عناوين صحف وقصص متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، على مدار الساعة عن جرائم عنف أسرى، أو جرائم قتل أزواج أو زوجات، بأسباب مختلفة، كثير منها تافهة بحسب الروايات ووقائع القضايا، حتى تحول الأمر لظاهرة أصابت المجتمع بقلق شديد، لم يخل من تبادل الاتهامات والدفاع بين الجنسين الرجل والمرأة.
تأزم الأمر في أجازة عيد الأضحى، بوقوع عدد من جرائم قتل الأزواج والزوجات، حيث شهدت القليوبية والدقهلية وبنى سويف أبشع 3 جرائم قتل ،جميعها وقعت فى محيط الاسرة الضيق، والضحية فى الوقائع الثلاث احد الزوجين وطريقة القتل كانت واحدة "طعنا بالسكين"، وتنوعت الطعنات ما بين 11 و27 طعنة.
مكتب شكاوي المرأة التابع للمجلس القومي للمرأة، أعلن الشهر الماضى، تلقيه 8064 شكوى واستشارة قانونية واجتماعية خلال الفترة من يناير وحتي نهاية أبريل 2021، وكانت شكاوي العنف لها النصيب الأكبر حيث تلقي مكتب شكاوي المرأة 1100 حالة عنف ضد المرأة خلال تلك الفترة.
الأمر ليس محليا فقط، حيث سلطت دراسة حديثة عن الجرائم التي تحدث بين الأزواج سواء الحاليين أو السابقين، كاشفة أن نحو 30 ألف امرأة حول العالم لقت مصرعها على أيدي أزواج حاليين أو سابقين، في عام 2017.
وأقدمت الخبيرة البريطانية في علم الإجرام جين مانكتون سميث على دراسة 372 جريمة قتل وقعت في المملكة المتحدة، ويمثل النساء 80 في المائة من ضحايا جرائم القتل الزوجية، في العالم.
وقالت الدكتور سعاد عبدالرحيم، المدير السابق للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن قضايا قتل الأزواج والزوجات والعنف الأسرى، ترجع كلها أسبابها الضغوطات التى يتعرض لها المجتمع من أمور اقتصادية واجتماعية وأسرية، فأصبح هناك قدر من الهشاشة فى عدم التحمل فيقبل أحدهما على التخلص من الآخر.
وتابعت لـ"البوابة نيوز": يجب معالجة هذه التحولات فى المجتمع عبر برامج التوعية فى وسائل الإعلام، والمؤسسات الدينية بأهمية تحمل المسئولية وبناء أسرة قوية، خاصة فى ظل انتشار السوشيال ميديا الذى تسبب فى انتهاك الخصوصية للمصريين ونشر الأفكار المسمومة، حتى أصبحنا نصور طعامنا ونحكى مشاكلنا الخاصة عليها، وأصبح البعض يتلقى النصائح وإن كانت خطأ منها ما يتسبب فى دمار كثير من البيوت.
وأشارت إلى أن المرأة المصرية قوية جدا، لكن الفتيات الصغيرات غير متحملات المسئولية، وعلينا الآن أن نلحق تلك الأجيال من الفتيات قبل خروج أجيال من المرأة غير متحملة للمسئولية، وبالتالى يضيع نسيج المجتمع.
ومن جانبها، رأت الدكتورة هند فؤاد، أستاذ علم الاجتماع المساعد بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن انتشار جرائم عنف وقتل بين الازواج والزوجات سواء فى الاسرة الصغيرة او الاسر الممتدة الاجداد او الجدات، لا يشكل نسب كبيرة ولكنها مجرد حالات لان ظروف وملابسات ودوافع كل جريمة تختلف عن الاخرى كذلك الحكم على كل جريمة يختلف عن الاخرى وفقا لهذه الملابسات والدوافع ولذلك لا يجب التعميم والتعامل معها بوصفها حالات
وأشارت إلى أن أسباب انتشار هذه الجرائم داخل الأسرة بصفة عامة يرجع لعدة دوافع وهى الضغوط الحياتية وخاصة الاقتصادية التى تأثرت بها الاسر كثيرا فى الوقت الراهن بسبب الاجراءات الاحترازية المصاحبة لانتشار فيروس كورونا فضيق الحال شكل ضغوط حياتية ونفسية عانت منها الأسر وأثر بالسلب على سلوكيات الازواج فأصبحت العلاقات تشوبها الكثير من العنف والعدوان.
وتابعت أن سيطرة النموذج الغربى فى الاستهلاك وحب التقليد والشهرة سيطر على بعض الافراد فيسعوا الى تقليده دون ان يراعوا امكاناتهم المادية مما جعلهم يستدينون او يقترضوا من البنوك لتوفير تلك الاحتياجات التى يشاهدونها فى المسلسلات والافلام الامر الذى يشكل لديهم ضغوط نفسية واقتصادية قد تدفع بالفرد الى ارتكاب جرائم مركبة تجاه نفسه او تجاه الاخرين ليستطيع السداد وبالتالى يرتكب جرائم نصب او احتيال وكذلك ان اضطرته الظروف فتصبح جرائم قتل متعمد.
ولفتت إلى أن الأسباب يمكن أن تكون أيضا بسبب اضطراب نفسية وشخصية نتيجة لما عانوه منذ الصغر من الاهمال وسوء التربية والتنقل بين اكثر من بيت وسوء المعاملة مما يخلق شخصية مضطربة قد يصل بها الحال لارتكاب الجريمة.
من جانبه، يرى عصام الدين أبو العلا، الفقيه القانونى، أن القانون المصرى كفل عقوبات رادعة وكافية للحد من جرائم القتل، إن المسألة ليست قانونية بحتة، ولا تحتاج إلى تغليظ أى عقوبات، فالردع القانونى موجود بالفعل بحسب قانون العقوبات المصرى، كما أن هناك حالات قتل تصل العقوبة فيها إلى الإعدام، مشددا على ضرورة مواجهة انتشار العنف الأسرى بحملات توعية كبيرة في وسائل الإعلام وفى جميع المراكز الخاصة بالأسرة.
وأشار إلى أن العنف الأسرى موجود ومتأصل في تربية خاطئة في المنازل للأطفال، حيث يقوم الآباء بضرب أبنائهم في محاولة منهم لتقويم سلوكهم وتأديبهم، في حين أن هذا الأمر مجرم ويضعهم تحت طائلة قانون العقوبات في المادتين 240 و241، عقوبة كل من يتسبب فى عاهة مستديمة أو جروح أو إيذاء للغير خلال المشاجرات وهى الوصول للسجن المشدد، حيث تنص المادة رقم 240 من قانون العقوبات، على أنه: "كل من أحدث بغيره جرحًا أوضربًا نشأ عنه قطع أو انفصال عضو فقد منفعته، أو نشأ عنه كف البصر أو فقد إحدى العينين، أو نشأ عنه عاهة مستديمة يعاقب بالسجن من 3 سنين إلى 5 سنين، أما إذا كان الضرب أو الجرح صادرًا عن سبق إصرار أو ترصد أو تربص فيحكم بالأشغال الشاقة من 3 سنين إلى 10 سنين، ويضاعف الحد الاقصى للعقوبات المقررة إذا ارتكب الجريمة تنفيذا لغرض إرهابى"، كما تنص المادة رقم 241 على أنه: "كل من أحدث بغيره جرحا أو ضربا نشأ عنه مرض أو عجز عن الأشغال الشخصية، مدة تزيد على عشرين يوما يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين، أو بغرامة لا تقل عن عشرين جنيها، ولا تجاوز ثلاثمائة جنيه مصرى".