تسرق ولم تقتل، ولكن السبب ليس إيمانك؛ ببساطة لم تفعل، لأنك لم تحتاج يوما للسرقة أو القتل، لأن الله أنعم ووهبك من رزقه الحلال، ولكن هل لو هذه القيم خضعت للإختبار في مواقف صعبة؟..كانت ستصمد؟..شاهدت من عدة سنوات فيلم أمريكي بهذا المعنى، لرجل فرنسي ميسور الحال كل شيء متاح في حياته، منزل كبير وميراث ووظيفة مرموقة، وكان يحظى بإحترام كل الناس بسبب نبل أخلاقه..وفي إحدي الأيام وهو عائدا لبيته كالمعتاد، تصادفه دورية جنود ألمان(أثناء الحرب العالمية الثانية) تجمع ماره من الشارع وينقصهم واحد ليكملوا عشرة أفراد!..ولحظة فارقة في حياة كل إنسان، يعرضه فيها الله لإختبار حقيقي!..فيصاب بالهلع، يصيح أن هناك خطأ ما، وأن هناك قانون في البلاد، وهو مدركا، أنه في الحروب لايوجد حق او عدل، أو حتي رحمة!..يرفض عقله قبول هذا الابتلاء، فهو لا يستحق!..وفي إحدي الأيام يقرر الألمان إعدام ثلاثة من المساجين، فيجرون قرعة ويكون اسمه ضمن الثلاثة، ويصرخ ويبكي ويغضب دون جدوى..ثم تأتيه فكرة، فيعرض كل أمواله علي من يحل محله، الكل يسخر منه في بادىء الأمر، إلا شاب واحد يقبل، ولكن يطلب منه كتابة أملاكه لأمه وأخته بعد موته ليؤمن لهم الحياة من بعده ويشهد علي العقد إثنين شهود!..بعدها يجلس مع نفسه ليرى ضعفه وهوانه، فهو لاشىء، إنسان ضعيف جبان بلا مبادىء، يبحث عن راحته علي حساب الضعفاء، ومن لايملكون!..وبعد خروجه من السجن يزور والدة الشخص الذى أعدم بدلا منه، فيري صورته الحقيقية واضحة لأول مرة في حياته، إنسان حقير بلا مباديء!..فالأم الثكلى التي فقدت وحيدها، لن تعوضها أموال الدنيا عن فلذة كبدها، وتدعو علي من حرمها من وحيدها ليل نهار، وتتمنى له نفس العذاب التي عانته!..يدرك بعد فوات الأوان، أن الفقير الذي يتعرض للشدائد كل يوم ولا يسرق، هو المؤمن الحق، وأن أمثاله هياكل من ورق خاوية من أي قيمة!..تعودوا أن يأخدوا ولا يعطوا!..راجعوا أنفسكم في بيت الله وحاسبوا انفسكم عما إقترفتوه في حق إنسان ضعيف ضحيتم به، لتحقيق مصالحكم؟..حاسبوا أنفسكم هل ظلمتم يتيم، أو سرقتم حقوق؟..هل أمتم بقسوتكم روح أناس وضعوا ثقتهم فيكم؟..عشرات الأسئلة إطرحوها على أنفسكم تتعلق بالنفوس، لا بالطقوس”.