الأدب بصور فنونه المتنوعة يحاول أسر التجارب الإنسانية المنفتحة واللامتناهية لثراء التجربة البشرية، ولا شك أن الشعر أحد هذه الفنون التي تحاول التحليق في فضاء الخيال، وربما هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس في وعي الإنسان وفي اللاوعي أيضا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر..
تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا.
واليوم ننشر قصيدة بعنوان "موسيقى مرئية" للشاعر الراحل محمود درويش.
وأنا أستمع إلى الموسيقى
تنفتح حولي حدائق
فتصير النغمةُ زهرةً أسمعها بعينيّ.
للصوت صورة،
وللصورة صوت متدرِّج متموِّج...
أَبعد من مجاز أدبي.
يَخْرُجُ القرنفل من أحواضه،
وينتشر على طاولات المطاعم الراقية
لتعويض الغريب عن خسارة منسية،
أو للإمعان في تدريب المُنْتَظِرِ على مفاجآت القادم.
وليس على النرجس من حَرَجٍ
إن أطال الاستماع إلى أغنية الفرح في الماء،
وظنَّها أغنية مديحه.
أَمَّا الزنبق الأبيض،
إذا اتسع الصالون لرائحته الشاسعة اللاذعة،
فإن خواطره تضلِّلني،
على عكس البنفسج
الذي يوقفني على تقاطع صوتين يتداخلان ويذوبان في تشابه الدموع بين عرس و جنازة...
وعلى عكس شقائق النعمان المكتفية بغناء الهامش الفسيح على سفوح الرَعَويَّات.
كل هذا لأقول: إن الوردة الحمراء. موسيقى مرئية.
وإن الياسمين رسالة حنين من لا أَحد إلى لا أحد!