رحلة البحث عن المصاعب..إبراهيم "خليل الله" أبو الآباء والأنبياء صاحب أقسي اختبار إلهي توارثته الأديان السماوية
عاش سيدنا إبراهيم، الملقب بخليل الله، قرابة ٧٥ عامًا، في مصر، بعد أن هرب من جوع الأرض، التي نشأ بها، وتم توثيق حياته في الكتاب المقدس "العهد القديم"، ورمزية زواجه من السيدة سارة، والسيدة هاجر، في إشارة إلى العهد القديم، والعهد الجديد، وهو أيضًا صاحب أصعب امتحان إلهي في العهد القديم.
حيث طلب منه الله تقديم ابنه إسحق ذبيحة وقربانًا، ولم يرفض، وأطاع الله في مشهد توارثه أصحاب الأديان السماوية، ويحتفلون به بأسماء وأعياد مختلفة، لكن جوهرها واحد، التضحية والطاعة للخالق، الله الواحد، الذي اقترب منه أبو الآباء إبراهيم مبكرًا، وارتبط به بشدة.
وكان لقبه الأول أبرام، ومعناه "الأب الرفيع"، أو "الأب المكرّم"، ومعنى إبراهيم "أبورهام"، أي "أبو جمهور".
إبراهيم أبو الآباء بين النهرين
عاش مدة خمسة وسبعين عامًا، بينما إجمالي حياته كان مائة وخمسة وسبعون، ويؤكد المؤرخون والباحثون في التاريخ، أنه كان من نسل سام بن نوح، وعاش في بداية حياته مع عائلته في أور "الكلدانيين"، وتزوج من ساراي "سارة"، وكانت أخته بنت أبيه، وذكر ذلك في سفر التكوين، بداية أسفار العهد القديم، وتوفي شقيقه هاران، وبعدها رحل هو وزوجته، وتارح أبوه، ولوط ابن أخيه من أور، ليذهبوا إلى أرض كنعان، وأقاموا في منطقة حاران، وهي نفس المنطقة التي مات فيها والده تارح، ولما كان إبراهيم.
إبراهيم والطريق الى مصر
سكن إبراهيم أولًا في شكيم ثم ذهب إلى بيت إِيل، ومنها إلى أرض الجنوب، ثم حدثت مجاعة في الأرض، وهرب بعدها إلى مصر، وذكر لفرعون أن ساراي أخته، وأنكر أن تكون زوجته، وبعد مصاعب كثيرة، عاد إلى أرض الجنوب في فلسطين، وذهب من هناك إلى بيت إِيل، وحدث نزاع بينه وبين لوط، بسبب كثرة أملاكهما.
واختار لوط أرض دائرة الأردن (أما إبراهيم فكان نصيبه في أرض كنعان، ونقل خيامه، وأتى وأقام عند بلوطات ممرًا، وبقي هناك سنوات عديدة).
زوجات ونسل خليل الله
روي سفر التكوين: كيف بارك الله إبراهيم، وحصد حياة مثمرة، بعد مصاعب كبيرة، وأنه أثناء وجوده في منطقة بلوطات، أقام عهدًا مع ملوك الأموريين، وشن كدرلعومر ملك عيلام، حربًا على ملوك الأموريين، وقاموا بأسر لوطً، واستولوا على أملاكه، لكن إبراهيم نجح في هزيمتهم، واسترجع لوطًا والنساء، وكل الأملاك.
وعند عودته؛ استقبله ملكي صادق، وأعطاه إبراهيم عشرًا من كل شيء، وبارك ملكي صادق إبراهيم، وقد وعده الرب حينئذ بوارث، فصدق وعد الله، وآمن به فحسبه له برًا، وقد وعده الرب بميراث أرض كنعان، وأيد له هذا الوعد بعهد، وأخذ إبراهيم هاجر جاريته المصرية زوجة، فولدت له إسماعيل.
ولما كان أبرام ابن تسع وتسعين سنة، ظهر له الرب، وغير اسمه من أبرام إلى إبراهيم، ووضع له الختان، علامة للعهد، وغير اسم ساراي امرأته إلى سارة، وكشف له مضمون العهد أن النسل الوارث سيكون من سارة، وسيدعى اسمه إسحق، وأعلن الرب لإبراهيم خراب سدوم وعمورة، بسبب شرهما فتشفع إبراهيم لأجل الأبرار هناك فأنقذ الله لوطً.
ومن عند بلوطات ممرا، انتقل إبراهيم الى أرض الجنوب، وهناك أرسل أبيمالك، ملك جرار، وقام بأسر سارة، لأن إبراهيم قال إنها أختي، ولكن الله أنقذها وردها إلى إبراهيم.
ورزق الله سارة، وولدت لإبراهيم ابنًا، وهو رجل مسن، وكان وقتها عمره مائة عام. ودعا اسمه إسحاق، وختن إبراهيم إسحاق ابنه.
وألحت عليه سارة، من جهة هاجر، وطلبت أن يبعدها، واستبعدها بالفعل وهاجرت، وأصبح جدة لقبيلة إسماعيل، التي أسست منطقة الجزيرة العربية، وبعد فترة عمل إبراهيم عهدًا، مع أبيمالك عند بئر دعيت فيما بعد بئر سبع.
إبراهيم وأصعب امتحان إلهي
تعرض إبراهيم لامتحان، واختبار إلهي صعب؛ حيث أراد الله أن يمتحن إبراهيم، فأمره بأن يذهب إلى أرض المريا، ويصعد ابنه البكر محرقة هناك. وكان على وشك تقديمه ذبيحة، فناداه ملاك الله قائلًا: "لا تمد يدك إلى الغلام، ولا تفعل شيئًا"، فرفع إبراهيم عينيه، ونظر- فإذا كبش وراءه ممسكًا في الغابة بقرنيه، فأخذ إبراهيم الكبش، وأصعده محرقة، عوضًا عن ابنه، وبعد ذلك ذهبا معًا إلى بئر سبع.
إبراهيم أبو الآباء والأنبياء
كان آباء إبراهيم يعبدون آلهة غير الله، فكانوا في أور الكلدانيين يعبدون آلهة كثيرة، مثل إله القمر، أما إبراهيم فقد آمن بالإله الواحد، مالك السماء والأرض، وكانت لإبراهيم معه علاقة شخصية وشركة، ولذلك نال إبراهيم لقب "خليل الله"، الذي ذكر في الكتب السماوية، ثلاث مرات.
أما صفات الله التي نسبها إبراهيم إليه، فكانت الأمانة والعدل واللطف والحق والحكمة والرحمة، وآمن إبراهيم بأن الله يطلب من البشر أن يتصفوا بالصفات الخلقية، التي لله، لذلك قدرته
الأديان، وأطلق عليها أيضًا الأديان الإبراهيمية، نسبة إلى خليل الله.