أكدت الدكتورة هدى درويش، أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الزقازيق، أن ذبح الأضاحي، كان من الأمور المعروفة لدى العرب، قبل الإسلام، حيث كانوا يقدمون قرابينهم من الذبائح خلال موسم الحج إلى الكعبة، موضحة في حوارها مع “البوابة نيوز”، أن الإسلام طهر عقيدة أتباعه من الذبح لغير الله، محرما تقديم الهدي لغير ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى.
وقارنت الدكتورة هدى درويش بين شعائر عيد الأضحى لدى المسلمين، وغيرهم من أصحاب الشرائع السماوية الأخرى، فإلى تفاصيل الحوار
في البداية نود أن نعرف هل كان هناك تضحية بالذبائح قبل الإسلام؟
بالطبع كانت هذه شعيرة معروفة لدى العرب، وإن اختلف الغرض منها، فهم كانوا ينحرون الذبائح قرابين للآلهة التي يعبدونها، ويحجون إليها كل عام، فيقدمون الذبائح لهذه الآلهة، حتى ترضى عنهم بحسب اعتقادهم السائد حينها.
وكان العرب يذبحون هديهم قبيل شروق الشمس، ويقدمونها مع بداية الشروق، ومنها جاء لفظ "التشريق"، الذي يعني تقديم اللحوم، ومنه سمى العرب أيام العيد بعد ذبح الأضحية بـ"أيام التشريق"، والمقصود بها أيام العيد الثلاثة التي تلي يوم النحر، فنحن لدينا يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة، ويوم عرفة وهو التاسع من ذي الحجة، ثم يوم النحر العاشر من ذي الحجة، وأول أيام العيد، يليه ثاني وثالث ورابع أيام العيد، وتسمى أيام التشريق، لأن اللحوم التي ذبحت يوم النحر تقدم للناس ليطعموها.
وما الذي أحدثه الإسلام من تغيير في هذه الشعيرة عما كان قبله؟
الإسلام أدّب عقيدة المنتمين إليه، وعلمهم أنه لا يجب أن تُذبح أضحية، أو يُقدم هدي لغير الله، أو أن يجمع مقدم الهدي في نيته بين تقديمها لله، ولأي غرض آخر، فالأضاحي إما أن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى، أو لا حاجة إليها لدى المسلم، بل ويحرم أكلها.
هل هناك ذبح للهدي وتقديم للأضاحي في أي من الشرائع الأخرى؟
نعم، فالديانة اليهودية، على سبيل المثال، تعرف الأضحية، وهي مذكورة في كتابهم القدس، الذي يسمونه "تقريب إسحاق"، ويروي أن نبي الله إبراهيم قدّم ابنه إسحاق للذبح، وليس إسماعيل كما يروي المسلمون، وفي سفر التكوين ورد النص التالي: "خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، الَّذِى تُحِبُّهُ، إِسْحَاقَ، وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا، وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِى أَقُولُ لَكَ"، لذا يضحي اليهود في رأس السنة العبرية لديهم، فيذبحون الديوك، وليس الأغنام والماشية مثلما يفعل المسلمون، وذلك احتفالا بذكرى التضحية بالنبي إسحاق بحسب اعتقادهم.
إذن هناك اختلاف في الرواية بين اليهود والمسلمين؟
نعم فهم يعتقدون أن من قدمه النبي إبراهيم للتضحية بعد أن الرؤيا التي شاهدها في منامه، هو ابنه إسحاق، فيما يعتقد المسلمون أن من قدم للتضحية هو النبي إسماعيل، أبو العرب، لكن يجب هنا أن نعي شيئا مهما، وهو اعتراف جميع الشرائع السماوية بحدوث هذه الحادثة، إذ إن القرآن الكريم لم يذكر اسم النبي، الذي قدم للتضحية، لأنه غير ذي تأثير على الغرض من ذكرها، لذا فلا يجب المجادلة كثيرا بشأن النبي الذي تعرض لهذا الموقف، خاصة أن المسلمين يؤمنون بإسحاق، كما يؤمنون بإسماعيل، وغيره من أنبياء الله.
وما هدف اليهود من ذبح الأضاحي؟
هم يفعلون ذلك، للنجاة من الذنوب، فهم يذبحون الديوك، للتكفير عن الذنوب وهو طقس يعتمد على رفع الديك فوق رأس الشخص التائب، مع تصريح الكاهن بنيته التضحية به، مقابل تكفير ذنوب الشخص، وحصوله على حياة جيدة وسعيدة، ثم يذبحه بعد ذلك ويتصدق به.
وماذا عن الشريعة المسيحية؟
الأضحية في المسيحية مرتبطة بتقديم النذر، للنجاة من الأزمات، وذلك لاعتقادهم بأن المسيح عليه السلام، افتدى خطايا جميع البشر، بعد صلبه وخلص البشرية من جميع الخطايا.
ما الطريقة الصحيحة لتوزيع الأضاحي؟
الطريقة الصحيحة لتوزيع الأضاحي تكون بتقسيم لحومها إلى ثلاثة أقسام أحدها للأسرة المضحية، والثاني للأقارب والمعارف، والثالث للفقراء والمحتاجين، كما أنه يجب السماح للأهل والأقارب والأطفال بحضور ذبح الأضاحي، كما يوصي العلماء بإشراك الأطفال في توزيع لحوم الأضاحي على الفقراء والأهل والجيران، وذلك لزرع المحبة والتراحم في قلوبهم.