قال الكاردينال لويس روفائيل ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق والعالم، في مقاله المنشور منذ قليل عبر الصفحة الرسمية للبطريركية الكلدانية في العراق، تحت عنوان “الديانة تختلف عن القومية” ، ان العديد من الناس يخلط بين الديانة والقومية جهلاً أو تعصباً، ويعدونهما وجهين لحقيقة واحدة. هذا الاعتقاد خاطيء ويسئ الى الديانة والى القومية معاً، اذ انهما موضوعان ومجالان مختلفان تماماً. فالديانة والكنيسة غير منغلقة على قومية واحدة وهذا الامر يتقاطع مع طبيعة الديانة والكنيسة.
وأضاف “ساكو” ، انه من حق أي انسان على وجه الكون ان يصرّح بهويته الدينية والقومية ومن دون ان يخلق فرقة بين المواطنين المثقفين. اليوم تعيش مجتمعات معظم الدول ومنها العراق تنوعاً دينياً وعرقياً، لكن تجمعهم الهوية الوطنية الجامعة التي تكفل مبدأ المساواة أمام القانون والسلطات المعنية بالقانون من دون تحيّز، مما يضمن المعاملة المتساوية لجميع الأفراد في الدولة.
وأستطرد “ساكو”، الديانة، عقيدة يقبلها المرء بكامل وعيه وارادته وحريته ويلتزم بها في سلوكه اليومي. الديانة غير التديّن الشكلي، انها إيمان وجداني وعلاقة شخصية بين المؤمن والله، وله الحق ان يغيّر دينه ويختار غيره متى ما لم يَعُد يقتنع به (أو متى ما لم يقدر أن يعيشه)، إذ لا إكراه في الدين! ويتعيَّن على المنتمين الى ديانة ما أن يلتزموا بنفس العقيدة الايمانية والكتاب المقدس، الطقوس والقوانين، والأخلاق، ويتبعون توجيهات رجال الدين أو علماء الدين.
وتابع “ ساكو ” القومية، الانتماء القومي ليس ثوباً نلبسه او يُلبسنا إياه الآخرون عنوةً، بل هو شعور ذاتي وقناعة عميقة بالانتماء الى عرق معين والالتزام بحزمة معطيات كالارض والتاريخ واللغة والموروث الثقافي والتقاليد. هذا الشعور لا يتعارض مع القوميات الأخرى ان كان منفتحاً ومعترفاً بها، بل يعزّز التنوع والتضامن والتعاون في مجالات عدة للعيش معاً بسلام واستقرار.
وأضاف" ساكو" : سأل أحد الكلدان المتزمتين مسلماً شيعياً من اور: أنتَ تقول أنك كلداني، هل يمكن ان تغير بطاقة الأحوال الشخصية الى المسيحية؟ سؤال يحمل جهلاً كبيراً. في الواقع، لا يحتاج المسلم ان يترك دينه حتى يكون كلدانياً او آشورياً أو عربياً.
وتابع “ساكو” في الانتماء القومي يوجد المتدين المسيحي والمسلم واللامتدين والملحد. فما المشكلة ان يكون في القومية العربية المسيحي والمسلم وغيرهما، وان يكون ثمة مسيحيون وغير المسيحيين يشعرون ويصرّحون ان قوميتهم هي الكلدانية. في القومية لا يحتاج المرء ان يغيّر دينه أو مذهبه. هو حرٌّ في ما يختاره!
واختتم الكاردينال لويس روفائيل ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق والعالم، مقاله بهذه الكلمات : خلاصة القول، ان التعددية والتنوع مظهر من مظاهر الطبيعة البشرية، ومصدر غِنى وقوة للتقارب، والتواصل والتضامن.