شهدت مكتبة الإسكندرية، اليوم الخميس، انعقاد جلسات اليوم الثاني من مؤتمر "الهجرة غير الشرعية في حوض البحر المتوسط".
وشهدت جلسات المؤتمر استعراضًا للجهود التي تقوم بها مؤسسات الدولة المصرية، والجمعيات غير الأهلية، فضلًا عن السياق الإقليمي لقضية الهجرة غير الشرعية، وأبعادها المختلفة.
وجاءت الجلسة الأولي لليوم الثاني بعنوان "الهجرة غير الشرعية في السياق الإقليمي". وأدار اللقاء الدكتور غادة حلمي، مسئول ملف الإتجار في البشر والهجرة غير الشرعية بالهيئة العامة للاستعلامات.
قال لوران دي بوك، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في مصر: إن الهجرة غير الشرعية لا زالت تمثل تحديات كبيرة أمام دول العالم، لافتًا إلى أن 55 ألف مهاجرًا تمكنوا من الوصول إلى أوروبا حتى الشهر الجاري من عام 2021 مقارنة بـ 29 ألف مهاجر خلال عام 2020 و128 مهاجر خلال عام 2019.
وأضاف أنه على الرغم من الانخفاض الكبير الذي شهدته ظاهرة الهجرة غير الشرعية خلال عام 2020 متأثرًا بجائحة كورونا وزيادة قيود التنقل بين الدول خلال هذا العام إلا أن هذا الرقم بدأ في الإزدياد مرة أخرى، لافتًا إلى أن نحو 1146 شخصا لقوا حتفهم خلال عام 2021 في البحر الأبيض المتوسط خلال محاولتهم الوصول إلى أوروبا.
وتحدث "دي بوك" عن مسارات الهجرة غير الشرعية خاصة المسار الغربي المنطلق من ليبيا قائلًا:"إن هذا المسار هو الأخطر على حياة الأشخاص المهاجرين فنحو 503 مهاجرًا لقوا حتفهم خلال العام الماضي".
وأكد رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة أن التوسع في الهجرة يهدد سلامة وأمن المهاجر، لافتًا إلى أنه طبقا للانتروبول فإن 90% من المهاجرين خلال عام 2015 وصلوا للقارة الأوربية عبر البحر.
وأشار إلى أن مناخ عدم الاستقرار الذي شهدته المنطقة خلال الأعوام الماضية أسهم في رواج التجارة القبلية الخاصة بتجارة المخدرات وتهريب الأشخاص، مؤكدًا أهمية تغليظ العقوبات على الأشخاص الذين يسهلون عملية الهجرة غير الشرعية فضلًا عن توسيع دائرة الهجرة المنظمة.
وقال لوران دي بوك: إن المنظمة الدولية للهجرة تركز في عملها على أربعة محاور وهم مساعدة المهاجرين من خلال قنوات هجرة قانونية والتخفيف من أسباب الهجرة ومنع مهربي المهاجرين وملاحقتهم.
وتطرق إلى الحديث عن التعاون بين الحكومة المصرية ومنظمة الهجرة الدولية فضلًا عن التعاون مع منظمات المجتمع المدني والتي تتمثل في تدريب بعض الجهات التي تختص بملف الهجرة غير المنظمة، مشيدًا بالاجراءات التي أتخذتها مصر من أجل الحد من هذه الظاهره منها إصدار قانون 82 لسنة 2016 فضلًا عما قامت به مصر من التركيز على هذه الظاهرة خلال رئاستها للإتحاد الإفريقي.
من جانبها قالت أمينة الشيباني، سكرتير أول إدارة شئون اللاجئين والمغتربين والهجرة بجامعة الدول العربية، إن جامعة الدول العربية تولي ملف الهجرة غير المنظمة إهتمامًا كبيرًا نظرًا لما يمثله من خطورة كبيرة حياة الآف من البشر، لافتة إلى أن منطقة شما إفريقيا تعتبر ممرًا رئيسيًا لعملية الهجرة إلى أوروبا عبر البحر.
وأوضحت أن حالة عدم الاستقرار التي شهدتها المنطقة تسببت في زيادة معدلات الهجرة غير المنظمة خاصة المهاجرين في ظل الحروب التي نشبت في المنطقة، متابعة: "الظاهرة شهدت انخفاضًا كبيرًا خلال 2015 في المسار الشرقي واتجهت إلى المسار الغربي والذي يعد الأطول والأخطر".
وتحدثت الشيباني عن دور جامعة الدول العربية لمجابهة الظاهرة حيث أنشئت منتدى حوار تم من خلاله عقد مؤتمرات وورش عمل فضلًا عن التنسيق بين الدول العربية فيما يتعلق بمجابهة الظاهرة.
وأكدت الشيباني ضرورة معالجة الأسباب الدافعة للهجرة غير المنظمة فضلًا عن أهمية العمل على مكافحة الظاهرة من خلال التوعية بمخاطرها وسن القوانين اللازمة لذلك مع توسيع دور المؤسسات التعليمية وتوفير مسارات موسعة للهجرة المنظمة.
من ناحيته، ركز المستشار عادل ماجد، الخبير الاقليمي لمكافحة الإتجار في البشر، على مسارات الهجرة غير الشرعية في البحر الابيض المتوسط والتي حددها في ثلاثة مسارات وهم المسار الشرقي من خلال تركيا والمسار الأوسط الخاص بمنطقة ليبيا والمسار الغربي في المغرب.
وأشار إلى أن مسار الهجرة في ليبيا هو الأخطر بين كافة المسارات نظرًا لبعده عن القارة الأوروبية، كما تحدث عن القوانين الخاصة بقضية الهجرة غير الشرعية مشيدًا بدور مصر في مجابهة هذه الظاهرة.
في حين تحدث الدكتور أحمد الحشاني، رئيس الجمعية المغاربية لدراسات الهجرة، عن قضية الهجرة غير الشرعية في المغرب، لافتًا إلى أن المغرب كان يعاني سابقًا من أنه دولة محطة للهجرة غير الشرعية ولكن تحولت إلى دولة جاذبة للهجرة مشيرًا إلى وجود عشرات الآلاف من المهاجرين من جنسيات مختلفة يعيشون على أرض المغرب.
كما استعرض عبر كلمة مسجلة، القوانين التي أصدرتها الدولة من أجل الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر البحر الأبيض المتوسط فضلًا عن تنظيم عملية إقامة المهاجرين في الدولة المغربية.
وجاءت الجلسة الثانية بعنوان "مبادرات الجمعيات الأهلية في مواجهة الهجرة غير الشرعية"، حيث أدار اللقاء الدكتور خالد عبد الفتاح؛ أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان.
وتحدث الدكتور خالد حسن عن الجمعية المصرية لدراسات الهجرة وأنشطتها التي تركز على عمل الدراسات الخاصة بالهجرة فضلًا عن مساعدة الباحثين في هذا الشأن سواء بالإحصائيات أو القوانين المنظمة لهذا الشأن.
وأكد حسن أهمية التفريق بين مصطلحات اللجوء والهجرة غير الشرعية والنزوح فضلًا عن الهجرة البيئية والتي بدأت تظهر في جنوب شرق آسيا، لافتًا إلى أن نحو 4% من سكان العالم لاجئين وفقًا للإحصائيات الدولية.
كما تحدث عن المعوقات التي تواجه عمليات البحث في قضية الهجرة غير الشرعية والتي تتمثل في أعداد المهاجرين وطريقة الهجرة نفسها فضلًا عن تضارب الأرقام الرسمية المسجلة للمهاجرين.
من جانبه استعرض أحمد موسى تجربة مؤسسة صناع الحياة منذ نشأتها وأنشطتها، مشيرًا إلى التعاون بين الجمعية والاتحاد الأوروبي خاصة في مجال التنمية فضلًا عن مشروع التطوع وإعادة الدمج للعائدين من الخارج والذي يقدم الكثير من الخدمات القانونية والدعم النفسي والمشورات الخاصة بإيجاد فرص عمل دائمة.
بدوره استعرض إسلام عبد الجابر دور جمعية الطفولة والتنمية بأسيوط وعملها، حيث تركز جهودها في محافظات الصعيد، من خلال التشبيك مع الجمعيات الأخرى وذلك بهدف تقديم خدمات مباشرة لتحسين الوضع الصحي والتعليمي والبيئي والاقتصادي للفئات الأكثر احتياجًا.
وتحدث محمد رضا عن جمعية صلاح الدين الأيوبي في الفيوم ودورها وأنشطتها المتعلقة بالتدريب المهني وتشغيل الشباب وبالتالي معالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية في محافظة الفيوم.
وفي الختام استعرضت السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر، توصيات المؤتمر حيث عرضت للجهود الحكومية والآلية المؤسسية التي تقوم بها الدولة وهذا جزء جيد للدولة المصرية في التعامل مع الظاهرة.
وأكدت السفيرة نائلة جبر أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية هي ظاهرة دولية وليست محلية، لافتة إلى وجود خطة عمل واضحة لمجابهة هذه الظاهرة ما بين القطاع الحكومي والمجتمع المدني.
وأوصت بمخاطبة الشباب بلغته التي يفهمها لتوعيته من مخاطر الهجرة غير الشرعية، فضلًا عن أهمية دور الإعلام للمشاركة في التوعية بالإضافة إلى العمل الأكاديمي والتعليمي.
كما أوصت بضرورة الاهتمام بخطط التنمية لأنها السبيل الرئيسي للقضاء على مسببات الهجرة غير الشرعية، مع الاهتمام بعملية إدماج الأشخاص الناجين من حوادث الهجرة غير الشرعية في المجتمع.
وطالبت بدعم مصر كونها دولة مستقبلة للهجرة حيث يعيش نحو 6 ملايين مهاجر في أرض مصر.