تحتفل اليوم الكنيسة القبطية وكنيسة العذراء الزيتون باليوبيل الفضي لرحيل القمص بطرس جيد الذي رحل منذ ٢٥عاما وتحديدا يوم 20/7/1996 وتم دفنه يوم ٢١ يوليو ١٩٩٦م وهو شقيقالراحل البابا شنودة الثالث البطريرك ال١١٧ وتستعرض “البوابة نيوز”، مسيرة حياته حيث كان أحد كبار معاوني البابا شنودة ورمز من رموز الخدمة الكنسية وخاصة الفقراء والبسطاء.
وامتدت لفترة 60 عامًا حافلة بالإسهامات في شتَّى المجالاتوكان أحد أبرز كتاب مجلة الكرازة وله صفحات خاصة ينشر فيها تجارب الخدمة ورسائل القراء ومطالبهم تحت عنوان مذكرات كاهن هو أول من أنشأ لجنة البر لرعاية الفقراء الذين أحبهم جدًا، ورعاهم على مبدأ التنمية الموازي للخدمة الاجتماعية، وساعد الفقراء في عمل مشاريع تنموية لرفع مستوى معيشتهم.
نشأته وتعليمه:
القمص بطرس جيد من مواليد أسيوط قرية سلام وولد في يوم 13/8/1918م. تأثَّر في بداية حياته بالاستماع لعظات الأنبا مكاريوس أسقف أسيوط، والواعظ إسكندر حنا، فتعلَّق بالكنيسة ووهب حياته -مع أخيه قداسة البابا شنوده الثالث - للخدمة وللتكريس منذ باكورة شبابهما.
ذهب إلي بنها حيث توجد الكلية الإكليريكية وبدأ الدراسة ونجح أن يكون من أوائل دفعة الكلية الإكليريكية 1940م. وحصل أيضا على ليسانس آداب قسم فلسفة، وماچستير تربية علم نفس.
خدمة متميزة:
بدأ خدمته بخدمة القرية؛ بقُرى الصعيد عام 1940م، واهتم بإنشاء مدارس أولية قبطية تُعلِّم القراءة، والكتابة، والألحان، واللغة القبطية كتعليم إلزامي في ذلك الوقت. وبتشجيع من العلامة حبيب جورجي وأنشأ أكثر من 60 مدرسة أولية للأقباط في بلاد الصعيد وتولي الأشراف والتفتيش عليها. كما اهتم بحالة المدرسين والطلبة الفقراء في تلك المدارس، ورعاهم روحيًا وماديًا، وكتب مذكراته عن الخدمة والرعاية الروحية والاجتماعية والتعليمية في كتاب نشره في الخمسينات باسم "مذكرات مفتش".
اهتمامه باللغة القبطية والفن القبطي:
اهتم بالفن القبطي الأطفال، طاف بهم مع الراحل حبيب بك جورجي ربوع أوروبا ناشرًا فنّهم القبطي كأبناء للفراعنة.
وظهر اهتمامه بتعليم اللغة القبطية للأطفال، حيث أقيمت حفله حضرها البابا يوأنس التاسع عشر قدم فقرة أبطالها أطفال صغار، قدموا محاورة باللغة القبطية، لقد تحدثوا بها بطلاقة، واستغرقت قرابة النصف ساعة. وختمتها طفلة في سن الرابعة بالصلاة الربانية باللغة القبطية أيضًا.
وأثارت هذه الفقرة دهشة البابا يوانس وكافة الحاضرين واستدعي البطريرك حبيب باشا المصري، وقال له بالحرف الواحد "قل للشعب على لساني إنني أشكر الله الذي مد في حياتي لأري بعينى أبناءنا الصغار يتحدثون ويصلون باللغة القبطية".
عمل مدرسًا في كلية البنات القبطية، ظل يعطي الطالبات دروسا في اللغة القبطية، وحاولت الوكيلة أكثر من مرة التدخل لمنع تدريس اللغة القبطية بحجة أنها لغة ميتة، حتي رحل مرقس باشا سميكة- الذي كان يشغل وظيفة مرموقة، والذي اهتم بتأسيس المتحف القبطي وله تمثال نصفي أمام مدخله وتوفي عام 1944 عن عمر يناهر 80 عامًا- وترك ضمن وصيته مبلغ ثلاثمائة جنيهًا يصرف ريعها كل عام على الأولى والثانية في اللغة القبطية، مما دفع بوكيلة المدرسة التي كانت على تدريس اللغة القبطية تأتي وترجوه أن يستمر في تدريسها بأكثف جرعة منها للطالبات بناء على تكليف من إدارة كلية البنات القبطية، حتى تكون جوائز سميكة من نصيب طالبات المدرسة.
استمر في دراسته، بعد تخرجه من الكلية الإكليريكية عام 1940 وكان أول خريجيها. والتحق بقسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة ونال ليسانس الفلسفة ودبلوما في التربية وعلم النفس، كما درس اللغة العربية وكنت أول الدراسات العليا فيها.
اهتم بالوعظ، وجال في ربوع الكرازة ليوعظ في نهضات الكنائس سيِمَ كاهنًا في 12/7/1972م، على مذبح السيدة العذراء بالزيتون حسب طلب القمص قسطنطين موسى الذي كان يعرفه منذ أن كان طالبًا بالكلية الإكليريكية، وذلك في وقت خدمة القمص قسطنطين موسى كمسئول عن طلبة الكلية الإكليريكية.
دُعيَّ لكثير من الإيبارشيات لإلقاء عظاته إلى جانب الاشتراك في النهضات الروحية، وكان أحيانًا يُلقي عظتيْن في كنيستيْن متنوعتيْن في نفس اليوم لامتلاء جدول مواعيده بالعظات.
وتمت ترقيته للقمصية في 14/11/1975م، للاشتراك في المجلس الإكليريكي للكهنة وللأحوال الشخصية.
و أسَّس بالكنيسة كثير من المشروعات التي تعمل تحت مظلة الكنيسة، وتضُمّ عدد من أبناء الكنيسة كفرصة للعمل وكمصدر للتدريب على مهن مفيدة مثل التفصيل والخياطة، والحياكة والتريكو، والسجاد اليدوي، وصنع الشمع، والسباكة واللحام بالأُكسجين، وذلك لتشغيل الأسر الفقيرة بتعليم أحد أفراد الأسرة حرفة يقتات منها.
اهتم بالتربية الكنسية وكان يُعلِّم بنفسه في فصول إعداد الخدمة، واهتم بتدريس الطلبة بنفسه لرفع مستواهم التعليمي.
قام الراحل البابا شنوده الثالث بتكليفه بتسليم طقس الكنيسة القبطية للأساقفة الفرنسيين الأنبا مرقس والأنبا أثناسيوس
أوكل اليه البابا شنوده الثالث بمتابعة بعض امور الرعاية الخاصة بكنائس اخري، مثل الخدمة في منطقة مصر الجديدة، والاهتمام بتثبيت الفكر الارثوزكسي بها، في فترة انتداب القمص عبد المسيح ثائوفيلس النخيلي للخدمة بها، ومثل تدبير امور منطقة مسطرد، واقامة بيت مغتربات بدير الملاك، وخدمة الجمعيات الخيرية وأمور أخري وقام بالتدريس بالكلية الإكليريكية كأستاذ لعلم الوعظ والدين المقارن والكتاب المقدس واللغة العربية، واشترك بالتدريس في معهد الكتاب المقدس ومعهد الدراسات القبطية.
أصدر مؤَلَفًا بعنوان "مذكرات كاهن" نُشِرَ بمجلةِ الكرازة؛ وضع فيه خبراته الرعوية لكي تكون فائدة للأجيال من الخدام.
وبعدها انتُخب عضوًا في المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس لعدة دورات. كما مَثَّل الكنيسة القبطية في أحد المؤتمرات المسيحية بقبرص.
اهتم بخدمة تكريس الشباب والشابات بكنيسة السيدة العذراء بالزيتون، ورسموا كهنة أو مكرسات للخدمة.
راعي للتعمير:
اهتم بالتعمير في الكنيسة وكان أبرزها كاتدرائية السيدة العذراء بالزيتون، وتم بنائها في فترة رسامته برعاية البابا شنوده الثالث والتي تُعتبر إحدى المزارات الدينية العالمية، كما بنى العديد من مباني الخدمة بالكنيسة، كما وضع رسومات مباني الخدمات بالكنيسة التي بنيت يعد نياحته
قام بإنشاء دُور للمسنين والمسنات، والمغتربين والمغتربات، لخدمة الشعب و قام بتأثيث مستشفى العذراء الخيري لعلاج المرضى بأسعار رمزية ومجانًا للفقراء وغير القادرين
وفاته:
توفي ٢٠ يوليو ١٩٩٦، وحضر مراسم الصلاة البابا شنوده الثالث مع العديد من الأساقفة والكهنة، وكبار الشخصيات الرسمية المسيحية والإسلامية، والآلاف من أفراد الشعب المسيحي الذين بكوه تأثُّرًا
قام الراحل البابا شنودة بالصلاة على جثمانه ومعه 37 من الآباء المطارنة والاساقفة وعدد كبير من الآباء الكهنة. وألقى قداسة البابا العظة وختمها بعبارة: ""وأنت أيها الأخ العزيز.امض بسلام. الله يعيننا كما أعانك"".
حمل الجسد إلى مقبرة في أسفل كاتدرائية الزيتون. وودَّع الشعب أباهم بتأثر شديد وكانوا يمدون أيديهم إلى الصندوق لكي يتباركوا منه، عند دفن جثمانه بمزار أسفل كاتدرائية السيدة العذراء بالزيتون
وفي صباح الخميس ٢٥ يوليو ١٩٩٦، ذهب البابا شنودة وقتها إلى المقبرة وأقام قداسًا هناك.