جعل اللَّهُ لكل أمَّة أعيادها الخاصة بها، يتسابقون للإعداد والتزين لها، وأعطى اللَّهُ للأمة الإسلامية عيد الفطر وعيد الأضحى؛ ليميزها عن غيرها، ويُبدلها بهما عما دونهما من الأعياد، ويرتبط العيدين بشعيريتين من أهم شعائر الإسلام، هما الصيام والحج؛ فعيد الفطر يعقب فريضة الصوم، وعيد الأضحى يعقب فريضة الحج؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قدم النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: «ما هذان اليومان؟» قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: «إنَّ اللَّه قد أبدلكم بهما خيرًا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر» [أخرجه أبو داود وصحَّحه الألباني]، والفرح والسرور في العيد شعيرة من شعائر الإسلام ومظهر من أجل مظاهره، تعبدًا للَّه وامتثالًا لقوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]؛ فالعيد فرحةٌ وشكر للَّه على تمام نعمته وفضله وتوفيقه لنا على إتمام العبادات، وهذه الفرحة أذن اللَّه بها فقال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58].
قال العلماء: “إظهار السرور في الأعياد من شعائر الدين”، وكان من هدي النبي صلى اللَّه عليه وسلم، في العيد أن يظهر الفرح والسرور، ويجتهد في إدخال الفرح في نفوس المسلمين خصوصًا الصبيان منهم والنساء؛ فالغاية العظمى من الأعياد إدخال السرور والبهجة على المسلمين رجالًا ونساءً وأطفالًا، اقتداءً بالنبي صلّى اللَّه عليه وسلّم؛ فعن عائشة رضي اللَّه عنها، قالت: «دخل عليَّ رسول
الله صلّى اللّه عليه وسلّم، وعندي جاريتان تغنِّيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحوَّل وجهه، فدخل أبو بكر، فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فأقبل عليه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فقال: دعهما، فلمَّا غفل غمزتهما، فخرجتا، قالت: وكان يوم عيدٍ يلعب السودان بالدَّرق والحراب، فإمَّا سألت رسول اللَّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وإمَّا قال: تشتهين تنظرين، فقالت: نعم، فأقامني وراءه، خدي على خده، ويقول: دونكم بني أرفدة، حتى إذا مللت، قال: حسبك، قلت: نعم، قال: فاذهبي» [رواه البخاري]، وفي رواية ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «دخل عليَّ أبوبكرٍ وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار في يوم بعاثٍ قالت وليستا بمغنيتين فقال أبو بكرٍ أبمزمور الشيطان في بيت النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وذلك في يوم عيد الفطر فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يا أبا بكرٍ إنَّ لكل قومٍ عيدًا وهذا عيدنا»؛ فلقد أذن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم للحبشة أن يلعبوا في المسجد ولعائشة رضي الله عنها أن تستمتع بمشاهدة لعبهم؛ فلنفرح بالعيد وننشر السعادة والبهجة على الجميع، تقبَّل اللَّه منا ومنكم، وكلُ عامٍ أنتم بخيرٍ.. الدكتور صفوت محمد عمارة، من علماء الأزهر الشريف