الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

الأمم المتحدة تحتفل باليوم الدولي لنيلسون مانديلا

نيلسون مانديلا
نيلسون مانديلا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحتفل الأمم المتحدة في مثل هذا اليوم 18 يوليو من كل عام باليوم الدولي لنيلسون مانديلا، وذلك في ذكرى ميلاده حيث يعد نيلسون مانديلا، الزعيم الأفريقي والبطل الذي ناضل سنين عديدة دفاعًا عن مبادئه وقيمه، وحقوق شعبه، وأصبح مع مرور الزمن أيقونة للنضال في العالم ويعتبر السجين السياسي الأشهر في العالم.

ولد نيلسون مانديلا في مثل هذا اليوم 18 يوليو من عام 1918 في مفيزو بجنوب أفريقيا، وكان زعيمًا وطنيًا ومناضلًا في سبيل إنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وقد قاد على مدار 20 عامًا نشاطات سلمية تهدف للوقوف في وجه سياسات القمع للحكومة، ولكنه عندما أدرك فشل تلك النشاطات، تبنى الجل العسكري بوصفه السبيل الوحيد لتحقيق أهدافه.

اعتقل مانديلا لمدة 27 عامًا، وعندما أطلق سراحه تسلم سدة الرئاسة ليصبح أول رئيس أسود في البلاد، وحاز على جائزة نوبل للسلام بالاشتراك مع ويليام دي كليرك سنة 1994، وقد توفي عن عمر ناهز الخمس والتسعين عامًا.

كان والده مستشارًا لزعماء القبائل في المنطقة، لذا كان من المتوقع أن يصبح زعيمًا ولكن خلافًا نشب بينه وبين الحاكم المحلي التابع للاستعمار أدى إلى تجريده من لقبه وثروته كلها وهكذا انتقل الأب مع عائلته إلى قرية صغيرة تقع شمالًا بالقرب من واد عشبي ضيق، حيث لا توجد أي طرق سوى ممرات قليلة يمكن السير عليها.

التحق مانديلا بجامعة فورت هير سنة 1939، والتي كانت في ذلك الحين الحرم الجامعي الوحيد للطلاب السود في جنوب أفريقيا، وتلقى مانديلا جميع المناهج المطلوبة، ولكنه ركز اهتمامه على القانون الهولندي الروماني بهدف الحصول على وظيفة في المؤسسات العامة، الأمر الذي كان يعد آنذاك المهنة الأفضل للرجل الأسود.

وفي العام التالي، انتخب مانديلا عضوًا في مجلس الطلاب، وقد كان زملاؤه حينها غير راضين إطلاقا عن الطعام الذي تقدمه الجامعة، مما دفعهم إلى التهديد بمقاطعة الجامعة، فسار مانديلا على خطاهم واستقال من عضوية المجلس، ورأت الجامعة أن هذا التصرف أشبه بالعصيان، لذلك اجتمعت مع مانديلا وأبعدته عن الجامعة لبقية السنة، وخيرته بين الطرد من الجامعة أو العودة عن قراره بالاستقالة من عضوية المجلس.

بعدما خرج مانديلا من جامعة فورت هير، استقر في مدينة جوهانسبورج حيث كان يعمل في وظائف متنوعة، ومن ثم التحق بجامعة جوهانسبورج لدراسة القانون. وسرعان ما انخرط مانديلا في الحركات المناهضة للفصل العنصري في البلاد، وانضم إلى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي سنة 1942.

وقد عمل بالتعاون مع مجموعات شبابية أخرى على تحويل الحزب إلى حركة شعبية تستمد قوتها من صفوف الفلاحين والعمال. رأى أولئك الشباب، وعلى رأسهم مانديلا، أن الأساليب المتبعة غير مجدية إطلاقًا، لذلك تبنى الحزب سنة 1949 سياسة جديدة تعتمد على الإضراب والعصيان المدني والمقاطعة حتى تحقيق جميع الأهداف المتمثلة في تمتع السود بالمواطنة الكاملة، وإعادة توزيع الأراضي بينهم وبين البيض، وتمتعهم بالحقوق النقابية، فضلًا عن إلزامية التعليم ومجانيته لجميع الأطفال.

كان مانديلا مؤمنًا بالخيار السلمي، لذلك قاد حركات الاحتجاج والنشاطات السلمية ضد الحكومة وسياساتها العنصرية، مما دفعها إلى اعتقاله مع 150 شخصًا آخرين، ووجّهت لهم تهم الخيانة العظمى، وفي ذات الوقت، كان حزب المؤتمر الوطني الأفريقي يعاني انقسامًا داخليًا نظرًا لأن بعض أعضائه كانوا يرون أن النشاطات السلمية لم تعد مجدية في وجه سياسات القمع والتعسف للحكومة.

وفي عام 1961، حدث تحول في وجهة نظر مانديلا، واعتنق الفكرة القائلة بأن الكفاح المسلح هو السبيل الوحيد لتحقيق التغيير المنشود، فشارك مع غيره من المناضلين في تأسيس الجناح المسلح لحزب المؤتمر الأفريقي، والمعروف باسم " اومكونتو وي سيزوي". كذلك، قاد مانديلا في ذات السنة إضراب العمال الذي استمر لثلاثة أيام، فاعتقلته السلطات وحُكِم عليه بالسجن لمدة 5 أعوام.

ولكن أعيدت محاكمته مرة أخرى سنة 1963، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، وامضى مانديلا في جزيرة روبن 18 عامًا من سنين سجنه البالغة سبعًا وعشرين، وقد أصيب خلالها بالسل، فلم يحظَ بالمعاملة الطبية المناسبة نظرًا لأنه سجين أسود. ولم يقف السجن حائلًا أمام طموحه الجامعي، فحصل على درجة البكالوريوس في القانون عبر نظام المراسلة مع جامعة لندن.

وفي عام 1982، نُقِل مانديلا مع غيره من قادة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي إلى سجن بولسمور، وفي سنة 1985، عرض الرئيس بيتر ويليام بوتا  الإفراج عن مانديلا مقابل تخليه عن الكفاح المسلح، ولكنه رفض ذلك طبعًا، وتوالت جلسات التفاوض بين الحكومة ومانديلا دون تحقيق أي اتفاق، حتى تاريخ 11 فبراير 1991عندما أُعلن عن إطلاق سراح مانديلا، وإلغاء أحكام الإعدام في البلاد، فضًلا عن إزالة جميع القيود المفروضة على الأحزاب السياسية، بما في ذلك حزب المؤتمر الوطني الأفريقي.

انتُخب نيلسون مانديلا رئيسًا للمؤتمر الوطني الأفريقي سنة 1991، وتفاوض مع رئيس البلاد آنذاك، فريدريك ويليام دي كليرك، على إجراء أول انتخابات متعددة الأعراق في البلاد. وفي عام 1993، حاز مانديلا وكليرك جائزة نوبل للسلام نظير عملهما المشترك لإنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وهكذا أُجريت أول انتخابات ديمقراطية في البلاد بتاريخ 27 أبريل 1994، ليصبح بذلك مانديلا أول رئيس أسود في تاريخ جنوب أفريقيا.

سعى مانديلا بعد توليه سدة الرئاسة إلى الانتقال بالبلاد من حكم الأقلية إلى حكم الأغلبية السوداء، واستغل حب الشعب وحماسه نحو الرياضة في تعزيز المصالحة بين البيض والسود، عبر دفع السود إلى تشجيع منتخب الرجبي.

كذلك، عمل مانديلا على حماية الاقتصاد الوطني من الانهيار، ووضع خطة لإعادة إعمار البلاد وتنميتها. وفي عام 1996، وقع مانديلا على مرسوم تشريع دستور جديد للبلاد، وأنشأ حكومة مركزية قوية تقوم على حكم الأغلبية، مع ضمان حقوق الأقليات وحرية التعبير. وعندما حان موعد الانتخابات العامة سنة 1999، أعلن مانديلا عزوفه عن الترشح، ورغبته في ترك العمل السياسي.

ولكنه استمر في نشاطاته الرامية إلى جمع الأموال اللازمة لتشييد المدارس والمراكز الصحية في المناطق الريفية من جنوب أفريقيا. وعمل أيضًا على نشر عدد من الكتب التي تروي معاناته وكفاحه، نذكر منها: "رحلتي الطويلة من أجل الحرية".

وفي سنة 2004، أعلن مانديلا رسميًا عن تقاعده من الحياة العامة، وعاد ليعيش في قريته كونو، وحصل على عدد من الجوائز والأوسمة ومنحته الملكة إليزابيت الثانية بيليف الصليب الكبير ووسام القديس جون ووسام الاستحقاق، وكُرم في أكثر من 50 جامعة منها هارفرد وجامعة براون.

عانى نيسلون مانديلا من أمراض عديدة مثل عدوى الرئة، وأُدخل إلى المشفى عدة مرات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة من حياته. وفي اليوم الخامس من شهر ديسمبر سنة 2013، توفي في منزله بمدينة جوهانسبورج، ليعم الحزن مختلف أرجاء العالم نظرًا للخسارة الكبيرة التي أصابت الإنسانية بوفاة هذا الرمز الذي كان وما يزال مصدر إلهامٍ لمختلف الأشخاص الناشطين في مجال الحقوق المدنية.