كان عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين هو أوّل من أطلق وصف «ثورة» على ما قام به الضباط الأحرار فى ليلة 23 يوليو 1952، والتى أطلق القائمون عليها أنفسهم اسم «الحركة المباركة»، والتى جاءت وسط ظروف سياسية واجتماعية بالغة السوء، تجلّت خلال النكبة العربية عام 1948، والتى كانت أحد نتائجها نشأة تنظيم سرى داخل الجيش تكّون من عدد قليل من الضباط ممن ذاقوا مرارة الهزيمة، وأطلقوا على أنفسهم «الضباط الأحرار»، دلالة على الانسلاخ من الخضوع للاحتلال.
تراكمت الظروف فى السنوات التى أعقبت النكبة، حتى جاء عام 1952، والذى شهد أحداثًا مُتلاحقة أثارت الغضب فى نفوس المصريين وليس هؤلاء الضباط فحسب، فقد حاصر ضباط الاحتلال الإنجليزى مركز الشرطة فى الإسماعيلية، وجرت مذبحة للضباط فى 25 يناير، وفى اليوم التالى حدثت سلسلة من الجرائم والفوضى عُرفت باسم «حريق القاهرة»، ودمرت مئات المحال والمتاجر والمنشآت وقتل العشرات.
لذلك أقال الملك فاروق، وزارة مصطفى النحاس، واستدعى على ماهر لتشكيل الوزارة الجديدة، قبل أن يستبعده من منصبه ويأتى بأحمد نجيب الهلالى على رأس الحكومة. هكذا تعاقبت الحكومات الفاشلة حتى ليلة 23 يوليو.
بعد 69 عامًا من إعلان قيام «الحركة المُباركة»، تستعيد «البوابة نيوز» مع قرائها ذكريات الثورة المجيدة، والأهداف التى سعت إليها من أجل تعزيز الاستقلال الوطني، واستعادة كرامة الإنسان المصري، والتى كانت سنوات من الحلم والبناء، لنرى أنه ما أشبه اليوم بالبارحة.
تلك الليلة.. ماذا حدث مساء 22 يوليو 1952؟
فى التاسعة مساء 16 يونيو عام 1952؛ اجتمع مجلس إدارة نادى الضباط بالزمالك، والذى كان التنظيم قد اكتسح انتخاباته بنجاح، ووقف العقيد رشاد مهنا، مقرر الجلسة، وأعلن عدة اقتراحات وصلته، من بينها عدم تمثيل سلاح الحدود فى مجلس الإدارة، وتمت الموافقة على هذا الاقتراح ما عدا صوت واحد.
كان ذلك بمثابة تحدي واضح للملك فاروق ورجله الفريق محمد حيدر، الذى كان أحد الحضور فى الاجتماع، وحاول التخلص من مجلس الإدارة مُعتمدًا على تقديم الأعضاء استقالاتهم من خلال إيهام كل عضو على حدة بأن باقى الأعضاء قدموا استقالاتهم.
بعد شهر من ذلك الاجتماع؛ أصدر حيدر باشا، قراره بحل مجلس إدارة النادي، على أمل استرضاء الملك واستعادة مركزه ونفوذه.
كان هذا القرار ناقوس الخطر، الذى أشعر قيادة التنظيم باقتراب التضييق عليهم. هكذا عقدت اللجنة العُليا للتنظيم اجتماعات متتالية فى أيام 17 و18 و19 يوليو، للرد على قرار حل مجلس إدارة النادي، وتقرر حينها تاريخ الخامس من أغسطس موعدًا لقيام حركة الجيش؛ لكن جاءت خطوات رجال الملك مُتسارعة، ففى 20 يوليو قدم حسين سرى عامر استقالة وزارته، وجاءت الأنباء بتقلده منصب وزير الحربية، كبداية لتنفيذ سياسة انتقامية من هؤلاء، الذين تحدوا الملك والتنكيل بهم، إما بالطرد من الخدمة أو الاعتقال.
يقول المؤرخ العسكرى الراحل جمال حماد: «هنا كان السؤال الدائر فى أذهان مجلس قيادة النادي، هل سيتمكنون من الغداء به قبل أن يتعشى هو بهم؟».. كان الرد سريعًا بقدر الفعل نفسه، فقد اجتمعت اللجنة العليا للتنظيم فى مقر اجتماعهم المعتاد، بمنزل خالد محيى الدين، وتحددت ليلة 23 يوليو لتنفيذ خطة الحركة، بعد ساعات قليلة من حلف اليمين الدستورية لوزير الحربية.
وفى ظهر 22 يوليو؛ اجتمع ضباط من قيادات الحركة، فى منزل خالد محيى الدين، لاستعراض الخطة بصورة نهائية، وتقرر أن يظل الأمر طى الكتمان، حتى تمام الساعة 8 مساء، وكانت كلمة السر «نصر».
روى الرئيس الراحل محمد نجيب، فى مذكراته «كنت رئيسًا لمصر»: «من كان يعلم بخطة ليلة الثالث والعشرين من يوليو عشرة ضباط فقط، أما البقية فتم تحديد مهام معينة لهم، فعلى سبيل المثال، عبد اللطيف البغدادي، كانت مهمته الاستيلاء على القاعدة الجوية بمطار ألماظة، وحسين الشافعى وخالد محيى الدين، كان عليهما الاستيلاء على سلاح الفرسان، وكان على عبد المنعم أمين، الاستيلاء على سلاح المدفعية، وكان على صلاح سالم وجمال سالم، الاستيلاء على القوات فى العريش، وكان عليّ البقاء فى المنزل حتى الاستيلاء على مقر القيادة».
كانت الخطة مرتكزة على السيطرة على مبنى القيادة العسكرية بكوبرى القبة، ثم اعتقال بعض كبار ضباط الجيش لضمان عدم تحريك قوة عسكرية للتصدى لهم، ثم محاصرة قصر عابدين، وإغلاق مداخل القاهرة، والسيطرة على المطارات الثلاثة الرئيسية فى العاصمة «ألماظة، ومصر الجديدة، وغرب القاهرة».
فى تمام الثالثة فجر 23 يوليو كان الجزء الأول من الخطة تم تنفيذه، القيادة العسكرية تحت السيطرة، وقيادات الجيش فى سجن الكلية الحربية، وجمال عبدالناصر يبلغ اللواء محمد نجيب هاتفيًا بآخر التطورات. يقول نجيب «هاتفنى من الإسكندرية وزير الداخلية حينها محمد المراغي، وأبلغنى وهو يتوسل لى كضابط وطنى إيقاف هذه الحركة، فالضباط إذا لم يتوقفوا سيتدخل الإنجليز، لأتلقى مكالمة مماثلة للأولى من وزير التجارة ثم رئيس الحكومة، إلى أن اتصل بى الصاغ جمال حماد، لإبلاغى بنجاح المرحلة الأولى من الخطة، تحركت إلى كوبرى القبة، واستقبلنى اليوزباشى إسماعيل فريد».
زاوية أخرى من الحكاية
ويروى الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، فى كتابه «سقوط نظام.. لماذا كانت ثورة يوليو 1952 الأزمة؟»ـ حكاية البيان الشهير للثورة، وقد كان وقتها أقرب أصدقاء جمال عبد الناصر من المدنيين، قال «عند الساعة الرابعة إلا الثلث فجرًا، وصلت إلى مبنى رئاسة هيئة أركان الحرب، وكان قد وصل اللواء محمد نجيب، واستقبله عبد الحكيم عامر، ليبلغه بأن القاهرة تحت السيطرة، ليسأل نجيب عن موقف الفرقة الأولى مشاة العريش- وتعتبر قوة رئيسية فى ذلك الوقت- ليطمئنه عبد الحكيم، بأن تأييد الفرقة للمعركة مضمون وفى الطريق»، ودخل هيكل فوجد جميع أعضاء مجلس قيادة الحركة.
وتابع: «وفى الساعة السادسة وخمس دقائق، دعا سعد توفيق إلى غرفة اجتماع القيادة لأقل من دقيقة، وعاد ومعه ورقة هى صورة من بيان سوف يعلن بعد قليل -الساعة السابعة- من إذاعة القاهرة وهذا ما تم بالفعل لأن قوات الجيش سيطرت على أستوديوهات الإذاعة، وكان البيان رقم 1 من قيادة حركة القوات المسلحة».
ثورة أم انقلاب؟.. محمد نجيب يُجيب
عقود طويلة نشأت فيها أجيال مُتعددة تتأرجح بين وصف ما حدث فى 23 يوليو 1952 بين ما إذا كان انقلابا عسكريا على الملك الشرعى للبلاد، أم ثورة حقيقية جاءت لتُطيح بنظام فاسد ساعية إلى نشأة مجتمع جديد يقوم على العدل والمساواة. هذا الانقسام ذاته كان بين قادة الضباط الأحرار أنفسهم، وليس فقط رجل الشارع.
هذا التساؤل ردّ عليه الرئيس الراحل محمد نجيب فى كتابه «كنت رئيسًا لمصر» بقوله: «من يؤيدنا ويتحمس لنا، يقول ثورة! وكأنه يكرمنا، ومن يعارضنا ويرفض ما فعلنا يقول انقلابا، وكأنه يحط منا، إن تحركنا ليلة 23 يوليو، والاستيلاء على مبنى القيادة كان فى عرفنا جميعًا انقلابًا، وكان لفظ انقلاب هو اللفظ المستخدم فيما بيننا، ولم يكن اللفظ ليفزعنا لأنه كان يعبر عن أمر واقع.
ثم عندما أردنا أن نخاطب الشعب، وأن نكسبه إلى صفوفنا، أو على الأقل نجعله لا يقف ضدنا، استخدمنا لفظ «الحركة»، وهو لفظ مهذب وناعم لكلمة انقلاب، وهو فى نفس الوقت لفظ مائع ومطاط، ليس له مثيل ولا معنى واضح فى قواميس المصطلحات السياسية، وعندما أحسسنا أن الجماهير تؤيدنا وتشجعنا وتهتف بحياتنا، أضفنا لكلمة الحركة صفة «المباركة».
وبدأنا فى البيانات والخطب والتصريحات الصحفية نقول «حركة الجيش المباركة»، وبدأت الجماهير تخرج إلى الشوارع لتعبر عن فرحتها بالحركة، وبدأت برقيات التأييد تصل إلينا وإلى الصحف والإذاعة، فأحس البعض أن عنصر الجماهير الذى ينقص الانقلاب ليصبح ثورة قد توافر الآن، فبدأنا أحيانًا فى استخدام تعبير «الثورة»، إلى جانب تعبيرى الانقلاب والحركة».
الاقتصاد الوطنى يُمزّق عباءة الاستعمار
ثورة يوليو الصناعية.. نهضة غير مسبوقة فى العالم النامي
استندت شرعية ثورة يوليو إلى فكرة استقلال القرار الوطني، والتى تولّدت عنها سياسات اجتماعية غيّرت من بنية المجتمع المصرى وتركيبته الطبقية، وأفضت إلى حراك اجتماعى واسع لم تشهده مصر من قبل، فقد كانت الحركة تسعى إلى إنهاء الاستغلال الاقتصادى البشع الذى مارسه الاحتلال البريطانى على مدى سبعين عامًا، بداية من النظام المصرفى الواقع بشكل كامل تحت سيطرة الأجانب والإقطاعيين، وحتى الزراعة والصناعة الواقعين فى براثن المنتفعين.
وحتى يوليو 1952 كان أهم الصادرات المصرية وهو القطن الذى شكّل ما يقرب من 85% من إجمالى حركة التجارة الخارجية، يقع تحت سيطرة بيوت التصدير الأجنبية التى كانت تسيطر فى نفس الوقت على المحالج والمكابس؛ وكانت التجارة الخارجية تمثل فى ذلك الوقت قرابة 50% من الدخل القومي.
كذلك كانت مصادر الطاقة فى يد الأجانب، فكان البترول احتكار لشركة شل واستيراد البترول ومنتجاته وتوزيعها بيد شركات البترول العالمية أو فروعها المحلية، ومحطات الكهرباء الحرارية المهمة بيد شركات فرنسية أو بلجيكية.
وكانت أيضًا قناة السويس التى تتحكم فى مسارات التجارة العالمية عبارة عن دولة داخل الدولة، وشركات النقل البحرى والنقل النهرى يسيطر عليها الأجانب، والنقل العام بالقاهرة تحكمه شركة بلجيكية، والنقل الجوى يساهم فيه البريطانيون.
أمّا بالنسبة للإقطاعيات الزراعية، فقد كان عدد من يملكون أكثر من 50 فدانا يزيد قليلا عن 11.800 فرد، وكانوا يملكون 38% من المساحة المنزرعة، بمتوسط يقارب 200 فدان للفرد الواحد، وكان كبار الملاك الإقطاعيين يسيطرون على الحياة السياسية، فقد كان الدستور يشترط لعضوية مجلس الشيوخ ملكية أرض لا تقل ضريبتها السنوية عن 150 جنيها.
كان هذا كله فى مواجهة حلم يوليو الصناعي، الذى رغب فى تصنيع كل شيء، حسب التعبير الشعبى «من الإبرة إلى الصاروخ»، مع اهتمام خاص بالصناعات العسكرية، ويرجع ذلك إلى خلفية الحُكّام القادمين من المؤسسة العسكرية؛ لكن لم يمنعهم ذلك من إعطاء الأولوية للصناعات الكيماوية والغزل والنسيج والصناعات المعدنية، خاصة الحديد والصلب والأسمنت.
لذلك، أقامت الثورة مصانع الحديد والصلب بحلوان والدخيلة من أجل تطوير الصناعات الثقيلة، مجمع مصانع الألمونيوم فى نجع حمادي، وشركة الأسمدة كيما، ومصانع إطارات السيارات الكاوتشوك، ومصانع عربات السكك الحديدية سيماف، ومصانع الكابلات الكهربائية، وتوليد طاقة كهربائية من السد العالى لاستخدامها فى إدارة المصانع وإنارة المدن والقري.
كما تم بناء المناجم فى أسوان والواحات البحرية. بجوار هذا أقيمت المصانع الحربية لسد حاجة الجيش المصرى من الأسلحة والذخائر، فلم يكن رجال يوليو قد نسوا بعد الدرس الذى تعلموه فى نكبة 1948، وقرروا أن الجيش المصرى يجب أن يفى باحتياجاته دومًا.
هكذا أنتجت أول طلقة مصرية فى مصنع 27 الحربى يوم 23 أكتوبر 1954 الذى صار فيما بعد عيدًا للإنتاج الحربي، وتوالى استكمال وتشغيل معظم المصانع الحربية، وازدهرت الصناعة الحربية المصرية وتمكنت من تلبية مطالب القوات المسلحة، وزادت الطاقات وتعددت الأنشطة بين صناعة الطائرات والصواريخ والمعدات العسكرية الثقيلة وكذا المركبات ذات الاستخدامات العسكرية.
كذلك بدأت مصر مع الهند ويوغوسلافيا منذ بداية حقبة الستينيات مشروعا طموحا لتصنيع الطائرات والصواريخ والمحركات النفاثة والأسلحة، وحتى سنة 1967 كانت مصر متفوقة على الهند فى صناعة الطائرات والمحركات النفاثة، وتم صنع الطائرة النفاثة المصرية «القاهرة 300».
وصنعت مصر أول صاروخين من إنتاجها. وفى عام 1966 كان الفارق بين البرنامج النووى المصري، ونظيره الإسرائيلى عامًا ونصف العام لصالح البرنامج النووى الإسرائيلي، ورغم الهزيمة المؤلمة كانت مصر على وشك تحقيق توازن القوى فى المجال النووى بينها وبين إسرائيل بحلول سنة 1971.
وفى عهد يوليو، طُرحت مسالة التصنيع كضرورة اقتصادية واجتماعية، فقامت بإنشاء المجلس القومى للإنتاج فى عام 1955، وفى أعقاب حرب السويس- العدوان الثلاثي- تم إنشاء وزارة الصناعة فى يوليو عام 1957، وتم وضع أول برنامج قومى للتصنيع فى العام نفسه بلغت تكلفته حينئذ 250 مليونا من الجنيهات وتنفيذه على خمس سنوات اختصرت إلى ثلاث.
وتضمن البرنامج الكثير من الصناعات الكيماوية، وصناعات مواد البناء، وتبعته الصناعات المعدنية والهندسية.وفى أواخر عام 1959 تقرر إعداد برنامج التصنيع الثانى ليغطى فترة السنوات الخمس التالية، واستهدفت الخطة الخمسية الأولى 1960-1965 إعطاء دفعة قوية للصناعة، فخصص لها 26،7%من الاستثمارات الكلية بهدف زيادة الصناعات التحويلية بنسبة 42%فى نهاية تلك الخطة.
وقد ظل نصيب الاستثمارات الصناعية يدور حول نسبة 25%من الاستثمارات الكلية منذ عام 1960 فيما عدا الفترة من عام 1967 إلى عام 1974، حيث مرت البلاد بمرحلة اقتصاديات الحرب التى حدت من الاستثمارات الجديدة وأبطأت عملية التنمية.
وتضاعفت مشكلات الصناعة من حيث مشكلات استيراد الخامات وقطع الغيار، مع القيام بدورها كاملا فى سد الاحتياجات المحلية من المنتجات المتاحة. استمر ذلك حتى انتهاج الدولة المصرية فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات سياسة اقتصادية جديدة هى «سياسة الانفتاح».
وفى تقريره رقم 870، أعلن البنك الدولى أن مصر استطاعت تحقيق نسبة نمو خلال الفترة بين عامى 1957- 1967 بلغت ما يقرب من 7 % سنويًا، أى تنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقه فى الأربعين سنة السابقة على الثورة.
فى تلك السنوات لم يزد معدل النمو السنوى فى أكثر بلدان العالم النامى المستقلة عن 2.5% وكانت هذه النسبة قد أدهشت العالم المتقدم باستثناء اليابان، وألمانيا الغربية، ومجموعة الدول الشيوعية، فقد حققت إيطاليا، وهى دولة صناعية متقدمة فى الفترة نفسها نسبة نمو 4.5 % فقط.
فقد أنشأت مصر أكبر قاعدة صناعية فى العالم الثالث، حيث بلغ عدد المصانع التى أنشئت فى عهد الثورة 1200 مصنع منها مصانع صناعات ثقيلة وتحويلية واستراتيجية؛ وانعكست هذه النهضة الاقتصادية فى عهد الثورة على مستوى التعليم، حيث انخفضت نسبة الأمية من 80% قبل 1952 إلى 50% عام 1970 بفضل مجانية التعليم فى كل مراحل الدراسة.
ورغم الهزيمة الفادحة فى 1967، استطاع الاقتصاد المصرى أن يتحمل تكاليف إتمام بناء مشروع السد العالى- الذى اختارته الأمم المتحدة عام 2000 كأعظم مشروع هندسى وتنموى فى القرن العشرين- كذلك استطاعت مصر الحفاظ على نسبة النمو الاقتصادى فى عامى 1969 و1970 وبلغت 8% سنويًا.
وتمكن الاقتصاد المصرى عام 1969 من تحقيق زيادة فى فائض الميزان التجارى لأول مرة فى تاريخ مصر بفائض قدرها 46.9 مليون جنيه وهو رقم ضخم بمقاييس عصره، وكانت المحلات تعرض وتبيع منتجات مصرية من مأكولات وملابس وأثاث وأجهزة كهربية، وزادت مساحة الرقعة الزراعية بنسبة 15%.
وللمرة الأولى تسبق الزيادة فى رقعة الأرض الزراعية الزيادة السكانية، وزادت مساحة الأراضى المملوكة لفئة صغار الفلاحين من 2.1 مليون فدان إلى ما يقرب من 4 ملايين فدان؛ وحتى عام 1970 كان اقتصاد مصر أقوى من اقتصاد كوريا الجنوبية، ولدى مصر فائض من العملة الصعبة تجاوز المائتين والخمسين مليون دولار بشهادة البنك الدولي.