الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

محمد عجيلة أستاذ العلوم اللغوية لـ«البوابة نيوز»: «اتكلم عربي» مبادرة لاستعادة الريادة المصرية في لمّ الشمل.. «التعليم» تقوم بثورة في تطوير المناهج.. والمعاجم لا تضم كل مفردات اللغة

كليات اللغة العربية ما زالت تعيش على موائد القدماء وكتب التراث

الدكتور محمد عجيلة
الدكتور محمد عجيلة في حوار مع "البوابة نيوز"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تضم اللغة العربية عددًا ضخما من الأسرار والمكنونات، ما إن تظهر على السطح حتى تثير موجة من الجدل والدهشة لدى جمهور عريض غير دارس لها، وظهر هذا جليًا في امتحانات اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة، وبخاصة جموع الكلمات، التي تناولتها الصحف وكانت فرصة للبعض كي يضيفوا كلمات لم ترد في الامتحان أصلا.

"البوابة نيوز" التقت الدكتور محمد حامد عجيلة، أستاذ العلوم اللغوية، وكيل كلية دار العلوم لشئون الدراسات العليا بجامعة الفيوم، ليحدثنا عن تطوير التعليم، وعن دور كليات اللغة في تدريس العربية، ولمحات عن التراث وعلاقته بالمعاصرة، وجذور النظريات اللسانية الحديثة، ومبادرة رئيس الجمهورية "اتكلم عربي" ودور اللغة العربية في خلق تكتل وحدوي لمواجهة الأزمات المشتركة للمنطقة.. وغيرها، إلى نص الحوار..

الدكتور محمد عجيلة أستاذ العلوم اللغوية

بداية.. كيف رأيت امتحان اللغة العربية لمرحلة الثانوية العامة؟

- الامتحان كان طويلا، لم يعط فرصة للطالب كي يبدع من نفسه، إلى جانب شائعات كلمات لم ترد في الامتحانات أصلا، وفي رأيي يجب ألا نغفل دور الطالب في الجانب الإنشائي الإبداعي، حتى لا يتحول الامتحان لمجموعة من الرموز والاختيارات بعيدا عن الجانب الكتابي والإنشائي. 

مشكلة الكلمات المتداولة عن الامتحان جاءت نتيجة الاعتماد على كلمات معربة أو دخيلة أو أجنبية، وفي رأيي أن ينتبه التطوير لمراعاة الجانب المقالي والقدرة على الكتابة لدى الطالب. 

■ قدمت دراسة عن واقع تعليم اللغة العربية في المدارس.. ما النتيجة التي خرجت بها؟

- طبقت الدراسة على عدد من المدارس، ولاحظت الاعتماد الكلي على التلقين والحفظ، والنتيجة أننا نحصل على طالب يحفظ قواعد النحو العربي جيدا، لكنه يفشل في صياغة جملة فصيحة، كما يفشل في إدراك التلاعب في بناء الجملة الناتج عن التقديم والتأخير مثلا.

يحفظ الطالب مجيء الفاعل بعد الفعل، ولو صادف جملة أتى فيها المفعول خلف الفعل ارتبك وحسبه الفاعل دون انتباه لما يحدث في الجملة من تركيب وتبديل.

أليست مناهج اللغة بحاجة لتجديد النحو؟

- أنا أقول التيسير ولا أقول التجديد لأن النحو قواعده ثابتة ولن تتغير، ومن السهل البُعد عن الأبواب النحوية والصرفية المعقدة التي لا يمكن أن نستخدمها في حياتنا اليومية، فالقضية تكمن في القائمين على النحو، وليس في النحو نفسه.

المتخصص في اللغة العربية يحتاج لمزيد من التدريب والتمرين كي ينجح في الوصول بالطالب إلى الإبداع في الجانب اللغوي.

تقوم وزارة التربية والتعليم بجهود في مجال التطوير.. كيف تراها؟

- أي محاولة للتطوير والتجديد مع أناس غير مؤهلين يقابل بالرفض وسوء الفهم، البلاد مرت بظروف صعبة في جائحة كورونا، وكنا بحاجة لنظام إلكتروني، وهو ما اتجهت له الوزارة بشجاعة، وبالنظر في جهودها يمكننا أن نقول إن الوزارة تقوم بثورة في مجال التطوير على مستوى المناهج والتحول الإلكتروني.

حدثنا عن دور كليات اللغة العربية وطرقها في التعليم.

- لا يمكنني التعميم، لكننا نعاني نفس المشكلة وهي الحفظ والتلقين، السواد الأعظم من كليات وأقسام اللغة العربية يقبعون تحت سيطرة الحفظ، وفيما يتصل بدار العلوم فنحن نحاول أن نكون عين على التراث وعين على المعاصرة، لكن الاهتمام بمناهج البحث اللغوية الحديثة محاولات على استحياء، وبعض أعضاء هيئة التدريس لا يطورون أنفسهم، تجده لا يغير حرفًا في كتاب أعده للطلاب من ١٥ عاما.

يؤسفني أن بعض المتخصصين في المجال اللغوي لا يعرفون شيئا عن بعض النظريات: البنيوية، التداولية، التوليدية التحويلية، النقد الثقافي، وبعض كليات اللغة العربية وأقسامها يعيشون على موائد القدماء وكتب التراث، ورغم ذلك فإن الكثيرين لا يفهمون التراث فهمًا جيدًا.

وأسأل الجميع: من المتخصصين في النحو قرأ "الكتاب" لسيبويه، العين للخليل بن أحمد، الجمهرة لابن دريد، الصحاح للجوهري، تاج العروس للزبيدي، دلائل الإعجاز للجرجاني، وغيرها من الكتب العظيمة، أنا لا أزعم أني قرأت كل هذه الكتب كاملة، لكنني قرأت معجم العين للخليل بن أحمد الفراهيدي واكتشفت العجب، وخاصة في نقل الأخطاء من عالم إلى عالم، فمنهم من يقول "قال الخليل" والخليل بريء منهم.

ألم يتجاوز الزمن كتاب سيبويه وعين الخليل؟ 

- هذه كتب مؤسسة للمتخصصين في المجال، لا يمكن تجاوزها، نقرؤها ونكتشف أخطاءها إلى جانب عظمتها، دون الوقوع في أسرها وفتنتها، من يقرأ كتاب سيبويه مثلا يكتشف أنه آخر باب الأصوات للجزء الرابع في حين أنه من المفترض أن يكون في الصدارة، ومستويات اللغة: أصوات وصرف ونحو ومعجم ودلالة، فكان عليه أن يبدأ بالأصوات. 

هل يمكننا أن نقول إنهم يأخذون التراث حالة مظهرية فقط.. لكنهم في الحقيقة بعيدون عنه؟

- أنا أتمثل مقولة أستاذي الدكتور كمال بشر، الأمين الأسبق لمجمع اللغة العربية: "إن في التراث تبنًا وتبرًا"؛ لذا علينا أن نستخلص الذهب النفيس من طعام الماشية، ولا ينبغي أن نعطي للتراث قدسية كاملة، فله ما له وعليه ما عليه.

بمناسبة التراث.. ما الذي يميز مدرسة البصرة عن الكوفة في النحو؟

- مدرسة البصرة ترى أنه إذا جاء شيء من التراث العربي مخالفا لرأيهم لجأوا للتأويل والافتراض، والكوفة توسع، لو جاء شطر بيت لشاعر مجهول لاستشهدوا به، البصرة معياريون يضيقون والكوفة يوسعون.

وفي العموم ضيق اللغويون على أهل الحضر في الاستشهاد فجعلوه للقرن الثاني الهجري بينما وسعوا على أهل البدو حتى القرن الرابع الهجري، لمخالطة أهل الحضر للحن والخطأ.

ما رأيك في قضية عدم الاستشهاد اللغوي بالحديث النبوي؟

- أنا مندهش من علماء اللغة الذين أجازوا الاستشهاد ببيت شعر مجهول نسبه، ورفضوا الاستشهاد بالحديث، ألا يعد هذا تناقضا؟ الحديث وضعت له ضوابط خشية التصحيف والتحريف، فهو نوع من التعسف عند اللغويين.

كيف نضمن أن يستوعب الباحثون التراث دون الوقوع في تقديسه؟

- نحن في مشكلة كبيرة، طلاب لا تحسن قراءة التراث؛ فالباحث عندنا ليست لديه القدرة على قراءة المعلقات أو لامية الشنفرى أو شعر الصعاليك، أيضا نجدهم يتظاهرون بالانتماء له، وهم يجهلونه، فقبل أن نظلم التراث لا بد من إعداد باحث جيد له كي يستطيع أن يربط بين التراث والمعاصرة.

كيف استفادت الدراسات اللسانية الحديثة من تراثنا اللغوي؟

- الدراسات الحديثة لها جذور وأمثلة تطبيقية في تراثنا، مثلا معاجم الموضوعات هى أساس نظرية "الحقول الدلالية"، وقد اعتمد اللغوي نعوم تشومسكي في نظريته "التوليدية التحويلية" على ترجمة ألمانية للكتاب لسيبويه، فكان ذكيا في التقاط الأفكار ونسجها في نظرية حديثة.

أما "المهمل والمستعمل" فهي فكرة اهتدى إليها الخليل بن أحمد عندما لاحظ إمكانية تدوير الأفعال الثلاثية كي ينتج الفعل الواحد ست مشتقات، لكن لا يتم استخدام غير اثنين فقط، والمهمل لا يعني خروجه على اللغة ولكن يعني أن الناس لم تتعود عليها فقط.

كيف تتأثر الحياة العامة بنهضة أو جمود اللغة؟

- ترتبط اللغة بالحياة الثقافية عموما، حينما تعود للعصر العباسي تجد نهضة شاملة، لذا فالاهتمام باللغة ونهضتها يخلق نهضة شاملة وتابعة، ومن ثم فضعف اللغة يخلق ركودا وجمودا في الحياة الثقافية.

أطلقت مصر مبادرة "اتكلم عربي".. كيف تلعب اللغة دورها في التكتل العربي؟

- لا أظن أن زعيمًا عربيًا قام بمثل هذه المبادرة المشكورة، مصر قلب العروبة والإسلام وطرحها لهذه المبادرة استعادة لقيمة اللغة واستعادة لدور مصر في لم الشمل العربي، واعتزاز المواطن العربي بهويته ولغته، وبالمناسبة فإن هذا الرجل عبد الفتاح السيسي يعمل في جميع الاتجاهات في وقت واحد، ففي الوقت الذي يسلح فيه جيشه، يهتم بالتعليم والصحة والاقتصاد والطرق ودعم مكانة المرأة بالتشريعات والجانب الرياضي.

برأيك.. ما الأسماء التي يمكن طرحها كمثال للتجديد في الدراسات اللغوية؟

- هناك أسماء كثيرة، منها: تمام حسان الرجل الذي قرأ التراث وهضمه جيدا وأنتج لنا دراساته وأبحاثه الحديثة دون أن يعيش مدمنا للتراث، وإبراهيم أنيس المؤسس الأول، ففي وقت مبكر نجد عينه على التراث وعين على المعاصرة، وعبدالرحمن أيوب، وكمال بشر، أحمد مختار عمر، محمود فهمي حجازي، رمضان عبدالتواب، عبدالسلام المسدي، أحمد المتوكل، إبراهيم وفاضل السمرائي..

بمَ توصي الباحثين عند دراستهم للأسماء القديمة؟

- أنصحهم بالتركيز على السيوطي لأنه جامعة شاملة، وله جهود جبارة في التجميع والترتيب، والاهتمام بالجاحظ فهو أول من لفت النظر إلى علم اللغة الاجتماعي، ومن كلماته المثيرة للانتباه ترك الناس يلحنون في اللغة كما هم على سجيتهم بمعنى أنه يدرك أن وجود العامية مستوى لغوي طبيعي.

11
11
12
12
13
13
15
15
78
78