كشفت جائحة كورونا عن غياب الأمن الغذائى على مستوى العالم والذي يعد خطر يهدد ملايين السكان، فيما سارعت مصر إلى اتخاذ تدبير لمكافحة انعدام الأمن الغذائى ، حيث سعت لتوفير احتياطيات القمح الاستراتيجية لمدة 6 أشهر على الأقل، ورفعت التمويلات الموجهة لشراء السلع الاستراتيجية، ووفرت الصوب الزراعية كميات هائلة من الخضروات ، فيما طالب الخبراء بالتوسع فى زراعات مساحات المحاصيل الاستراتيجية وإعطاء الزراعة الأهمية القصوى فى السياسات العامة مع ضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتى من الانتاج الحيوانى ودعم المربى الصغير للنجاة من شبح المجاعة الغذائية.
السيسى يطالب بتوفير الأمن الغذائى
ركزت اللقاءات الدبلوماسية لإدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي مع المنظمات الدولية، على تحقيق الأمن الغذائى كما وقعت مصر في 2018 مذكرة تفاهم طويلة المدى (2018-2023) مع برنامج الأغذية العالمي وتعزيز سلاسل توريد الغذاء وتحسين الحالة الغذائية للمصريين، إضافة إلى دعم أنظمة المعلومات الحالية كأداة لدعم اتخاذ القرار.
الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى يقول: الوضع الغذائى فى مصر قبل الجائحة معتمد على الاستيراد بشكل كبير جدًا، وانتاجنا يصل لـ40% فقط من الاستهلاك، وبعد الجائحة حدثت زيادات على مستوى العالم وصلت لـ34% من الأسعار وهنا كان لزامًا على القيادة السياسية تأمين المخزون الإستراتيجى من السلع الغلال ونتصدر دول العالم فى القمح بنسبة 12 مليون طن بقيمة 3 مليار دولار سنويًا وكميات ضخمة من الذرة الصفراء .
زيادة المساحات بالمحاصيل الاستراتيجة هو الحل
ويشرح"صيام": ساهمت مشروعات الصوب الزراعية فى توفير الخضروات بشكل كبير وهناك مشروع الدلتا الجديدة وهى مستقبل مصر بمساحة 200 ألف فدن ومساحات كبيرة منزرعة بالقمح بطريقة الرش وتروى بطريقة الصرف الزراعى التى تمت معالجتها وليست مياه آبار. ونحتاج لزيادة زراعة مساحات للسلع الاستراتجية مثل القمح والذرة الشامية والمحاصيل الزيتية بالأراضى الجديدة مع تطبيق خطط موازية لدعم المزراع التقليدى بالأراضى القديمة عن طريق وضع سياسات تحفزية وعودة الدورة الزراعية والإرشاد الزراعى والزراعة التعاقدية بحيث نحمى الفلاح من جشع التجار لأن 80 إلى 90% حيازات صغيرة مع ضرورة عودة الجمعيات التعاونية وتفعيل دورها فى تجمع المحاصيل والتعاقد مع التجار من منطق القوة وتمدهم بالبذور.
يواصل"صيام": ولابد من استنباط بذور ذات انتاجية عالية وذلك يأتى برفع ميزانيات المراكز البحثية من 300 مليون كما هو الحال فى مركز البحوث الزراعية والمفترض أن تكون 5 مليار جنية. وفى حالة تطبيق هذة التوصيات وإعطاء الزراعة أولويات قصوى فى السياسات العامة نكون قد قطعنا خطوات فعلية نحو توفير الأمن الغذائى ونستطيع مواجهة أية أزمات من موطن قوة .
تحسنات لمصر في معايير الأمن الغذائى
أظهر تقرير الأمم المتحدة أن انتشار نقص التغذية بين إجمالي السكان في مصر انخفض إلى 5.4% في 2018-2020، مقارنة بـ 6.4% في 2004-2006. وفي الوقت نفسه، تراجع معدل انتشار نقص الأمن الغذائي الحاد بين إجمالي السكان إلى 6.7% في 2018-2020، مقارنة بـ 8.4% في 2014-2016.
ومن ناحية الإنتاج الحيوانى، يقول الدكتور شعبان درويش، مدير مجازر السويس سابقًا: ما يتم انتاجة من الثروة الحيوانية يكفى 35 % فقط ونستورد نحو 60 % من احتياجنا ما بين رؤوس حية ومجمدة، كما حققنا الاكتفاء الذاتى من الدواجن.
ويجب التركيز على دعم المربى الصغير عن طريق مشروع البتلو وعمل " منظومة تشجع الفلاحين للعودة للتربية عن طريق توفير الاعلاف بأسعار مخفضة.
ويضيف "درويش": يجب البدء فى زراعات المنتجة للتربية مثل "البرسيم والدريس والذرة الصفراء والفول الصويا " وتقديم القروض بفوائد هامشية لتحقيق الربح للمربى الصغير، يضاف لذلط خطوتين هاميين هما الناحية الصحية والبيطرية والتطعيمات والتحصينات لمنع حالات النفوق الكبيرة.
كما كشف مؤشر الأسعار الخاص بمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة عن ارتفاع أسعار السلع الغذائية بنسبة بنسبة 34% بسبب الجفاف في الدول المصدرة الرئيسية، كما قامت بعض الحكومات بتخزين احتياطيات غذائية. وتأثرت الاقتصادات النامية بشدة نتيجة ارتفاع الأسعار، بسبب اعتمادها على الواردات الزراعية، إلى جانب نقص الأغذية المصنعة لديها.
وبحسب التقرير عانى ما بين 720 مليون و811 مليون شخص من نقص الغذاء في 2020، في حين زاد عدد من لا يحصلون على التغذية السليمة بنحو 320 مليون شخص، ليبلغ 2.4 مليار شخص، أي ثلث سكان العالم. وأصبح سوء التغذية لدى الأطفال مشكلة خطيرة حيث يعاني 22% من الأطفال دون سن الخامسة على مستوى العالم من توقف النمو بسبب سوء التغذية، فيما يعاني 6.7% من النحافة، ويعاني 5.7% من البدانة. وتعد مصر أعلى من المتوسط العالمي من حيث سوء التغذية، رغم انخفاض معدل التقزم لدى الأطفال الصغار دون سن الخامسة بشكل طفيف من 22.5% في عام 2012 إلى 22.3% العام الماضي، فيما بلغت نسبة الهزال لدى الأطفال 9.5% في عام 2020.