- العزل الانفرادى أسبوعًا وغرامة مالية عقاب الأسير الذى يخبىء «راديو»
- إضراب 84 كان أول احتجاج رسمى ينجح بإدخال الراديو للمعتقلين
- يتم اختيار أسرى مختصين لتفريغ النشرات وتوزيعها على باقى المسجونين
- تفرغ الأخبار سرًا على ورق السجائر أو قصاصات الورق الصغيرة
- «فاطمة»: أخبرت زوجى بولادة ابنه البكر عن طريق الراديو
- الأسير المحرر «الزعانين»: الراديو بالنسبة لنا كان هو الحياة
- «صوت الأسرى» كانت هدفًا أساسيًا للاحتلال فى عدوانه الأخير على غزة
أشار للجميع بالصمت.. هدأ الكل، والتفوا حول «الراديو».. ثوان معدودة واختفى صوت التشويش، وقال المذيع في نشرته الصباحية ليوم السبت: «هنا صوت الأسرى.. رزق أمس الأسير ثامر سباعنة بإبنه البكر وطن»؛ ركض جنود الاحتلال داخل السجون، وكادوا أن يرفعوا حالة الاستنفار الأمنى، فالتكبيرات علت المكان فجأة، وقام الأسرى يحتفلون، حتى دون أن يسمعوا بقية الخبر، لدرجة جعلت الجنود تظن أن هناك حالة من الشغب.
تقول «فاطمة» زوجة الأسير «ثامر سبعانه»: «أُسر زوجى، وكنت حاملًا فى شهورى الأخيرة، وكنت أعلم أنه ينتظر خبر الولادة، وبالفعل أتمها الله على خير، في يوم الجمعة، وهو من أيام العطلة الرسمية عندنا كفلسطينيين، أما السبت فهو من أيام العطلة لدى اليهود، فالزيارات في هذين اليومين تكون متوقفة، فلم أستطع أن أرسل لثامر الخبر، مع أحد أهالي الأسرى، الذين حصلوا على تصاريح للزيارة».
في هذه الأثناء فكرت «فاطمة» أن تلجأ إلى الراديو، فتقول: «كنا نعرف ما هي الإذاعة، التي يصل بثها لسجن مجدو، حيث يقبع زوجي، فقمنا بالاتصال على إذاعة البلد المحلية لمحافظة جنين، حيث كان المذيع آن ذاك هو ثاير أبو بكر، وأخبرناه بالخبر، وبالفعل قام بإلقائه بالنشرة الصباحية».
زنازين لا تصلح للعيش، وجهاز تلفاز واحد في الساحة، يستخدم كأداة للعقاب؛ حيث ينزع من الأسرى أثناء الإضرابات أو الاحتجاجات، على الرغم من عمله ساعة أو ساعتين فقط في اليوم، أما جهاز الراديو فهو مرتبط بسماعات مكبرة داخل الباحات، يمتلك إدارة بثها السجانون، فكما الحال للتلفاز هم من يختارون ما يبث خلاله.
باتت هناك علاقة خاصة بين الأسير الفلسطيني والراديو؛ حيث أصبح هو المتنفس الوحيد له، ونافذته الوحيده للعالم الخارجي، لتبدأ أولى مراحل المقاومة، من أجل الحصول على جهاز راديو.
في حديثنا مع عدد من الأسرى المحريين؛ أكدوا أن هناك طرقا عدة يحصل فيها الأسير على جهاز الراديو، سواء بطرق شرعية أو غير شرعية، فتارة يتم إدخالها أثناء المحاكم، وتارة أخرى يهرب أثناء زيارات الأهل، أو عن طريق سجانين يغريهم المال فيقوموا بتهريبه للداخل.
ويقول الأسير المحرر جواد أبوعويضة، ووالد الأسير مجدى عويضة، لـ«البوابة»: «غير مسموح إدخال الراديو للأسير، من خلال عائلته، أو بأي طرق أخرى، المسموح فقط هو أن يتم إيداع أموال للأسير في السجن، وهو ما يطلق عليها في السجون كنتينة، ويمكنه أن يشتري منها الراديو، أو أغراض أخرى مسموح بها، وتكون الأسعار أضعاف ثمنها الأصلي؛ بحيث يصل ثمن الراديو إلى ما يقارب 550 شيكل– عملة الاحتلال- أي ما يعادل 150 دولارًا، وهو ما يرهق الأسير وأهله، في ظل تلك الظروف».
كتابة الأخبار على ورق السجائر
بحسب ما قصه علينا عددٌ من الأسرى المحررين؛ فهناك مجموعة من الأسرى، مسئولون عن كتابة وتفريغ النشرات على قصاصات ورقية، أو ورق السجائر، لتوزيعها سرًا على بقية الأسرى، إما عن طريق تمريرها من أسفل أبواب الزنازين، أو أثناء الفورة – فترة الفسحة- وذلك لإطلاع جميع الأسرى على الأخبار الخارجية.
الدفعه الأولى من الراديو
خاضت الحركة الأسيرة، العديد من الإضرابات، من أجل الراديو، كان أبرزها ما تم عام 1984؛ حيث أعلن الإضراب العام في السجون المركزية «الجنيد- نفحة- عسقلان- ورام الله» حيث كانت المطالب بحسب ما وثقته الحركة الأسيرة، تتلخص في عيشة كريمة، من ضمنها مطلب وجود التلفاز والراديو، والذي كان مطلبًا أساسيًا، لا يمكن التنازل عنه.
بعد إضراب استمر 13 يومًا، نجح الأسرى في تنفيذ مطلب الراديو، للمرة الأولى، ولكن بشكل محدود، تحت أمر السجان، لتدخل الدفعة الأولى إلى السجون المركزية، التي خاضت الإضراب، فيما سمح لباقي السجون في بداية التسعينيات.
وقد شهد هذا الإضراب حركة تضامن شعبية واسعة، ونظمت المظاهرات والاعتصامات التضامنية، بعد هذه الأحداث مباشرة، تم تغيير مدير مصلحة السجون لسلطات الاحتلال، وعين مكانه مدير آخر معتدل، وهو رافي سويسا؛ الذي تجاوب مع المطالب، بالموافقة على إدخال الشراشف والبيجامات، من قبل الأهل، والحصول على السماعات والمسجلات، وزيادة مبلغ الكانتينة المسموح به، ووافق مبدئيًا على اقتناء جهاز تلفاز.
وتقول «فاطمة»، زوجة الأسير «ثامر سبعانه»: «بعد نجاحي في إخبار زوجي بولادة ابنه، توالت مسيرتي، مع برامح الأسرى، والتي تنقل أصواتنا للداخل، أصبح مواعيد تلك البرامج بالنسبة لي شيء مقدس، لا أقوم فيه بفعل أي شيء سوى محاولات الاتصال بالبرنامج، وارسال الرسائل لزوجي في كل السجون، التي تم نقله فيها».
وتؤكد «فاطمة»، أن زوجها كان يبعث لها رسائل الطمأنينة مع أهالي الأسرى، الذين يحضرون لزيارة أسراهم، وكان يخبرها بأنه يسمعها في كل مرة، ويشتاق لصوتها دائمًا.
وتقول «فاطمة»: «لهيك كنت أنا وزوجات الأسرى، نعمل رسالة جماعية في حال وحدة فينا ما زبط معها الاتصال، تنقل سلام ورسالة الأخريات من زميلات الصبر، وبننقلهم الأخبار المهمة، أو أي معلومة عن موعد محكمة أو غرامة أو أي شيء يتعلق بالأسير، لدرجة أننا كنا لما نبعث ملابس مع عائلات ثانية، نذكر لأسيرنا أيش بعثنا، ومن الطريف أن نذكر حتى غيارات الأسير التي بعثنا».
ويذكر جواد عويضة، والد الأسير مجد عويضة، أن أهمية جهاز الراديو، لدي الأسير، كبيرة جدًا، فهو حلقة الوصل بينه وبين أسرته، وهناك من استشهد من الأسرى لتحقيق هذا الإنجاز؛ يتابع: «هنا أعني أنه لم يقدم جهاز الراديو من قبل مصلحة السجون كهدية، بل بألم وتضحيات وشهداء».
ويتابع «عويضة»: «قبل دخول السلطة الوطنية الفلسطينية، في اتفاق أوسلو، تم تدشين أول إذاعة متخصصة للأسرى، بحيث تكون منبرا للأسرى داخل سجون الاحتلال الصهيوني، وحلقة وصل مع عوائلهم، وإيصال صوت الأسرى، وهي إذاعة صوت الأسرى بغزة».
ويواصل: «وبالاتفاق والتوافق مع بعض الإذاعات المحلية، يتم عمل برامج خاصة بحقوق وقضايا الأسرى، ورسائل عوائلهم لأبنائهم، خاصة في برنامج على جناح الطير، والذي كان ولا يزال هو البرنامج الوحيد الذي تستطيع عوائل الأسرى، أن ترسل إلى أبنائهم الرسائل للاطمئنان من قبل الأسير، على أسرته ومن يسأل عنه، ومن يهديه السلام من الأهل والأقارب والأصدقاء، وهنا يتابع الأسير هذا البرنامج بشكل يومي، وكل الأسرى بشكل عام».
ويذكر «عويضة»، أن هناك صعوبات تواجه أهالي الأسرى بشكل عام، أبرزها: أنه لا يوجد منذ سنوات، أي وسائل تواصل أو اتصال مع أبنائهم، إلا من خلال الراديو، عبر برامج الاستضافات من الإذاعة، بالإضافة إلى أن إذاعة صوت الأسرى، تقوم بزيارة أهالي الأسرى، لتسجيل عدة لقاءات معهم، حيث تقوم ببث هذه اللقاءات، ليستمع الأسير لها، خاصة وأننا نتحدث بأوقات صعبة، من حيث عدم السماح بالزيارات للأسرى، بشكل عام، وخاصة أسرى قطاع غزة، وهذا جزء من العقاب الجماعي للأسرى، وعوائل الأسرى جميعًا.
ويؤكد «عويضة» أنه في أحيان كثيرة، يتم سحب الراديو من الأسرى، بكل قمع، بالإضافة إلى جميع ما يمتلك الأسير من أغراض خاصة أو عامة، وهذا يحدث كثيرا، ولكن بعد عملية القمع والتفتيش، يتم التواصل مع ممثل الأسرى، وإدارة السجن، إلى اتفاق يتم بموجبه إعادة ما تم سحبه من إنجازات، ومن ضمنها الراديو. كما أن الأسير والأسرى جميعًا، يستمعون للأخبار، خاصة إذاعة صوت العرب، التي تمثل لهم صوت الثورة، وأيضًا إذاعة مونت كارلو، لمعرفة أخبار الوطن والعالم.
لحظات يومية بات ينتظرها الأسرى بكل شغف، فحياته كلها تتلخص في ثوان معدودة، يستمع فيها صوت أحبائه، ويقول الأسير المحرر تامر الزعانين: «كنا داخل الغرفة ثمانية أسرى، نجتمع حوال الراديو، لكي نستمع رسائل أهلنا، بكل لهفة وشوق، وكأننا نراهم ويروننا، وكأني أجلس معهم وبينهم، فحينما كنت أسمع صوت أحدا من أهلي، تتوقف جميع جوارحي، وأبقى أنصت لكل كلمة، وكل حرف، وكل همسة، وكأن شعورًا مختلفًا يدخل قلبي، ويعطيني نوعًا من الإحساس والراحة النفسية، رغم الغصة والوجع الموجود، وفي كل مرة نحمد الله، أن أهلنا بخير وسلامة».
ويقول «الزعانين»: «يعتبر الراديو خاصة إذاعة صوت الأسرى، الروح والشريان الذي يمدنا بالمعنويات العالية والهمة، خاصة بعد منع إدارة السجون الصهيونية زيارات الأهل، وتمنع أي وسيلة تواصل أو اتصال بين الأسير وأهله، كما أن الفضائيات المسموحة هي خمس فضائيات، لا تمت ولا تأتي بسيرة عن الأسرى، فيعتبر الراديو هو حلقة الوصل، ما بين الأسير وأهله، وكذلك للاطلاع على الأخبار والعالم الخارجي».
ورغم ثمنه الباهظ؛ يؤكد «الزعانين»، أنه لا يمكن الاستغناء عن الراديو، ولو للحظة واحدة، فهو الأداة الوحيدة، التى تجعل الأسير مواكبًا للأحداث الخارجية، وملمًا بكل ما يدور في الخارج، ليس على الصعيد المحلي فقط، بل على الصعيد العربي والدولي.
ورغم بعد المسافات، استطاعت إذاعة صوت الأسرى، وغيرها من الإذاعات، أن تصل إلى قلب وسمع كل الأسرى، وكان الاحتلال دومًا يلاحق أجهزة الراديو، من خلال أجهزة التشويش والتفتيشات، ومنع وضع أنتينا، أو سلك لكي يكون البث واضحًا ومسموعًا، وإذا تم القبض على أحد الأسرى يضع سلكًا لتقوية البث، يتم تغريمه بمبلغ مالي كبير، وعزله في زنزانة انفرادية، لمدة أسبوع، ومصادرة الراديو لعدة أيام.
ويختتم «الزعانين»: «ولمعرفة الاحتلال بأهمية الراديو بالنسبة لنا كأسرى، يتم سحبه في فترة الاضطرابات، حتى يتم عزل الأسير عن العالم الخارجي، والتأثير على معنوياته، وفي الآونة الأخيرة قامت إدارة مصلحة السجون الصهيونية، بسحب الراديو من الكانتينا، ومنع دخوله للسجون، فكان الأسرى يعوضون ذلك حينما يتم الإفراج عن أسير، بأن يقوم بإعطاء الراديو لزملائه الذين لا يمتلكون واحدًا».
ويضيف: «فكان الراديو خاصة أوقات الحرب على غزة، ملازمًا لنا، كما ملابسنا والهواء الذي نتنفسه، لأنه لا يوجد وسيلة للتواصل إلا هو، فيبث لنا الفرح والحزن، ويعيش معنا أجمل اللحظات، وينقل صورة ومعاناة وآلام الأسرى، التي لا يعرفها كثير من الناس، وهي غائبة أو مغيبة ومهمشة عن الشارع الفلسطيني».
«أنا زوجة الأسير ثامر سباعنة، كيفك يا غالي، شو أخبارك، طمنا عنك بأي وسيلة تتاح لك، حابه اطمنك علينا، أنا ووطن وعز الدين بخير، وحابه أخبرك خبر حلو انتظرناه كثيير أن البيبي اللي حامل فيه تبين أنه بنت، ورحمة زي ما كنت تدعي، اجت الرحمة يا ثامر، وقريبا رح اتنور عليتنا مجد الأميرة.. انا بخير، وهي بخير، وآخر موعد للولادة رح يكون بشهر آب، دعواتك لنا، ويارب الفرج القريب لجميع اسرانا يااارب».. كانت تلك الرسالة، هي إحدى الرسائل التي بعثتها «فاطمة» زوجة الأسير ثامر سباعنه، لتخبره فيها بنوع المولود، فالأسير «سباعنه» تم أسره أكثر من مرة، وهو في الأسر، حتى وقت كتابة هذا التقرير.
وتقول «فاطمة»: «حين كان يتسنى لنا زيارة ثامر، كان يخبرنا بفرحه الشديد حين يسمع رسائلنا بصوتي عبر الإذاعة، وكان يخبرني كيف كان ينتظر يوما بعد يوم، حتى يفاجأ بأني أتحدث عبر الإذاعة، لا يهمه ما أقول، بقدر أنه فقط يكفيه سماع صوتي».
كانت تلك الرسائل الصوتية، تبث الحياة في جسد الأسير ثامر ومن معه، من جديد، وكان ذلك ينعكس على كتاباته التي يدونها في السجن، ورسائله التي يدونها لنا، لإيصالها مع الزائرين من أهالي الأسرى.
وتؤكد «فاطمة»، أنها في كل مرة، كانت تخشى دوما، من تشويش الاحتلال على الراديو، وأن يضيع صوتها ولا يصل، وهو ما كان يحدث بالفعل في بعض الأحيان، فتقول: «طالينا إذاعات الأسرى بإعادة البرامج، لكي يتسنى للأسرى سماع أصوات ذويهم، بالإعادة بحكم التشويش أو التفتيش أو النزول للمحاكم والتنقل، وعدم تمكن الأسير أثناء التنقل إلى الاستماع للإذاعة والراديو».
إذاعة صوت الأسرى
تجهيزات وتحضيرات استمرت لفترات، لتنتهي في النهاية بإطلاق أول إذاعة خاصة بالأسرى، يصل مداها داخل السجون، ليقول المذيع في أول بث لها: «هنا صوت الأسرى 107.9 إف إم من غزة»، ليبدأ انطلاق الإذاعه بشكل رسمي، لتصبح، وعلى مدى سنوات، هي جسر التواصل بين الأسرى وذويهم.
يقول باسل خير الدين، أحد المذيعين في الإذاعة: «هي إذاعة فلسطينية غير رسمية، تتبع لشركة القدس الإعلامية، انطلقت بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني، في 17 أبريل 2009، وتبث حاليًا من مدينة غزة، كما تعتبر أول إذاعة متخصصة بقضية الأسرى في فلسطين، وقد أخذت على عاتقها ربط الأسرى بذويهم، من خلال نقل رسائلهم وأخبارهم عبر الأثير، وتعويضهم إلى حد ما، عن منع وتقليص الزيارات، وربط الأسرى بالمحيط الخارجي».
وتغطي إذاعة صوت الأسرى، جنوب فلسطين، من صحراء النقب، إلى سواحل شمال فلسطين، بالقرب من حيفا، أي تغطية غالبية السجون داخل فلسطين المحتلة عام 1948، وقد عمل على تأسيسها وتشغيلها عددٌ من المختصين والأسرى المحررين.
وبحسب ما ذكره لنا «باسل»؛ تبث إذاعة صوت الأسرى، عددًا لا بأس به من البرامج الخاصة بالأسرى، أبرزها وأقدمها البرنامج اليومى «على جناح الطير»، و«نسيم الحرية»، و«نضال واعتقال»، وقد أنتجت دراما إذاعية خاصة بالأسرى، أبرزها مسلسل «الخال أبورزق».
وكانت إذاعة صوت الأسرى، هدفا مهما للاحتلال في عدوانه الأخير على غزة؛ ففي يوم السبت 15 مايو الماضي، دمر الاحتلال مقر الإذاعة بالكامل، حتى باتت ركامًا، ليقف البث بشكل مفاجئ، وهو ما شكل وقعًا مؤلمًا على الأسرى، داخل السجون الإسرائيلية.
«لم يكن مقرها يحتوي على ذخيرة وسلاح، ولم يكن طاقمها من مطلقي الصواريخ»، هكذا عبر الأسرى من داخل السجون عن حزنهم لفقدان إذاعتهم، وجسرهم للتواصل مع الخارج، وبكلمات يملؤها الأسى والحسرة، دون الأسرى داخل سجون الاحتلال، رسالة شجب وإنكار، لما حدث لإذاعتهم.
وقد جاء نص الرسالة كالتالي: «لقد كنا نرقب المعركة العظيمة، والمقاومة الباسلة، وسيف القدس البتار، وكانت أرواحنا مع المجاهدين، وقلوبنا تنبض حبًا، مع وقع أقدامهم على أرض المعركة، وأيدينا مرفوعة لله، داعين راجين سائلين أن يسدد اللهُ رميهم ويحفظهم من كل سوء».
وتواصل الرسالة: «كنا نلتف حول الراديو، ونستمع إلى ما ينقله لنا من أخبار، تثلج الصدور، وتكشف عن جرائم الاحتلال بحق المدنين العزل في القطاع، ونستمع إلى خطابات قادة المقاومة، فنزداد فخرًا وعزًا وشرفًا».
وتتابع الرسالة: «حتى ذلك الوقت، الذي قصفت فيه طائرات الاحتلال مقر إذاعة صوت الأسرى، شعرنا بانقطاعنا عن العالم الخارجي، وافتقدنا ذلك الصوت الحر، والكلمة الصادقة، وكنا نتلقى الأخبار فيما تيسر من إذاعات أخرى، إلا أن تغطية إذاعتي الأسرى والقدس، كانت الأكثر تميزًا، ومواكبةً ومصداقية، والأكثر وضوحًا في بثها، والأكثر مراعاة لحاجة الأسير».
وتقول: «لم يكن الإخوة العاملين في هذه الإذاعة، من مطلقي الصواريخ، ولم يكن مقر الإذاعة مخزنًا للأسلحة والصواريخ. لكن الاحتلال يدرك قوة الكلمة، وقوة إذاعة صوت الأسرى، التي استطاعت تجاوز جدار السجون، وجعلتنا حاضرين، تنقل صوتنا، وتصدح باسمنا، وتقرب لنا الصورة، وتجعلنا نعيش الحدث».
وتضيف: «لقد ذهب ذلك الزمن الذي يدفن فيه الأسير، وهو على قيد الحياة، ويبقى قيده يعتصر قهرًا على أهله وشعبه، فبفضل الله، ثم هذه الأصوات الحرة، أصبح يصل للأسير صوت ذويه، ليطمئن عليهم، وعلى شعبه».
وتختتم الرسالة بقولها: «في هذا المقام؛ ندعو كل الأحرار للمساهمة والعمل بكل جد، والإسراع في إعادة بث هذه الإذاعة، وبصوت أعلى، وبقوة أكبر، وهذا عهدنا بكم وأملنا بالله».