في ١٩٨٢ صدر له شريط كاسيت، ضم الشريط عدد من الأغنيات شبه الكوميدية، تعاطفنا معه ليس من باب إبداعه أو فنه العميق، ولكن تعاطفنا لأن الدعاية التي سبقت صاحب الشريط قالت إن هذا المغني هو حفيد الفنان الخالد سيد درويش.. وما أدراكم بسحر سيد درويش على الغناء العربي بمجملة وبصمته الفذة في دنيا الموسيقى والغناء، لذلك كان من الطبيعي أن نتعاطف مع حفيده صاحب الإمكانيات الفنية المتواضعة، لنرد على كل أغنية يقدمها لنا بابتسامة محايدة لسنا معه ولسنا ضده.
معظم أبناء جيل الثمانينيات والتسعينيات تربى وجدانهم على أصوات ناضجة قوية مثقفة تحمل مشاريع حقيقية مثل على الحجار ومحمد منير ومحمد الحلو ومدحت صالح في بعض أغانيه، لذلك لم يكن حفيد درويش واحد من المؤثرين ولكنه واحد يغني وفقط.
وبينما الحال هكذا فوجئت بالحفيد يقول في فيديو حديث له أنه أفضل فنان في العالم، هنا كان لا بُدّ من وقفة قد تفيده هو قبل أن تفيد جمهور المستمعين.
وهي وقفة سريعة لأنه لا يستحق أكثر من ذلك نقول له فيها.. من حق الفنان أن يكون معتدا بنفسه واثق في إمكانياته ولكن ليس من حقه الغرور والتعالي والكذب على الواقع، أقول هذا عن الفنان.. فما بال الحفيد الذي دخل بوابة الفن بالشفعة، الحفيد الذي تعاملنا معه من باب التعاطف تقديرا لسيرة الخالد سيد درويش.
عن نفسي لم أتعامل مطلقا مع الحفيد كفنان، وإن أردت تقريب المسافات سوف أقول إن أغانيه الخفيفة التي ضمها شريط الوارثين تلك الأغنيات التي تاهت بين فن الطرب وفن المنولوج، هي أغنيات الصدفة التي لم تؤسس لمشروع مطرب أو فنان يشار إليه بالبنان، كما في حالة الحجار ومنير.
لذلك جاءت صدمة المهتمين بالفن عندما وقف الحفيد في فيديو له في بث مباشر ليقول إنه أعظم فنان في العالم، هنا تنطبق المقولة الشهيرة في دنيا الأمثال الشعبية «سكتنا له دخل بحماره»، فكان لا بُدّ من التعليق حتى يفتح الحفيد عينيه على اتساعهما ولا يقع في هذا المطب مستقبلا.
أما عن السياق الذي قال فيه هذا التصريح العجيب، فهو سياق أضعف من أن نلتفت له أو نتوقف عنده، الرجل يتكلم عن الشرطة المصرية وإمكانية اعتقاله لأنه رجل ثوري ومتحرر وكلام كبير هو أبعد ما يكون عنه، هو رجل حفيد لعملاق وفقط، أما هذا التحرش الذي يمارسه لكي يظل في دائرة الضوء فهو تحرش تافه وأعتقد أن أجهزة الدولة أكبر من أن تلتفت له، حتى لو أعقب الحفيد كلامه الضعيف بصوت مقزز من انفه، وكأنه صاحب توكتوك يتشاجر مع زميله المدمن على أسبقية الدور في موقف المنيب.
سوف تتوالى سقطات الحفيد تحت ما يدعي أنه دوافع وطنية وهي ابعد ما تكون عن ذلك.
صحيح أن الحفيد تم تصديره كـ«تريند» على تويتر، ولكن ليس بالتريند يحيا الإنسان، لأنه لو دقق في اتجاهات راكبي التريند سوف يرى بوضوح أن أغلبهم من مطاريد جماعة الإخوان المنحلة، وبواقي أنصار التأسلم السياسي، ولو كنت أنا مكان الحفيد في هذا الموقف ورأيت أن المطاريد قد تعاملوا مع صوت الأنف المقزز وكأنه إنجاز وخطوة على طريق الثورة.. لو كنت أنا مكان الحفيد لاعتذرت فورًا عن ما بدر مني.
ولكن يبدو أن الفرز سوف يتواصل والعزاء هنا هو أن هناك مكان شاغر في سلة المهملات تنتظر الساقطين.